الخطيب: استخراج ثروات لبنان النفطية خشبة خلاصه وتحريرها من القرصنة الاسرائيلية والاجنبية واجب وطني
ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، كلمة الحفل التأبيني الذي اقيم في بلدة لبايا، بحضور حشد من الشخصيات والفعاليات السياسية والاجنماعية والتربوية وعلماء الدين ومواطنين.
وقال الخطيب: “في البداية اتقدم من اصحاب العزاء بالمواساة سائلا المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يمن عليه بالمغفرة وشفاعة سيدنا رسول الله وقال تعالى (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون)، ومضمون الاية المباركة خطاب موجه للمؤمنين بلزوم التقوى بمراعاة اوامر الله تعالى ونواهيه وعدم العصيان والمخالفة لها وان يعمل الانسان لأخرته ويهيء نفسه لذلك اليوم، ولقاء الله حيث ان ليس للانسان في ذلك اليوم الا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم كرر الدعوة الى التقوى وانه خبير بما نقوم من افعال في هذه الحياة، وهو تحذير لنا بان ما نقوم به حاضر عند الله وهو مطلع عليه غير خاف عنه وهو تحذير لنا من العصيان والمخالفة وتذكير لنا حين يخاطبنا كمؤمنين بان نلتفت الى مقتضيات هذا الايمان من الحساب والثواب والعقاب، والا يغيب ذلك عن اذهاننا وننشغل عنه بما لا ينفعنا او يضيع علينا ما به فلاحنا ويؤدي بنا الى الخسران حيث لا مجال للتعويض، فهي فرصة اما ان تربحها او ان تخسرها ومنحت فيها الوقت الكافي لاعادة النظر والاعتبار مما شاهدت وعاينت، فلم يترك لك بعد ذلك ان تتعذر بأي عذر بإعراضك عنها، وكان الاجدر بك ان لا تضيع هذه الفرص باللعب واللهو والاهتمام بالزائل من الامور على حساب الاهم الذي فيه مصيرك وحياتك الحقيقية التي صناعتها ملك يديك، وهذا التذكير والتحذير هو رحمة من الله تعالى لنا لان مشاغل الحياة وهمومها قد تنسينا ذلك اليوم مع ان الذي يجب ان يكون شغلنا الشاغل هو المصير الذي اعد لنا فنعد له العدة”.
أضاف: “هذا هو ايماننا ان الحياة الدنيا مهما امتدت فهي زائلة وقصيرة مهما بلغت ومهما بلغت اغراءاتها فهي تمضي بكل متاعها ومصائبها وتعيش اللحظة التي انت فيها فنحن نعيش زوالها لحظة بلحظة وهي لا تستقر على حال متغيرة من حال الى حال فهي ان امعنا النظر تستدعي منا الخوف والحذر والا نركن اليها، اذ كيف نركن اليها وهي على هذا الحال من عدم الاستقرار فما ان تضحك لك حتى تحزنك وسعادتها ممزوجة بالشقاء ولذلك يسمي امير المؤمنين من يركن اليها بالمغرور يقول (فالمغرور من غرته) ثم يخاطبها بقوله (اليك عني غري غيري فعيشك قصير وخطرك يسير)ِ.
وتابع: “هذا هو ايماننا تحكمنا هذه الثقافة التي يجب ان نحاكم الامور ونتخذ الموقف منها على اساسها فنحن نحمل مشروعا ورؤيا ايمانية واضحة للحياة في مقابل رؤى اخرى تتعارض مع ايماننا وحين نريد ان نحاكم فكرة ما او ننتقدها يجب ان نحاكمها وفق القواعد التي امنا بها وليس وفق موازين اخرى تتعارض مع ايماننا وثوابتنا ورؤانا، فلا يصح بل لا يجوز ان نحاكم الفكرة او الدين ونحكم عليه من خلال ممارسة شخص ينتمي اليه او من خلال تجربة جماعة اوفئة او ان نعمم الحكم من خلال شخص الى الجماعة التي ينتمي اليها وهذا امر شائع للاسف، او من خلال فئة الى الدين او من خلال نظام يرفع شعار الدين الى الحكم على الفكرة او على الدين، وهذا الاسلوب خاطىء وغير منطقي يقول الله تعالى (ولا تزر وازرة وزر اخرى ) وهذه احدى القواعد التي وضعها الله لتصحيح هذا السلوك. وفي ذلك اوضح امير المؤمنين هذه المسألة في مقولته المشهورة لا يعرف الحق بالرجال بل يعرف الرجال بالحق اعرف الحق تعرف اهله. ولذلك لا يمكن الحكم على الدين من خلال ممارسات بعض المتدينين كما لا يصح الحكم على الدين من خلال ممارسات انظمة الحكم السياسي والعكس هو الصحيح، والقياس يجب ان يكون مقلوبا فالممارسات تعرض على الدين، والرجال والانظمة هي التي يحكم عليها بالصحة والخطأ بمقدار مراعاتها لاحكام الدين، على ان من يقوم بالمحاكمة ويصدر الاحكام يجب ان يكون على دراية باحكامه وفهم مبانيه وغاياته لا ان يعتمد على ادعاءات اعدائه او المغرضين او الجهلة بحقائقه كما يتعامل مع الدين اليوم، ان تصحيح هذا المسار وجعل الميزان في طريقة الحكم على الامور امر ضروري للوصول الى الحقائق”.
وأشار الى ان “اتخاذ الحق مقياس وقاعدة للسلوك واتخاذ الموقف هو الذي يبعث على مواجهة العدوان والظلم ويحقق العدالة والامن والسلام والحياة الحرة والكرامة لانه بمنطق الايمان والواقع ان القوة للحق المنتصر دائما والهزيمة لاصحابه انما تقع حينما يتخلون عنه وتتعلق قلوبهم بالدنيا ويسيرون وراء الباطل ويسلكون سبيله، وهذه حقيقة قرآنية ثابتة قال تعالى (وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا) لقد هزم الشعب اللبناني امام الفساد ولانه سلم للمفسدين وسايرهم وقبل بهم وشاركهم فسادهم وليس لان الفساد اقوى الانقسام الطائفي فسادا وقبل الغالبية من اللبنانيين الطائفية وما زالوا رغم كل ما اوصلتهم اليه، فهم متمسكون بها ويدافعون عنها. والعرب لم يهزموا امام الغرب وربيبتهم اسرائيل لانها الاقوى تسليحا ولان العالم يقف خلفها ولان موازيين القوة المادية مختلة لصالحها وانما لاختلال المعايير والمفاهيم عند العرب والا فكيف استطاعت فئة قليلة ان تبدل الصورة وتغير المعادلة بينما الاغلبية الساحقة هزمت امام العدو واستسلمت لارادته مع ان ظروف نشأة المقاومة كانت اصعب فهي محاصرة اعلاميا وسياسيا وماليا بينما العدو تفتح له كل ابواب الدعم من العالم”.
أضاف: “ان السبب هو ما قاله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله)ان عنصر النصر هو في وجود قضية محقة شرطه الايمان والصبر والاعداد، وعلى هذه القاعدة بنى الامام موسى الصدر استراتيجيته للمقاومة التي حققت من الضعف قوة فقلبت الهزيمة الى نصر والذل الى كرامة وعزة. ان استراتيجة العدو تقوم على ضرب هذه المعادلة بالتلاعب على المفاهيم والتضليل والتشكيك بانجازات المقاومة وان ما انجزته المقاومة من انتصارات لم يكن انجازا لها وانما بسبب عوامل دولية ونسبته الى عوامل اخرى كما حدث في 2000 و2006 او ما يحدث الآن في معركة تحرير ثروات لبنان البحرية واجبار من يقف خلف العدو ويحاصر الشعب اللبناني على كسر هذا الحصار، ان هذه المحاولات الشيطانية في بعض دافعها الابقاء على الفساد الداخلي والاستمرار في سياسة الحفاظ على المنافع الشخصية والفئوية من النظام الطائفي، ولكن استمرار المقاومة وتحقيقها المزيد من الانجازات والانتصارات للشعب اللبناني اضعف منطق هؤلاء امام الرأي العام اللبناني والعربي ولم يبق بيدهم من سلاح سوى الاختباء وراء منطق التخويف الطائفي المزيف الذي يكشف زيفه سياسة الحكمة والمنطق التي تدير بها قوى المقاومة هذه المواجهة مع قوى الامر الواقع. لقد ادت هذه السياسة الى توسع دائرة القناعة بالمقاومة فازدادت شوكة مقاومة الشعب الفلسطيني وبدا العدو الاسرائيلي محاصرا من كل جانب”.
وأكد ان “استخراج ثروات لبنان النفطية خشبة خلاص الوطن مما يتخبط به من أزمات اقتصادية ومعيشية، وتحرير هذه الثروات من القرصنة الاسرائيلية والضغوط الاجنبية واجب وطني يحتم على اللبنانيين الانخراط في المعركة السيادية التي تخوضها الدولة اللبنانية من خلال الموقف الموحد للرؤساء الثلاثة المتماهي مع قرار المقاومة في رفض التنازل عن حقوق لبنان في استثمار ثرواته. من هنا فإن اللبنانيين مطالبون بالتمسك اكثر من اي وقت مضى بالمعادلة التي حررت لبنان واصبحت اليوم ضمانة للنهوض باقتصاده وانقاذه من الانهيار الذي عملت الدوائر الاستعمارية وعملائها لاغراقه في الفوضى والفوضى والفتن”، مشيرا الى “التخبط والارباك الذي يعيشه قادة الكيان الغاصب بفعل الاخفاقات التي لحقت بهم في حروبهم العدوانية على لبنان وسوريا وغزة، مما دفعهم الى اطلاق تهديدات ومواقف انفعالية لحسابات انتخابية سرعان ما تلاشت لمعرفتهم المسبقة ان كيانهم الغاصب دخل في مرحلة خطيرة تهدد وجوده في منطقتنا العربية والإسلامية”.
وختم الخطيب منوها ب”جهود وحكمة العقلاء من مسؤولين ومواطنين حريصين على وحدة الوطن الذين افشلوا مخططات العدو واسقطوا مؤامراته ومشاريع الفتن المتنقلة”.