المعارضة تكثّف مشاوراتها… ميشال معوض مرشح “ثابت ونهائي”؟!

رغم أنّ مؤشّرات أيّ “توافق” لم تظهر حتى الآن، ولو بالحدّ الأدنى، دعا رئيس مجلس النواب لجلسة ثانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول الجاري، راميًا بالكرة مرّة أخرى في ملعب الكتل النيابية، التي لا تزال منقسمة على نفسها، بل إنّ بينها من لم “يحسم” حتى الآن تموضعه، منتظرًا “نضوج” الصورة، وفق ما يقول، أو ربما وقوع “المحظور”، أي الفراغ الرئاسي “المحتّم” برأي كثيرين.

وبانتظار موعد الجلسة التي أثارت “استياء” رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل نظرًا لتوقيتها “غير البريء” في 13 تشرين، بدأ الحديث عن “سيناريوهات” عدّة محتملة، تبدأ من عدم انعقاد الجلسة بالمُطلَق، عبر “تطيير” نصابها من الدورة الأولى هذه المرّة، إذا ما قرّر “التيار” التغيّب عنها، ووُجِد من “يتضامن” معه في موقفه هذا، وتنتهي بأن تكون الجلسة “مستنسخة” عن تلك التي سبقتها، بحيث يتعذّر انتخاب رئيس بنتيجتها.

رغم ذلك، تستعدّ المعارضة لهذه الجلسة بمشاورات يُقال إنّها كثّفتها في الأيام الأخيرة، بعدما مُنِحت الوقت اللازم لـ”التنسيق”، خلافًا للمرة الأولى حين كان الفاصل الزمني بين الدعوة والجلسة ضيّقًا، فهل تذهب بموقف موحَّد هذه المرّة، كما يطمح “عرّابوها”، أم تكرّس انقسامها مرّة أخرى، كما هو متوقع؟ وهل تمضي بترشيح النائب ميشال معوض الذي صنّفه البعض فيها “ثابتًا ونهائيًا”، أم تنتقل إلى “الخطة باء” بعد “إحراق” اسم الأخير؟!.

بالنسبة إلى أحزاب المعارضة الأساسية، أي “القوات” و”الكتائب” و”التقدمي الاشتراكي”، وهي القوى التي تبنّت ترشيح ميشال معوض في أولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، فإنّ اسم الأخير “لم يُطرَح ليُسحَب”، خلافًا لكلّ فرضيّات “الإحراق” التي غزت التحليلات والاستنتاجات التي أعقبت الجلسة الأولى، ولذلك، وطالما أنّ ما من شيءٍ تغيّر عمليًا، فإنّ هذه القوى ماضية بترشيح الرجل، بل تسعى لرفع “رصيده” في الجلسة أو الجلسات المقبلة.

يقول المحسوبون على هذه الأحزاب إنّ اسم معوض اختير بعناية ودراسة، لكونه “الأقدر” على جمع المعارضة بمختلف تكتّلاتها وفروعها، فهو يمتلك كلّ “المواصفات” التي يفترض أنّ جميع قوى المعارضة تتّفق عليها، حتى إنّها وردت في متن “مبادرة الإنقاذ” التي طرحها نواب ما يُعرف بـ”قوى التغيير”، ولو أنّ هناك في المعارضة من يفضّل التعاطي مع هؤلاء النواب “بالمفرّق” لا “بالجملة”، للكثير من الاعتبارات والأسباب.

ولعلّ أهم ميزة لدى معوّض وفقًا للمحسوبين على هذه الأحزاب المعارضة، ويفترض أن يلبّي “شروط” بعض المستقلّين، أنّ اعتباره جزءًا من “المنظومة” لا يستقيم، وهو “المنفتح” على الجميع والذي لم يشارك في أيّ من الحكومات المتعاقبة، إلا إذا كان المطلوب أن يكون “رماديًا” إزاء القضايا الكبرى، وعلى رأسها “حزب الله” وسلاحه، علمًا أنّ معوض كان في فترة من الفترات جزءًا من تكتل “لبنان القوي”، حليف الحزب.

يذهب بعض المحسوبين على أحزاب المعارضة أبعد من ذلك، بالحديث عن “تنازلات” قدّمتها هذه القوى، ولا سيما “القوات”، في سبيل مشروع “وحدة المعارضة”، فرئيس حزب “القوات” سمير جعجع مثلاً صُنّف من قبل الجميع “مرشحًا طبيعيًا” منذ اللحظة الأولى، بعد النتائج التي تحقّقت في الانتخابات النيابية الأخيرة، إلا أنّه آثر التوافق على سواه، تفاديًا لـ”إحراج” أيّ من قوى المعارضة، رغم عدم اقتناعه بالحجج التي تسوقها.

لكن، رغم كلّ ما سبق، ورغم تأكيد أحزاب المعارضة على “ثبات ونهائية” ترشيح ميشال معوض، واقتناعها بالقدرة على رفع رصيده شيئًا فشيئًا ليلامس الأكثرية المطلوبة، يؤكد العارفون أنّ ترشيحه يفتقر إلى “الجدية”، وأنه قبل غيره، يدرك أنّ حظوظه غير عالية، وأنّه في أحسن الأحوال يكرّر “سيناريو سمير جعجع” في الاستحقاق الرئيسي الأخير، حين بقي “مرشحًا ثابتًا”، إلى أن حان وقت “التسوية”، فكان أول من تلقفها.

يقول المتابعون إنّ “عوائق” عدّة تحول دون وصول ميشال معوض إلى كرسي الرئاسة، وتجعل التعاطي مع ترشيحه بوصفه “هامشيًا”، بل مجرّد “هدر للوقت”، أولها أنّ المعارضة لن تتّحد على اسمه، مهما طال أو قصر الزمن، ولو أنّ بعض قواها “تعهّدت” بالتصويت له في حال كان قادرًا على الوصول إلى “رصيد” 65 صوتًا، وهي تدرك أنّ ذلك غير وارد، طالما أنّ النواب المستقلّين، قبل أولئك “التغييريين”، يرفضون دعم ترشيحه.

فعلى الرغم من كل الاتصالات والمشاورات الحاصلة على قدم وساق، ورغم اللقاء الذي عقد في معراب قبل أيام، لا يزال النواب السنّة المستقلّون مثلاً على موقفهم، بانتظار “توافق” يعتبرونه إلزاميًا لإنجاز الاستحقاق، علمًا أنّهم توافقوا على “تسمية” لا “اسم”، كما يقول أحدهم، لوضعها في صندوق الاقتراع في الجلسة المقبلة، ما يوحي باستعراض قد يكون شبيهًا بالجلسة الأولى، حين صوّت هؤلاء النواب لـ”لبنان” بكلّ بساطة، مسجّلين بذلك موقفًا لا يحتمل اللبس.

وعلى الخطى نفسها، يسير نواب “التغيير” الذين يقول البعض إنّ انقسامهم يبقى واردًا أكثر من اتفاقهم على تسمية معوض، خصوصًا في ضوء التسريبات التي تحدّثت عن اختلاف على مقاربة واحدة فيما بينهم، في ظلّ رفض بعضهم فكرة “التصويت” داخل التكتل، وإصرارهم على “الإجماع” للمضيّ بأيّ خيار، ولو أنّ مثل هذا الانقسام يبقى مؤجّلاً إلى حين تدقّ “ساعة الجد”، باعتبار أنّهم سيمضون الآن في خياراتهم “الوسطية”، انسجامًا مع مبادرتهم كما يقولون.

ويبقى “العائق الأكبر” أمام معوض، حتى لو نجح في “توحيد” المعارضين، وحصل على الأصوات الـ65 اللازمة للفوز في الدورة الثانية، وهو أمر أكثر من مستبعَد وفق ما تؤكد كلّ الأوساط السياسية، هو أنّه في هذه الحال سيصطدم بـ”فيتو” قوى الموالاة، التي لن تؤمّن “نصاب الثلثين” المطلوب للجلسة، وفق “الاجتهاد” الذي يتمسّك به رئيس البرلمان نبيه بري، ما يثبت أنّ مرشح المعارضة “الثابت والنهائي” هو في الواقع “مؤقت” بانتظار “التسوية!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.