المطران بولس عبد الساتر في عظة بدء تساعية الميلاد: أفكّر بهؤلاء الذين استولوا في وطني على جنى عمر الناس ويحرمون الذين في عوز من الأساسي

أكد رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر، ان “السيد المسيح الذي اختار أن يكون فقيرًا متجرّدًا بين الفقراء ليقول لهم إنّهم صورة الله وإنّهم أرفع من الملائكة في الكرامة، وقال: أفكّر بهؤلاء الذين استولوا في وطني على جنى عمر الناس ليزيدوا أموالهم ويبنوا قصورهم ويقووا نفوذهم، هؤلاء الذين يُنفقون الخيرات على الزائل ويحرمون الذين في عوز من الأساسي”.

وفي عظته خلال افتتاح تساعية الميلاد في الجامعة الانطونية، اضاف عبد الساتر: “أنظر إليك يا طفل المغارة، يا ابن الله الذي تنازلت حتى الإمّحاء واخترت أن تولد بين صغار هذا العالم وبين المنبوذين والمهمّشين لتكشِف حبَّ الله الآب لهم، وأسجد لك وأفكِّرُ بهؤلاء الذين في وطني يستميتون ويُميتون أهلهم من أجل الجلوس على عرشٍ فانٍ. أفكِّر بهؤلاء الذين يَمكرون ببعضهم البعض ويَحوكون المكائد لإخوتهم ويتسبَّبون في الإنقسامات في الشعب الواحد من أجل أن ترتفع مراتبُهم وتزدادَ ثروتُهم ويرضى عنهم أولياؤهم وأصلّي: ذكِّرهم يا ربّ أنّ كلَّ صغير يُهملون في هذا العالم وكلّ منبوذ ومهمّش يحتقرون أو يستغلّون هو دينونة لهم. ذكِّرهم أنَّ سلاطين هذا العالم والفاتحين من بينهم صاروا تماثيل باردة ومشوّهة ومكبًّا للعنات”. وتابع :”أنحني أمامك يا أيّها الثائر الأوّل والحقيقيّ أنت الذي نقضت شريعة العين بالعين بشريعة محبّة الأعداء، أنت يا من ابتعدت عن “المقدّسين” بحرف الشريعة والفهماء والحكماء لتكون بين الخطأة وبسطاء القلوب والودعاء، أنت يا من ثُرت على التسلّط بالخدمة وعلى الفساد بالاستقامة، أنت يا من ثُرت على ديانة التعصّب والاستقواء بالله، ديانة الشريعة والدم، ثرت عليها بالعبادة بالروح لله الآب الذي أحببت ومشيئته تمّمت حتى النهاية”.

وختم عبد الساتر: “علِّمنا يا ربّ أنّ الثورة الحقيقيَّة التي تغيِّر العالم وتُسقط المتسلّطين والفاسدين هي ثورتك أنت التي تبدأ بتغيير الذات بفعل روحك، ثورةٌ تقوم على قبول ومحبّة الآخر وعلى الخدمةِ المتجرّدة وعلى الاستقامة وتحمُّل المسؤوليّة، ثورةٌ لا تصيح في الشوارع ولا تكسِّر ولا تكتفي بالشعارات على الحيطان بل ثورةٌ لا تصمت أمام الباطل محاباةً للوجوه وتطالب كلّ يوم بلا كلل ولا ملل بالحقيقة وبالعدالة لضحايا انفجار بيروت وبالحقّ للمظلوم وللمعتدى عليه”.

من جهته، اشار رئيس الجامعة الأب ميشال جلخ الى ان “أن التساعية ليست إلا جرسَ تذكير لمن لم يبدؤوا بعدُ مسيرتهم باتجاهه، كي لا يضيِّعوا الطريق. وأضاف “العيدُ من هنا”، تقول لنا الكنيسة، ستجوبون المطاعم والمصارف والمراكز التجارية ومحلات الألعاب والهدايا، لكن الطريق سيبقى من هنا، ولا مفرَّ لنا مِن أن نَمرَّ بهدأة الصلاة والعودة إلى الذات، فهلّا أخفضنا قليلًا ضوضاء العالم لنسمع ترنيمة السماء؟ هلّا أخفضنا أخبار ال​سياسة​، وإشاعاتِ المجتمع، وهمومَ الاقتصاد، وثرثرةَ التواصل الاجتماعي، وقلقَ أفكارنا وهمومنا كي نسمع نبض القلوب؟”.

واعتبر جلخ أنه “صعب على الجامعة الأنطونيَّة ميلادُ هذه السنة لأنها تفتقد الليلة ضيفًا ممَيَّزا وجارًا فريدًا: إنَّه رئيسُ البلاد الذي ما نزال نترقَّبُه علَّه يُسرع في المجيء، فيملأَ فراغًا لا يحتملُه وطن مجروح وشعب تائه بين اقتصاد منهك وزعامات متنافرة.

وفي الختام دعا الاب جلخ الرب كي لا ينسى لبنان وكي يكثر الحبَّ والنعمة والإيمان في بيوت أبنائه، فيقرعَ العيد أجراسه في ضميرنا ويرافقَ أيامنا كلَّها ليكون عيدُه العجيبُ أعجوبةَ أيّامِنا جميعِها”.

وحضر التساعية نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، والنائبين ألان عون وإبراهيم كنعان، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، ومدير مخابرات الجيش العميد الركن أنطوان قهوجي، ورئيس بلدية بعبدا أنطوان حلو، ورئيس بلدية الحدت جورج عون، إضافة الى عدد من الشخصيات السياسيّة والعسكريّة والأمنيّة والاجتماعيّة والاعلاميّة، وأعضاء الهيئتين الإداريّة والتعليميّة في الجامعة ومجلس أمنائها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.