الجديد: الليونةَ تَطبَعُ المرحلةَ من قبلِ الجميع

رأت الجديد أن حركةَ الملاحةِ الحكومية بدأت رحلةَ الإقلاعِ من جديد وبلا تعويلٍ على طيرانٍ آمن، وقالت في مقدمة نشرتها: تبلَّغت دوائرُ الحُكم بريدًا فرنسيًا فاتيكانيًا روسيًا مثّلثَ الأضلع يَحمِلُ رسائلَ تستعجلُ التأليف، ولعلّ أكثرَها تشفيراً تلك التي أبرقَ بها الرئيسُ الفرنسيّ ايمانويل ماكرون مِن على ظهرِ دبابةٍ عسكرية، فاستقبالُه قائدَ الجيش العماد جوزيف عون في قصر الإليزيه شكّل إنزالاً سياسيًا على شواطئِ النورماندي اللبنانية، وعلامةُ اللقاءِ الرئاسيِّ العسكريّ بدأت تُقرأُ بياناتُه السريةُ في بيروت. والمُرمّزُ من هذا الاجتماع أنّ ماكرون ضَرب عوناً بعون، وحَرَصَ على كسرِ الأعرافِ واستقبالِ شخصيةٍ عسكريةٍ مرقّطةٍ بميولٍ رئاسية، ومِن خلالِها ثبّتَ الموقفَ بأنْ شكِّلوا حكومةً تُجري إصلاحاتٍ بُنيوية. وفي إشارةٍ سياسيةٍ واضحةٍ حَرَصَ الاليزيه على تسريبِ أجوائِه الى الصِّحافيين قائلاً إنّ بلادَه ترى أنَّ المؤسسةَ العسكريةَ العمادُ الحقيقيُّ لأمنِ لبنان. أما الرسائلُ ذاتُ الحِبرِ السياسيِّ الأعظم، فقد وصلتْنا عبرَ الحَبْرِ الأعظم عندما جدّد البابا فرنسيس صلاتَه لكي تدعمَ روحُ الحكمةِ رئيسَ الجُمهورية ميشال عون ومعاونيه وتُضيءَ لهم سبلَ قيادةِ لبنانَ على دروبِ السلامِ والحريةِ والهناء. لا تحتاجُ هذه الأسطرُ إلى تأويلٍ وتفسير، فالصلاةُ من أجلِ أن تدخُلَ روحُ الحكمةِ الرئيسَ ومعاونيه تَعني بمعادلةٍ حسابيةٍ أنّ هذه الروحَ غائبةٌ عن رئيسِ الجُمهوريةِ ومفقودةٌ لدى معاونيه. البابا يصلّي لإبعادِ الأرواح ِالشريرة، فيما روسيا تدوّنُ في مَحضَرِ التيار، وعبْرَ لقاءِ ميخائيل بوغدانوف، مستشارَ رئيسِ الجُمهوريةِ اللبنانية للشؤونِ الروسية أمل أبو زيد بضعةَ أسطرٍ تؤكّدُ فيها مواصلةَ الجهودِ لتشكيلِ حكومةٍ لبنانيةٍ جديدةٍ برئاسةِ سعد الحريري بهدفِ تجاوزِ الأزْمةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ في لبنانَ في أسرعِ وقتٍ ممكن. ومن بينِ الرسائلِ الثلاث فإنّ لبنانَ دَخل “عصرَ الصّداقةِ” المكلّفةِ أن تكونَ وسيطاً لتأليفِ الحكومة وبحذفِ إجابتَينِ عن وزيرَين مسيحيَين، أصبح نبيه بري الأمينَ العامَّ للحلِّ بتكليفٍ شرعيٍّ مِن السيد حسن نصرالله، وأولُ مَن لبّى نداءَ الواجب لنصرالله كانَ الرئيسَ فؤاد السنيورة الذي هُرِعَ إلى عينِ التينة لإجراءِ صلاةِ الاستسقاءِ الحكومية. وعلى المِنصةِ المَيدانيةِ لحِزبِ الله فقد تحرّكَ موفدوهُ باتجاهِ حليفِه المسيحيِّ للقاءِ رئيسِ الجُمهوريةِ ميشال عون والنائب جبران باسيل بهدفِ الحصولِ على التنازلاتِ وتسهيلًا للتأليفِ وتذليلِ العُقَدِ المتبقية ولعلَّ أبرزَها تسميةُ الوزيرينِ المسيحيينِ من خارجِ حِصةِ الأحزاب. وحتّى الساعةِ فإنّ الليونةَ تَطبَعُ المرحلةَ من قبلِ الجميع وبينَهم الرئيس سعد الحريري الذي ما عادَ رافضاً لفكرةِ إعدادِ مُسَوَّدةٍ حكوميةٍ معدّلةٍ يناقشُها معَ رئيسِ الجُمهورية، لكنْ لم يُعرَفْ بعد إن كان الرئيسُ ميشال عون سوف يفحصُ هذهِ التشكيلةَ مِن خلال “سكانر” المعاونين المعطِّلة، كحالِ تلك التي تزيّنُ الحدودَ البرية، وبموجِبِه فإنّ حركةَ الملاحةِ الحكومية بدأت رحلةَ الإقلاعِ من جديد وبلا تعويلٍ على طيرانٍ آمن، فيما سجّلت حركةُ الملاحةِ الجوية اليومَ عودةَ طائرةٍ هبَطت على سُلّمٍ موسيقيٍّ بعدَ شهرٍ ونِصفٍ مِن الاحتجازِ والنّشازِ السياسيِّ الذي رافقَها سمير صفير، حرًا في بيروت بريئاً مِن دمِ هذا الرمان هو اختار ألا يستقبلَه على أرضِ المطار إلا أولئك الذين اختبرَهم في “لحن الوفاء” وبينَهم الشاعر نزار فرنسيس وبعضُ الأصدقاء. عودةُ صفير كانت مصحوبةً بفعلِ ندامة يتركُ علاماتِ الأسى، وربما يخبّىءُ ” بحصة” سيتلوها في لحنٍ آخر، لكنَ الاكثرَ حزناً هو وشايةُ الناس من ابناءِ بلدِه الذين يقدّمون الاخبارياتِ عن مواطنيهم لقاءَ الرضا السياسي عنهم، وصفير لم يخطئ يومًا عندما وصفهم “بناس بالقدم بتنداس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.