الجبهة الجنوبية بين رسائل النار وتهويل الوسطاء بالضغوط على لبنان

على الرغم من نفي أكثر من جهة لبنانية رسمية، لم يعد من الممكن تجاهل الحديث الإسرائيلي المتكرر عن الترتيبات التي من المفترض أن تشهدها الجبهة الجنوبيّة، بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا سيما أن هذا الملف بات بنداً رئيسياً على جدول المباحثات الدوليّة مع الأفرقاء المحليين، حيث يبرز دور لافت لكل من الولايات المتحدة وفرنسا على هذا الصعيد.

في الرواية الإسرائيلية، التي يتم التداول بها منذ أسابيع، لا يمكن إستمرار الواقع الحالي، أي تواجد “حزب الله” على الحدود، بعد إنتهاء الحرب في غزة، وهو ما يدفع بالعديد من المسؤولين السياسيين والعسكريين إلى التهديد بالذهاب إلى عمليّة عسكرية، في حال عدم الوصول إلى حلّ دبلوماسي، الأمر الذي يتم نقله حرفياً إلى بيروت، من قبل المسؤولين الدوليين، في إطار يتراوح بين حدّي التحذير والتهويل.

في هذا السياق، تؤكد مصادر متابعة، عبر “الجريدة”، أنّ الواقع على الحدود الجنوبية يمثل معضلة حقيقية لتل أبيب، التي لا تستطيع أن تقنع سكان المستوطنات الشمالية بالعودة في حال عدم معالجتها، وهو ما يدفعها، منذ اليوم، إلى فتح باب النقاش حول ما يمكن الوصول إليه في المرحلة المقبلة، بالرغم من قناعتها بأنّ هذا الأمر لن يحصل قبل الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، نظراً إلى أنّ الواقع هناك كان هو السبب الرئيسي في فتح الجبهة الجنوبيّة.

إنطلاقاً من ذلك، تشير المصادر نفسها، الى أنّه رُسمت السيناريوهات حول ما يمكن أن يترتب على ذلك لبنانياً، حيث ذهب بعض الأفرقاء المحليين إلى التماهي مع الحملة الإسرائيلية، التي تحاول رفع مستوى التهويل، بينما في المقابل هناك من قرر التحذير من إمكانية أن يكون ذلك مقدّمة لتسوية، تعطي “حزب الله” مكاسب في الداخل، بينما كان يغلق كل أبواب التفاوض حول هذه المسألة، إنطلاقاً من معادلة أنّ الأولوية اليوم هي لوقف العدوان على القطاع.

بالنسبة إلى المصادر المتابعة، ما ينبغي التوقف عنده من الناحية العمليّة هو سعي الجانب الإسرائيلي إلى رفع مستوى تصعيده جنوباً، الأمر الذي أوحى بأنه في طور الإنتقال إلى مرحلة جديدة من قواعد الإشتباك، الهدف الأساسي منها هو تمهيد الأرضيّة، عسكرياً، لما يمكن أن يحصل على المستوى الدبلوماسي لاحقاً، نظراً إلى أن الكثير من المعطيات ترجح ألاّ يكون في وارد الذهاب إلى مواجهة مفتوحة على هذه الجبهة.

هنا، تدعو المصادر نفسها إلى التوقف عند المعادلة التي تضمّنها البيان الصادر عن “حزب الله”، أول من أمس، بعد إستهداف مستوطنة كريات شمونة، رداً على استهداف الجانب الإسرائيلي لمراسم ‏التشييع في بلدة عيتا الشعب، حيث شدّد على أنّ “أيّ مسّ بالمدنيين سيُقابل بالمثل”، وهي المعادلة التي كان أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله قد حذّر، في خطابه الأول بعد عمليّة “طوفان الأقصى”، من العودة إليها.

في المحصّلة، تعتبر هذه المصادر أنّ ذلك كان بمثابة ردّ واضح من قبل الحزب على ما يمكن وصفه بـ”التفاوض العسكري”، يؤكّد من خلاله أنّه جاهز لتغيير قواعد الإشتباك، في حال كان الإسرائيلي راغب في ذلك، عبر رفع مستوى المواجهات على الجبهة الجنوبيّة، وترى أنّ هذا الأمر قد يتطور في المرحلة المقبلة، على قاعدة أنّه جزء من العمليات التمهيدية لما يمكن أن يتم الوصول إليه دبلوماسياً، بعد وقف إطلاق النار في غزّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.