جائحة الإنفلونزا الآسيوية عام 1957

تفشى وباء الحمى الآسيوية -الذي يطلق عليه أيضا جائحة الإنفلونزا الآسيوية- بداية فبراير/شباط 1957 في شرق آسيا، آتيا من مدينة قويتشو في الصين، ثم انتشر في موجتين حادتين إلى سنغافورة، وبعدها إلى هونغ كونغ ثم أوروبا، حتى وصل الولايات المتحدة، وتسبب في وفاة مليون إلى مليوني شخص تقريبا.

تعد الإنفلونزا الآسيوية ثاني جائحة إنفلونزا تحدث في القرن الـ20، بعد جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، التي قتلت أكثر من 40 مليون شخص، ولحقتها جائحة أخرى متطورة من فيروسها، وهي “إنفلونزا هونغ كونغ” عام 1968، التي أودت بحياة مليون شخص.

يعرف الفيروس المسبب للإنفلونزا الآسيوية باسم الفيروس “إيه” (A) الآتي من النوع “إتش 2 إن 2″ (H2N2)، وأظهرت دراسة أنه تحور من مجموعة لأنواع متعددة من إنفلونزا الطيور والإنفلونزا البشرية، واختفى عام 1968 بعد تطوره لنوع جديد من الإنفلونزا عرفت بـ”إنفلونزا هونغ كونغ”.

مرضى ينتظرون فحصهم في عيادة هارلم الصحية في نيويورك للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس الحمى الآسيوية
مرضى ينتظرون فحصهم في عيادة هارلم الصحية في نيويورك للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس الحمى الآسيوية

تاريخ الحمى الآسيوية

في الأشهر الأولى من شتاء عام 1957، بدأت الموجة الأولى من التفشي في الصين والمناطق المحيطة بها، وكانت سنغافورة أول من أشار لتفشي الوباء في فبراير/شباط من العام ذاته.

وكان أول تعليق نبّه على انتشاره عالميا ما ذكرته صحيفة “تايمز” (The Times) في 17 أبريل/نيسان عن إصابة الآلاف في هونغ كونغ و100 ألف في تايوان ووجود مليون حالة في الهند.

وبحلول يونيو/حزيران 1957، تخطى الفيروس القارة الآسيوية واصلا إلى الولايات المتحدة وأصاب عددا قليلا من الناس، ثم بدأ بالتفشي بشكل كبير بين طلاب المدارس بداية السنة الدراسية، ثم انتقل إلى كبار السن والنساء الحوامل بداية أغسطس/آب.

في نوفمبر/تشرين الثاني 1957، بدأت الموجة الثانية بالانتشار في أوروبا، وكانت أشد من سابقتها، وعانت المملكة المتحدة تحديدا من ارتفاع نسبة الوفيات التي وصلت بحلول ديسمبر/كانون الأول إلى 3500، وارتفعت إلى أكثر من 69 ألف حالة وفاة في ديسمبر/كانون الأول.

وحتى بداية عام 1958، قدر عدد المصابين من سكان المملكة المتحدة وحدها بنحو 9 ملايين شخص، وكانت معظم الإصابات لدى الأعمار بين 5 إلى 39 سنة، 49% منهم بين سن 5 سنوات إلى 14 سنة، ولوحظ أن بداية الإصابات بدأت من طلاب المدارس وانتشرت بعدها للأفراد المخالطين لهم، كالآباء والمدرسين والأطباء.

طلاب من جامعة ماساشوستس محجورون إثر إصابتهم بالإنفلونزا الآسيوية داخل قاعة الرقص بمبنى اتحاد الطلاب
طلاب من جامعة ماساشوستس محجورون إثر إصابتهم بالإنفلونزا الآسيوية داخل قاعة الرقص بمبنى اتحاد الطلاب

أعراض الإنفلونزا الآسيوية

اختلفت حدة الأعراض التي عانى منها المصابون، فمنهم من كانت أعراضه طفيفة تمثلت بسعال خفيف وحمى بسيطة، ومنهم من عانى مضاعفات هددت حياته بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد.

يقول الطبيب البريطاني روبرت سيمبسون إنه لاحظ أن المرض يمر إما بمرحلتين أو ثلاث، وغالبا ما تزيد خطورته في المرحلة الثانية التي تبدأ في اليوم الثاني وتستمر لأسبوعين.

وتعد الأعراض الأكثر شيوعا هي:

– سيلان الأنف
– رجفة وقشعريرة
– التهاب الحلق
– كحة
– ألم في الأطراف عند البالغين
– صداع عند الأطفال
– حمى مرتفعة
– رعاف الأنف، خاصة عند الصبيان
– فقدان الشهية
– صعوبة في التنفس

ويضيف سيمبسون أن 3% من الحالات التي مرت عليه أصيبت بمضاعفات وصلت للالتهاب الرئوي أو التهاب الشعب الهوائية ومشاكل في القلب، بينما 0.3% من الإصابات انتهت بالوفاة.

طبيب يعطي لقاحا ضد الإنفلونزا الآسيوية لموظفي صحيفة دينيفر بوست
طبيب يعطي لقاحا ضد الإنفلونزا الآسيوية لموظفي صحيفة دينيفر بوست

اللقاح

كان الطبيب الأميركي موريس هيليمان يعمل بمؤسسة والتر ريد العسكرية للبحوث عام 1957، واختص فيها بأمراض الجهاز التنفسي وتفشي الإنفلونزا وتحور الفيروسات، وبعدما شاهد تقريرا نشرته “نيويورك تايمز” (The New York Times) عن صور لأطفال مصابين بالفيروس في هونغ كونغ أدرك على الفور أن الإنفلونزا ما هي إلا بداية جائحة يجب احتواؤها بسرعة.

فطلب هيليمان إرسال عينات من الفيروس إلى شركات تصنيع الأدوية بالولايات المتحدة على وجه السرعة حتى يتسنى لها إنتاج لقاح للوباء، فابتكر لقاحا جديدا قبل وصول الفيروس إلى أميركا، فأسهم في الحد من انتشاره وعلاجه بشكل أسرع.

ومع أن 70 ألف شخص قضوا في أميركا، إلا أن التقديرات تقول إن حصيلة الوفيات هناك كان من الممكن أن تصل إلى مليون شخص لولا اللقاح الذي نصح هيليمان بتصنيعه، وفقا لـ”واشنطن بوست” (The Washington Post).

المصدر: إندبندنت / الواشنطن بوست / مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.