الجديد: وفي لحظةِ إضراب ضاعت البُوصَلة

أشارت الجديد أنّ مكوِّناتِ السلطةِ التي خرَجت الى الشارع تطالبُ بتشكيلِ الحكومةِ، هي نفسُها من يعطّلُ تأليفَ الحكومة، وقالت في مقدمة نشرتها: في أغربِ ظاهرةٍ لبنانية، تظاهرةٌ بالمقلوب يَصلُحُ لها شِعارْ “النظام يريد إسقاط الشعب”، فقد جرى السطوُ على تاريخِ التظاهر فُحدّدَ السابعَ عَشَرَ موعداً لتحرّكٍ نِقابيٍّ غلّفه الاتحادُ العماليُّ العامّ بمطالبَ حكوميةٍ، وجرى حشوُهُ بالأحزابِ الممثّلةِ في السلطة. وفي نهارٍ واحدٍ استعاد الاتحادُ العماليُّ صورتَه “المطلية” بالسياسةِ والمصادرةَ سلطوياً والمُفرِّخةَ نِقاباتٍ على أساسِ التوزيعٍ اللبنانيِّ بتوازنِه وميثاقيتِه وأعرافِه، وتظاهرَ الجلادُ ضِدَّ ضحيتِه. لكنّ الأكثرَ غرابةً أنّ مكوِّناتِ السلطةِ التي خرَجت الى الشارع تطالبُ بتشكيلِ الحكومةِ، هي نفسُها من يعطّلُ تأليفَ الحكومة، وأنّ الاتحادَ المُنضويَ على تياراتٍ سياسيةٍ توحّدَ ضدَّ السياسيين، ولم نعدْ نعرفُ خيرَ هذا من شرِّ ذاك. وفي لحظةِ إضراب ضاعت البُوصَلة، أمل والتيار ضِدّانِ لا يلتقيان إلا تحتَ جَناحِ النِقابات، المستقبل تَجَنّدَ طلباً للتأليف، والاتحادُ العماليّ اشتغل مندوباً لدى السلطة، وحدَه الجُمهورُ كان في مقاعدِ المراقبةِ واحتجَب عن الظهورِ في الشارع الا على منصاتِ وسائلِ التواصلِ التي شهِدت أرفعَ مستوياتِ السخريةِ من سلطةٍ أصيبَت بانفصامِ الشخصية. ولم ينتهِ جنونُ النهارِ حتّى تغذّى بِطاقةٍ سلبيةٍ من وزيرِ الطاقة ريمون غجر الذي أدلى بأكثرِ التصريحاتِ المعبّدةِ لطريقِ جَهنّمَ، وقال مِن مجلسِ النواب: “بدنا نتعود ونقتنع انو الدعم رح ينتهي، الناس المقتدرين لازم يدفعوا حق المواد. الي ما بيقدر يدفع حق التنكة ميتين الف ليرة حيبطل يستعمل سيارة بنزين، حيستعمل شي تاني”، ولم يحدِّدْ وزيرُ الطاقةِ ما هو الشيءُ الثاني الذي يستعملُه المواطنون، وما إذا كانت “النصيحةُ هذه المرة بجمَل” كلن يعني كلن عندن سيارات والشعب عندو اكتر من “حمار” يَحكُمُه ويصرّحُ باسمِه ويرسُمُ له خريطةَ طريق يقودُها طقمٌ سياسيّ من “العلوج”. وعلى الحافرِ السياسيِّ نفسِه فإنّ أصواتَ الزعماء خفَتَت بعد النوافرِ في البياناتِ يومَ أمسِ، ولُزّمتِ التصريحاتُ إلى الصفِّ الثاني على مستوى نوابٍ وما دون، لكنَ الأزمةَ بقِيت على عُقدتِها والتأليفَ المخطوفَ بدأَ يبحثُ عن طُرُقٍ أخرى تبرّرُ استمرارَ خَطفِه. وطِبقاً لما كشفَه النائب جورج عطالله من تكتّلِ لبنانَ القويّ فإنّ رئيسَ الجُمهورية سيُطلِقُ مبادرةً أخرى في الأيامِ المقبلة تتخطّى الرسالةَ إلى مجلسِ النواب أو كلمةً توجّهُ الى اللبنانيين، والرئيسُ لن يبقى منتظراً، ولم يكشِفْ عطالله مضمونَ هذه المبادرة لكنّ توقيتَ طرحِها لا يَدُلُّ إلا على ترسيمِ حدودٍ جديدةٍ تَحمي رئيسَ التيارِ جبران باسيل الى آخرِ العهد، وبعدَها لكلِّ حادثٍ “رئيس”. وفي مرحلةِ تجميعِ القُوى لطاولةِ حوارٍ منتظرةٍ يرتّبُها رئيسُ الجُمهورية على شرفِ “فخامةِ الصِّهر”، فإنّ كلَّ شيءٍ معطّلٌ في الدولةِ إلا مؤسسةَ الجيشِ التي نأت بنفسِها عن الصراع، ولها كان المؤتمرُ الدَّوليُّ بهدفِ المساعدةِ بتنظيمٍ فرنسيّ. ومن مؤتمرِ الدوحةِ العربي الى المشاركةِ الافتراضية في مؤتمرِ مساعدةِ الجيش، كانت وزيرةُ الدفاع والخارجية بالوَكالةِ زينة عكر دولةً تتحرّكُ وسَط َسلطةٍ قرّرت إطفاءَ محرّكاتِها معلنةً استسلامَها ورافضةً تصريفَ الاعمال، وقالت عكر إنّ الجيش اللبناني يَرزحُ تحت العِبءِ نفسِه معَ الشعب فقدرتُه الشرائية تتلاشى، ويحتاجُ إلى دعمٍ فعليّ ليستمرَّ في أداءِ مَهامِّه. واستَكملَ قائدُ الجيش جوزف عون التنقيبَ عن سُبُلِ المساعدة، وقال إنّ المؤسسةَ العسكرية ضمانةُ استقرارِ لبنان والمِنطقة، وإنَّ المسَّ بها سيؤدّي إلى انهيارِ الكِيانِ اللبنانيّ وانتشارِ الفوضى. الجيش يَطلُبُ العون والسلطةُ تستمرُ في نزيفِ الوقت والأحزابُ تتعمشقُ على الاتحادِ العمالي لإسقاطِ نظام الشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.