“سيناريوهات” جلسة الأربعاء وتبعاتها… ماذا لو “فاز” أحد المرشحَين؟!

يحلو للبعض، خصوصًا من المحسوبين على ثنائيّ “حزب الله” و”حركة أمل”، التقليل من شأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المفترضة يوم الأربعاء المقبل، عبر توصيفها بـ”الجلسة الرقم 12″، لا أكثر ولا أقلّ، في مقابل أوصاف يمنحها آخرون قد يكون أقلّها وقعًا أنّها ستكون “محطة مفصليّة” في مسار الاستحقاق الرئاسي، باعتبار أنّ ما قبلها لا يمكن أن يكون كما بعدها، مهما كان “السيناريو” الذي ستشهده، وسواء عقدت أم “طُيّر” نصابها في اللحظة الأخيرة.

لكن، بمعزل عن كلّ التحليلات والتكهّنات، وربما الأهواء والأمنيات، يبقى الثابت أنّ الجلسة الـ12، وإن جاءت نتيجتها مشابهة في الشكل للجلسات الـ11 السابقة، كما تؤكد كلّ التوقعات والتقديرات، إلا أنّها في المضمون تبدو مختلفة عن كلّ الجلسات، بعدما بات الاستقطاب واضحًا: “ثنائي شيعي” مع حلفائه، في مواجهة “ثنائي” أو ربما “ثلاثي” مسيحي، مع قوى مستقلّة اسمًا، تدور في فلك ما تسمّى معارضة فعلاً، وبينهما رماديّون لم يحسموا أمرهم.

وإذا كانت الأيام القليلة الماضية شهدت “ترجمة” واضحة لهذا الاستقطاب، من خلال تصعيد غير مسبوق للخطاب، بشكل بدا “نافرًا” في مواجهة أجواء “التهدئة” التي تسود في المنطقة، فإنّ ثمّة من بدأ التفكير بـ”ما بعد جلسة الأربعاء”، الذي سيكون على الأرجح دائرًا بين احتمالين، فإما المضيّ في التصعيد الذي قد يصل لمستويات خطيرة، وإما يفتح باب الحوار على مصراعيه، ولو أدى تلقائيًا إلى سحب الاسمين المطروحين من التداول “الجدّي”.

في الانتظار، تبدو جلسة الأربعاء، على حماوتها، لناظرها قريبة، فماذا عن “سيناريوهاتها”؟ هل بات التئامها مضمونًا، بعدما أعلنت معظم الكتل الكبرى، بما فيها كتلة “الوفاء للمقاومة”، مشاركتها فيها، ولو لوّحت بممارسة كل ما تعتبره “حقوقًا دستورية”؟ وهل بات “تطييرها” في الدورة الثانية “مضمونًا” أيضًا؟ لكن، ماذا لو حصلت “المفاجأة-المعجزة”، وفاز أحد المرشحَين المطروحَين؟ هل يتحسّب المعنيّون للتبعات المحتملة لمثل هذا الأمر؟!.

بالحديث عن “السيناريوهات”، يبدو أنّ الأمور لا تزال غير محسومة، على وقع محاولات “الاستقطاب” المستمرّة للنواب “الرماديّين”، إن جاز التعبير، في ظلّ ثلاثة احتمالات على بساط البحث، أولها ألا تُعقَد الجلسة من الأساس، وهو احتمال أكثر من جدّي خلافًا للاعتقاد السائد، أو أن تُعقَد بدورتها الأولى كالعادة، ويسقط نصابها بعد ذلك، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، ليبقى الاحتمال الثالث حصول دورات انتخابية متتالية، وإن كان مُستبعَدًا من حيث المبدأ.

توحي المواقف السابقة للجلسة أنّ الاحتمال الثاني هو الذي سيحصل، وهو ما عزّزه إعلان كتلة “حزب الله” أنّها ستشارك في الجلسة، وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري، علمًا أنّ “الثنائي الشيعي” الذي يتهم الآخرين، من الحلفاء والأصدقاء قبل الخصوم، أنّ “تقاطعهم” ليس على جهاد أزعور، بقدر ما هو على “إحراق” سليمان فرنجية، قد يكون راغبًا في “جسّ النبض” فعلاً، طالما أنّه “يضمن” عدم اقتراب وزير المال الأسبق من تحقيق نسبة الـ65 صوتًا.

لكنّ احتمال “تطيير” الثنائي مع حلفائه للنصاب من الأساس يبقى أكثر من وارد وفقًا للعارفين، خصوصًا بعد إعلان كتلة “اللقاء الديمقراطي” التصويت لصالح أزعور، وهو ما بدا “صادمًا” له، ما يعني أنّ عدم التئام الجلسة من الأساس قد يكون “أقلّ حَرَجًا” بالنسبة للحزب، من حصول الرجل على الورقة والقلم، على معدّل أصوات عالٍ نسبيًا، خصوصًا أنّ “التعطيل” مبرَّر برأيه، طالما أنّ المعارضين ارتكبوا “خطيئة تشريعه” عندما لوّحوا باستخدامه مسبقًا.

وإذا كان هناك من يضيف إلى الاحتمالين الأول والثاني احتمالاً “متفرّعًا” عنهما، يقضي بتأجيل الجلسة في اللحظة الأخيرة، بما يقلّل من نسب “الإحراج”، سواء بناءً على طلب كتل نيابيّة، أو بانتظار حراك ما، فإنّ الاحتمال الثالث والقاضي بالتئام المجلس في دورات متتالية يبقى الأقلّ ترجيحًا، ولو أنّه “وارد”، في ضوء محاولة البعض الإيحاء بأنّ “الثنائي الشيعي” لا يمتلك “الثلث المعطّل”، مع رئيس مجلس النواب ضمنًا، وهو يحتاج إلى صوت إضافي على الأقلّ.

ومع أنّ هذا الاحتمال يبدو صعب المنال، في ظلّ قناعة بأنّ أكثر من “نائب ملك” سيكون جاهزًا للتطوع لمساعدة “الثنائي” على تطيير النصاب، تفاديًا لأيّ “مفاجأة” غير محسوبة قد تأخذ البلاد إلى المجهول، يبقى “سيناريو” الدورات المتتالية الذي يدفع باتجاه الكثير من نواب المعارضة بحاجة لبعض التأمّل، فماذا لو حصل، وماذا لو انتُخِب فعلاً أحد المرشحين رئيسًا، في “سابقة ديمقراطية” بالنسبة لبرلمانات اعتادت على “التصديق” على التسويات الخارجية؟.

يقول العارفون إنّ فوز أيّ من المرشحَين، وإن كان دستوريًا، سيكون إشكاليًا على أكثر من مستوى، فرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية على سبيل المثال، يشكو من “ضعف” في نسبة التأييد المسيحي له، ولا سيما أن الكتل المسيحية الأساسية معارضة له، ولم ينجح داعموه، حتى الآن على الأقلّ، في استقطاب أيّ منها، علمًا أنّ الرجل أصلاً يرفض انتخابه إن لم تتوافر الظروف الموضوعيّة لذلك، متمسّكًا بوصفه “توافقيًا”.

أما الاحتمال “الأقرب” في حال الذهاب إلى دورات متتالية، فقد يكون انتخاب جهاد أزعور بالنصف زائدًا واحدًا، ولا سيما أنّ الكثير من النواب “الرماديّين” ألمحوا إلى أنّهم قد يستبدلون “الورقة البيضاء” أو “الخيار الثالث” في الدورة الأولى، باسمه في حال حصول دورة ثانية، إن كان ذلك سينهي الشغور الرئاسي، لكنّ مشكلة الرجل الجوهرية تبقى في أنّه لا يحظى بتأييد أيّ نائب شيعي في البرلمان، ما يضعه أيضًا في موقف “محرج”.

وإذا كان صحيحًا من الناحية القانونية والدستورية، أنّ “الميثاقية” التي يكثر الحديث عنها في البازارات الإعلامية، لا موقع لها في انتخابات رئاسية، تنصّ أصلاً على “السرية”، ما يعني أنّ أحدًا لا ينبغي أن يعرف كيف توزّعت الأصوات طائفيًا، فإنّ المشكلة الكبرى تبقى في مرحلة ما بعد الانتخاب، إذا تمّ بمثل هذه الصيغة، فهل يمكن أن يقبل “الثنائي” بالقفز فوق رأيه بهذا الشكل، وهو الذي يصنّف أزعور على أنه مرشح “تحدّ ومواجهة”؟!.

في النتيجة، يقول العارفون إنّ مثل هذا السيناريو سيكون “لعبًا بالنار”، لأنّ تبعاته على البلد ستكون “خطيرة”، علمًا أنّ المؤشرات تؤكد أنّ بعض داعمي أزعور لا يريدونه، ومنهم من يؤيده لتحسين أوراقه التفاوضية ليس إلا، وإن بدا خطاب “حزب الله” وسط هذه المعمعة نافرًا أيضًا لكثيرين، من حيث إصراره على اعتبار مرشحه، الواضح الانتماء، “توافقيًا” بعكس كلّ المرشحين الآخرين، والدعوة إلى الحوار “لإقناع الآخرين” به، بغياب أي “خطة باء” لديه!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.