الجديد: مشهدُ الحصاناتِ عاليةِ السُقوف السياسية تقودُ إلى نهايةٍ مأساويةٍ ثانية ستَنتهي بتقديمِ التعازي لذوي الضحايا “وألله بيعوّضكن”، وسلامة مَن بَقِيَ حياً وقامَ من بينِ الدمار
أشارت الجديد أنّ القيّمين على حُكمِ البلد قد اتَخذوا من ادعاءاتِ القاضي بيطار شرارةً لإشعالِ الحروب فيما بينَهم وتسديدِ اللَكَماتِ السياسية وخوضِ آخِرِ معاركِ تأليفِ الحكومة تحتَ وهجِ آب اللهّاب، وقالت في مقدمة نشرتها: من صفحاتِ لبنانَ السُود أنّ “جوري” بَلغت سِنَ الموت في عمرِ الأشهرِ العشَرة، وأنّ وردةً غَفَتْ في الطريق بين المستشفى والعناية، وأياً كانتِ الأسباب فإنّها رمزُ بلدٍ مرتفِعِ الحرارة، مُنخفِضِ المعالجة والقيمة، وأن صِحةَ الناس ستكونُ القلقَ اليومي في غيابِ مظاهرِ الدولة. لقد أَوعزت وِزارةُ الصِحة بفتحِ تحقيقٍ في ملابساتِ وفاة الطِفلة جوري السيد، وعلى هذا المِنوال فإنّ نظامَ فتحِ التحقيقات يتذكّرُه اللبنانيون منذُ جريمةِ الرابع من آب حيث وُعِدَ أهالي الشهداء بأيامٍ خمسة لمعرفةِ الحقيقة، ولمّا سطّر قاضي التحقيق استدعاءاتِه قامتِ الحصاناتُ ولم تَقعُد، وهي المعركةُ المستمرةُ المفتوحة على كلِ ادعاء، فيما المدّعى عليهم تحصّنوا بعَباءةِ مرجِعياتِهم السياسية. ومشهدُ الحصاناتِ عاليةِ السُقوف السياسية تقودُ إلى نهايةٍ مأساويةٍ ثانية ستَنتهي بتقديمِ التعازي لذوي الضحايا “وألله بيعوّضكن”، وسلامة مَن بَقِيَ حياً وقامَ من بينِ الدمار، وكلُ ذلك فِدا مَن يَحكُمُ الوطن وحتى لا يُصابُ أيُ مسؤولٍ أو نائبٍ أو وزيرٍ بأذى، ولنَحمِدِ الرَبَّ أنّ المسؤولين لم يَفْجُروا أكثر ويَذهبوا باتجاهِ اتهامِ الضحايا بتفجيرِ المرفأ بأنفسِهم وأن يَرتكبوا حماقةً بتوجيهِ التُهمة إلى أهالي الجميزة ومار مخايل والأشرفية بإشعالِ شرارةِ التلحيم والتحرّشِ بنتيرات الأمونيوم. قدّرَ الله ولَطَف، لاسيما أنّ القيّمين على حُكمِ البلد قد اتَخذوا من ادعاءاتِ القاضي بيطار شرارةً لإشعالِ الحروب فيما بينَهم وتسديدِ اللَكَماتِ السياسية وخوضِ آخِرِ معاركِ تأليفِ الحكومة تحتَ وهجِ آب اللهّاب في الاعتذار وتقديمِ تشكيلةِ الفرصة الأخيرة. وعلى ضوءِ لهبِ المرفأ يَجري الإعدادُ لقرارٍ ظَنيٍ سياسي بعدما استَشعرَ التيارُ الوطني الحر بقيادة جبران باسيل أن إيجابياتٍ قد تَظهرُ في ما سُمّي الفرصةَ الأخيرة، والتي تُحيط بها عواملُ عدة: من بينها دعوةُ روسيا إلى الرئيس الحريري لأنْ يبقى مكلفاً، وزيارةُ الحريري وهو في مَنصِبِ التكليف إلى القاهرة ولقاؤُه الاربعاء الرئيسَ المِصري عبد الفتاح السيسي وسَطَ تأييدِ القاهرة لثَباتِ الحريري على صمودِه من دونِ اعتذار. وبناءً على معطياتٍ إقليميةٍ دولية وزيارةِ مِصر، دَخلَ باسيل “بسَدّ نهضة” من الفَرعِ الإثيوبي لاعباً في “نيل” التأليف، ونَجحَ الرجلُ في استدراجِ تيارِ المستقبل إلى المياهِ العَكِرة وإلى استصدارِ بيانٍ “منيّل” أزرق جاء بطابَعٍ مقزّز ولا يَرقى إلى مستوى المُكلَفين تشكيلَ حكومات. وحربُ التيار معَ الحريري لم يَخُضْها جبران بمفردِه، بل كان يتّكأُ على فائضِ قوةِ الدعم لدى حزبِ الله الذي تَوجّسَ بدورِه من حَراكِ السفيرتين السعيدتين إلى الرياض. وتُقدِّمُ السفيرتان غداً أوراقَ زيارةِ المملكة إلى السفير السُعودي في لبنان وليد البخاري في لقاءٍ ثلاثي يُجري تقييماً لمحادثاتِ المملكة والبخاري الذي يَفتتحُ نهارَه بشيا وآن غريو، يَختتمُه معَ سمير جعجع في معراب حيث يُعقدُ مؤتمرٌ صِحافي حَمَلَ عُنوان “إعادة تصديرِ الأمل” بحضورِ شخصياتٍ اقتصاديةٍ وزراعية. وجعجع الذي يُصدّرُ الأملَ زراعياً، إنما أَخفى محاصيلَه سياسياً وأَحجمَ عن المشاركة في القِطاف أو في زرعِ أملٍ حكومي، ومَنحَ بذلكَ العهدَ حصريةَ حقِ التعطيل بذريعةِ الحِفاظ على حقوقِ المسيحيين. فاستئثارُ جبران بالحقوقِ اليوم كان بسببِ دورِ جعجع السلبي بالأمس، فألغى كتلتَه النيابية من المفاوضات وتمنّعَ عن المشاركة في الحلّ لوطنٍ يموتُ يومياً، وراح يَحصُدُ المحاصيلَ الرئاسية من حالِ إصرارِه على زرعِ نبتةِ الانتخاباتِ النيابيةِ المبكّرة، ومنذُ ذلك الحين صار السببُ في عدمِ تأليفِ الحكومة هو عدمُ رَغبةِ السُعودية في دعمِ الحريري. تمسُّكُ جعجع “بانتخابات حتماً” كحالات التي لم تكُن يوماً حتماً، عطّلَ الحكومة وجرى نَسْبُ التعطيلِ إلى السعودية. وفي الزراعاتِ البديلة، وفيما تَردّدَ أنّ وفداً فرنسياً رفيعاً سيَصِلُ إلى بيروت غداً، عُلِمَ أنّ هذا الوفدّ هو وِزاريٌ تجاري سيَضطّلعُ بمُهمةِ فصلِ القمح في مرفأ بيروت عن موادَ حديدية ولا علاقةَ له بالتكليفِ والتأليف الذي يبدو حتى الساعة “مجرّدَ زيوان”.