رياض سلامه… الايقونة المزيّفة

في السنوات الماضية نشأت في لبنان جوقة من الانتهازيين، ماسحي الجوخ، المسترهنين لمصالحهم الخاصة، ضمّت اصحاب مصارف، خبراء اقتصاديين، ماليين، محامين، صحافيين واعلاميين، مهمتها الترويج لرياض توفيق سلامه، وتعداد مآثره وانجازاته. وكانت حماسة اعضاء هذه الجوقة تزداد مع كل جائزة دولية يحصل عليها، سواء كانت مدفوعة الثمن او غير مدفوعة، وبلغ بهم التزلّف حدّ تلقيبه بـ”ايقونة النقد اللبناني”. وكان واضحا ان هؤلاء تعاملوا معه على طريقة: “انكلزلي بانكلزلك”، اي: “كلما اجزلت لنا العطاء، نزيدك مدحا، وتبخيرا”. وهكذا “تطاوس” رياض بن توفيق، وتغطرس، وامعن في سلوكه الذي انطوى على شيء كثير من الالتباس، فأخفى على الناس وطمأنهم بمزاعم خادعة، ودندلهم، واتبع اساليب الملتوية، وحابى اصحاب المصارف، ووفر لهم هندسات ماليّة ضاعفت موجودات مؤسساتهم. كل ذلك لا يعدّ شيئا قياسا الى دعم الطبقة السياسية الموالية والمعارضة له، عدا بعض الهيئات الروحيّة، الاقتصادية والاهليّة. ومَن مِنَ اللبنانيين ينسى كيف هرع سيد بكركي الى قصر بعبدا محذرا من المسّ بابن توفيق الذي دخل نادي الخط الاحمر الى جانب فؤاد السنيوره الذي أُلقيت عليه حماية دار الافتاء.
ان العلاقة الشبكيّة التي نسجها سلامه مع الروحيين والسياسيين واصحاب النفوذ في لبنان، هي مصدر حمايته ، لكن هذه الشبكة تتداعى، ولن يعود بامكانها حمايته.
المضحك-المبكي في آن، ان رياضا بن توفيق يتمسكن، ويقول انه كان ينفذ سياسة الدولة في دعم الليرة والسلع وتمويل مدفوعات يجتنب تسميتها.
كان بامكانه ان يرفض ويفرض ايقاعه، لو لم يكن الطموح الرئاسي يدغدغ مخيلته. كان مستعدا لأي امر يدفع به الى قصر بعبدا، ولو على حساب الخزينة.
يتمسكن سلامة، لكن تمسكنه في غير مكانه. هو بموجب قانون النقد والتسليف، حاك مصرف لبنان وليس مديره العام او رئيس مجلس ادارته هو اعلى سلطة مالية في البلاد، يكفي ان يقول لا في حينه لتتوقف اللعبة الجهنمية. لكن لمثل هذا الموقف يقتضي “رجلا رجل” فمن اين نأتي به؟!. عندما يُحكى عن الرجال “يللي عندهم ركاب” نذكر حاكم مصرف لبنان الراحل ادمون نعيم الذي رفض توقيع معاملة مصرفيّة اشار بها عليه الرئيس الأسبق الراحل الياس الهراوي، ووزير الداخلية الياس الخازن لشكّه في مقاصدها، وارتيابه بهدر يشوبها، وقاوم رجال قوى الامن الداخلي الذين ارسلهم الخازن باحضاره للمثول امامهم، وبقي في مكتبه. يومها تصرف نعيم كحاكم وليس كموظّف، لانّ لعبة المال والسلطة لم تكن تعنيه، وإنْ عنَته نوعا ما، فانها لم تُعْمِهِ. كان حاكما ولم يكن مجرد “كامبيست”.
تطول لائحة المستفيدين من الحاكم بأمر مال الناس الذي بدده عليهم، لكي تظل المباخر شغالة، مسبحة بحمده، مادحة “خوزقته” للبنانيين.
اما آن الوقت لهذه الايقونة المزيّفة ان تنسحب من حياة الوطن، اذا كانت لن تفرمل مغامراته العابثة، ولو اقتضى به الامر الى فضح الذين ينطبق عليهم قول “لقّم الجيبة، يستحِ اللسان والقلم”… اخبر اذا كنت حاكما رجلا.

مازن حسين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.