بري أطلق محركاته الرئاسية ورهان على دور بكركي
على وقع حالة الجمود التي يشهدها الإستحقاق الرئاسي، وهو ما عبر عنه أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بشكل واضح أول من أمس، يبدو أن قوى الثامن من آذار بدأت تدرس جدياً فكرة البحث عن الخطّة البديلة، خصوصاً أن ظروف إيصال أحد المرشحين المحسوبين عليها تبدو صعبة، نظراً إلى غياب التوافق على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ورئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية.
هذا الواقع، كان قد برز منذ اللحظة الأولى لبدء البحث في الإستحقاق الرئاسي، الأمر الذي دفع هذه القوى إلى عدم الإعلان عن تبني أيّ مرشح حتى الساعة، لا بل الإستمرار في معادلة التصويت بالورقة البيضاء، بينما كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤكد أهمية التوافق بين الكتل النيابية المختلفة، الأمر الذي لا يزال صعباً، ومن غير المتوقع الوصول إليه في وقت قريب.
من حيث المبدأ، تشير بعض الأوساط المتابعة، عبر الجريدة”، إلى أنّ رهان “حزب الله” على تأمين التوافق بين باسيل وفرنجية ليس سهلاً على الإطلاق، في حين أن هناك من يعتبر أن على رئيس التيار توضيح موقفه من هذا الإستحقاق لحليفه الأساسي، أي الحزب، الأمر الذي لم يحصل حتى الساعة، وتضيف: “قبل الوصول إلى هذه المرحلة لا يمكن الحديث عن بحث جدي، خصوصاً أنّ الحزب ليس في وارد تجاوز التيار”.
بالنسبة إلى هذه الأوساط، الصراع الأساسي هو القائم، منذ سنوات طويلة، بين “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل”، خصوصاً أن الأول يحمّل الثانية مسؤولية “الضربات” التي تعرض لها عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وتشدّد على أن كل الجهود التي قام بها الحزب، منذ الإعلان عن تحالفه مع التيار، لم تنجح في تقريب وجهات النظر فيما بينهما، الأمر الذي من غير المتوقع أن ينجح فيه اليوم، مع العلم أن هناك في “الوطني الحر” من يعتبر أن فرنجية هو مرشح رئيس المجلس النيابي “المفضّل”.
في المقابل، كانت لافتة الرسائل التي تولى معاون بري السياسي النائب علي حسن خليل ارسالها، أول من أمس، لا سيما تلك التي تحدث فيها عن أن رئيس المجلس النيابي لن يحاول إقناع رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط بإنتخاب رئيس تيار “المردة” أو غيره من المرشحين، الأمر الذي قد يفسّر على أساس أنه فتح الباب على مصراعيه أمام التسوية، في ظلّ المعلومات التي تشير إلى أنّ بري يسعى إلى أن يكون لاعباً أساسياً في الإنتخابات الرئاسية، على عكس ما حصل في المرة الماضية، عندما لجأ إلى الورقة البيضاء معترضاً بعد التوافق على عون.
على هذا الصعيد، تشير مصادر نيّابية متابعة، عبر “الجريدة”، إلى أن بري يقوم بجولة من اللقاءات، العلنية والسرية، للبحث في الإستحقاق الرئاسي، وتشير إلى أنه يراهن على دور من الممكن أن تقوم به البطريركيّة المارونيّة، في تعبيد الطريق نحو التوافق على إسم الرئيس المقبل، خصوصاً في ظلّ المواقف المتصلّبة التي تذهب إليها القوى المسيحيّة السياسية الأساسية، أي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، لكنها تؤكد أن الأمور لم تصل إلى مرحلة البحث الجدي بعد.
إنطلاقاً من ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أن رئيس المجلس النيابي لا ينظر إلى ترشيح رئيس حركة “الإستقلال” النائب ميشال معوض على أساس أنه جدي، نظراً إلى صعوبة حصوله على توافق نسبي يفتح الباب أمام إمكانية النقاش في وصوله، لكنه في المقابل يتفهم موقف حليفه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” من هذا الترشيح، الذي بات هناك شبه إجماع على النظر إليه على أساس أنه ورقة، هدفها إخراج رئيس تيار “المردة” من السباق إلى القصر الجمهوري.
في المحصّلة، يبدو أنّ الظروف الراهنة تدفع إلى تسريع مختلف الأفرقاء للبحث عن الخيارات البديلة، الأمر الذي يبرر الإشارات التي بدأت تصدر عن قوى الثامن من آذار، لناحية عدم التمسّك بترشيح فرنجية إلى النهاية، لكن هذا لا يلغي معادلة أنّ ظروف التوافق على الرئيس المقبل لا تزال بعيدة، ربطاً بغياب العوامل الإقليمية والدولية المساعدة في ظلّ حالة العجز المحلّية عن إنتاج الحلول.
ماهر الخطيب