العلامة فضل الله للمركز الإسلامي في مشيغن: كونوا سفراء محبة وحوار بين الأديان والثقافات المتعددة
دعا العلامة السيد علي فضل الله المغتربين المقيمين في الولايات المتحدة الأميركية إلى “تحويل مواقعهم ودوائرهم الثقافية إلى منابر للحوار مع المذاهب والأديان والثقافات الأخرى”.
وشدد في كلمة وجهها إلى إدارة المركز الإسلامي ومجلس أمنائه في ديترويت مشيغن، على “مد جسور التعاون مع الجميع وعدم استحضار مشاكل لبنان في عملهم في أميركا”، مطالبا ب”نبذ التعصب والغلو والإرهاب “.
وقال:”نعي جميعا مدى أهمية وجود مثل هذه المراكز للحفاظ على الهوية الإسلامية للمسلمين القادمين إلى هذا البلد والمقيمين فيه، من أطفال وشباب وشابات ورجال ونساء وكهول، ليكونوا خيرا للبلد الذي يعيشون فيه كما لبلدانهم التي جاؤوا منها، وانطلاقا من المبدأ الإسلامي: خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم (غبتم) حنوا إليكم. بحيث يقدمون الصورة الحضارية للإسلام المنفتح على الآخر كل الآخر، وعلى الحياة، والقادر على أن يواكب العصر والبعيد كل البعد من التعصب والغلو والخرافة والعنف والإرهاب”.
أضاف: “نتطلع دائما أن تكونوا سفراء محبة وسلام لبلادكم التي أتيتم منها ولهذا الوطن الذي أصبحتم جزءا منه، وأن تكملوا المسيرة المباركة التي انطلق منها هذا المركز منذ تأسيسه، والذي كان من خلال الأخوة الذين سبقوكم، واليوم من خلالكم موقعا لنشر الإسلام بسماحته وأمنه وسلامه، وأن تكونوا وحدة متراصة لا تدخل بينكم المشاكل والخلافات، وأن تحملوا الهمة العالية والحكمة الرفيعة التي عهدناها فيكم والتي طالما استطعتم من خلالها امتصاص الخلافات الآتية من صوب الوطن الأم، وعدم الدخول في تفاصيل ما يحدث فيه أو لتلك الخلافات الطبيعية التي تحصل عادة بين البشر، لأنكم تعملون للأفق الكبير الذي تحملون فيه الغايات السامية والتطلعات الرسالية الكبرى”.
وتابع:” لقد كان سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله ينظر إليكم باعتباركم الأنموذج الراقي في عالم الاغتراب وفي الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص، من حيث ما تمتلكونه من وعي للإسلام وقدرة على تجسيد أخلاقه ومن الانفتاح على الآخرين، وما يأمله الإسلام منكم أن يتعمق هذا الوعي، الوعي لرسالتكم، الوعي للواقع الذي تعيشون فيه، الوعي لما يحيط بمجتمعكم من مشكلات وتحديات، ومن ثم العمل على توفير كل الإمكانات والمقومات التي تجعلكم قادرين على مواجهتها سواء بالخطاب المتوازن والحكيم، أو بالممارسة والسلوك الذي يعيش هموم الآخرين ويتكافل معهم. بذلك نعيش الانفتاح الحقيقي، وبذلك سوف تشكلون الصورة الناصعة لهذا الإسلام الواعي الذي يمثل رسالة حضارية وإنسانية كبرى لكل الشعوب، لا أن يكون الإسلام الجاف والقاسي والمنغلق على الآخرين كما يريده المتعصبون والمغالون”.
وقال: “إن أفضل الأعمال الصالحة في مثل هذه البيئة التي تعيشون فيها، والظروف التي تواجهونها هو أن نعمل لتتحول المواقع أو الدوائر التي نعمل فيها إلى منابر للحوار مع المذاهب والأديان والثقافات والشعوب الأخرى، ونمد جسور التعاون مع كل هؤلاء انطلاقا من القواسم المشتركة سواء منها الوطنية أو الدينية أو القيم الأخلاقية والإنسانية”.
وأكد أن “من أجمل آيات الوفاء في هذه المناسبة أن نستحضر الوعي والعطاء الذي تميز الراحل سماحة الشيخ محمد جواد شري العالم الذي حمل الإسلام إلى هذا البلد بكل آفاقه الرحبة ، والذي كان له أيضا دور كبير في تثبيت أسس العمل الرسالي والدعوي في هذه البلاد، من خلال دوره الديني والاجتماعي والمؤسساتي، حيث كان هذا المركز، من ثمرات هذه الجهود، ومن أوائل المراكز الإسلامية الفاعلة التي انطلقت قبل عشرات السنين، في خدمة أبناء الجالية على المستويات كافة”.
وشدد على أننا “سنبقى نرى في هذا المركز منطلقا مهما للعمل الدعوي والذي يجب أن يحافظ عليه ويعمل لتنميته، لما يحمل من نهج الانفتاح ومد جذور التواصل مع الآخر، ذلك أن الجالية الإسلامية ومجتمعنا بحاجة ماسة إلى هذا الدور. ونحن من دعاة استمرار دور هذا المركز وحضوره لما له من أثر في ربط أبناء الجالية بدينهم وهويتهم”.
وختم:” لقد كان سماحة السيد حريصا كل الحرص على هذا الدعم، لينهض هذا المركز مع كل المخلصين بدوره الاجتماعي والإيماني، ونحن أيضا سنبقى إن شاء الله، على هذا النهج. وفقكم الله لكل خير في مهمتكم وعملكم الرسالي، وإن شاء الله تبقون الطليعة المؤمنة لخدمة دينكم ورسالتكم”.