تداعيات إتفاق الترسيم: تعقيد للملفات الداخلية أم معالجة لها؟!

منذ أسابيع، تراهن العديد من القوى المحلية على التوصل إلى إتفاق مع إسرائيل، حول الحدود البحرية، لرصد التداعيات التي من الممكن أن تنعكس على الملفات الداخلية، خصوصاً أن العراقيل لا تزال تسيطر على المشهد العام، لا سيما على مستوى الإستحقاق الرئاسي، الذي ينظر إليه على أساس أنّه البوابة التي ستقود البلاد إلى مرحلة جديدة.

يوم أمس، كان الجانبان الإسرائيلي واللبناني يتحدثان عن إتفاق تاريخي تم التوصل إليه، بعد أن كادت تطورات الأسبوع الماضي أن تقود إلى “تطيير” النتائج التي توصل إليها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، ربطاً بالمزايدات الداخلية في تل أبيب قبل أيام من موعد إنتخابات الكنيست، في حين لم تخرج تلك التي في الجانب اللبناني عن المعقول.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر “الجريدة”، إلى أنّ الأهم على الصعيد اللبناني هو كيفية إنعكاس هذا الإتفاق على التطورات المحلّية، في حال وصوله إلى الخواتيم السعيدة ولم تظهر أيّعقبات جديدة، نظراً إلى أن الإنقسامات الداخلية من الممكن أن تهدد أي إنجاز يتحقق على مستوى ترسيم الحدود البحرية، وهو ما ينبغي التوقف عنده في هذه المرحلة بالذات.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الإهتمام الدولي البارز، الذي كان الملف اللبناني قد شهده في الأسابيع الماضية، يعود بالدرجة الأولى إلى أهمية ملف الترسيم على مستوى أمن الطاقة العالمي، إنطلاقاً من الحاجة الأميركية والأوروبية إلى الإنتهاء من هذا الملف، بالإضافة إلى القلق من إمكانية أن تقود الخلافات إلى مواجهة عسكرية على الحدود الجنوبية، لم يكن أحد يريدها في هذا التوقيت بالذات، ما يعني أن هذا الإهتمام، على الأرجح، سيتراجع بعد الوصول إلى إتفاق بين الجانبين.

على المستوى المحلّي، تنقسم الآراء حول كيفية قراءة التداعيات المحتملة لهذا الإتفاق، مع العلم أن العديد من الأفرقاء كانوا يفضلون عدم الإنتهاء من هذا الملف قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، على قاعدة أن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” سيستفيدان منه في الإستحقاقات المقبلة، وبالتالي من الممكن أن يتشدّدا في مواقفهما، لا سيما على مستوى الإستحقاق الرئاسي.

في هذا الإطار، تؤكد مصادر نيابية، عبر “الجريدة”، أن غالبية الأفرقاء يراهنون على تحولات تفرض نفسها على الواقع الداخلي، الأمر الذي يدفعهم إلى عدم حسم مواقفهم من الملف الرئاسي، على سبيل المثال، حيث هناك من ينتظر التداعيات التي من الممكن أن تترتب على الإتفاق داخلياً، وتلفت إلى أن هذا النوع من الرهانات يحضر دائماً عندما يكون هناك تحولات كبرى منتظرة، فكيف هو الحال في ظلّ هذا الملف المعني به لبنان بشكل مباشر، وتضيف: “في الفترة الماضية كثر الحديث عن تبدل في الظروف، خصوصاً بعد الدخول في مرحلة الشغور الرئاسي”.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذه الرهانات تستند إلى أسس صلبة، لكن في المقابل ليس هناك من يجزم بوجود تداعيات كبيرة لهذا الإتفاق على المستوى المحلّي، لا سيما أنّ الملفات الداخلية تخضع لتأثير العديد من اللاعبين الإقليميين والدوليين، بعضهم غير معني بصورة مباشرة بملف ترسيم الحدود البحريّة، وبالتالي من الممكن أن يقودهم الإتفاق إلى التشدّد أكثر في مواقفهم، حتى ولو كان هناك من يعتبر أنّ الولايات المتحدة وفرنسا قد تلعبان دوراً إيجابياً على هذا الصعيد.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أنّ كل السيناريوهات مفتوحة، في المرحلة الراهنة، نظراً إلى أنّ رصد التداعيات لا يزال يحتاج إلى المزيد من الوقت، لكنها ترجّح أن تعمد معظم القوى، في الفترة الفاصلة، إلى التشدّد في مواقفهابإنتظار وضوح الصورة، خصوصاً أن مستوى الرهانات سيكون مرتفعاً.

                                                                                                                                          ماهر الخطيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.