الحمض النووي القديم يكشف رؤى حديثة: من التصلب المتعدد إلى عادات التغذية
قام الباحثون بالتنقيب في الحمض النووي المستخرج من عظام وأسنان أكثر من 5000 إنسان عاشوا في آسيا وأوروبا، يعود تاريخهم إلى 34000 سنة. تقدم المعلومات الجينية المُحصلة نافذة فريدة إلى الحالات الطبية والميول الوراثية للسكان في الوقت الحالي.
أحد الاكتشافات الرئيسية تتعلق بمرض التصلب المتعدد (MS). تشير الأبحاث إلى أن شمال الأوروبيين يظهرون معدلات أعلى نسبيًا للإصابة بمرض التصلب المتعدد بسبب جين قدمه شعب اليامنايا قبل حوالي 5000 عام. هؤلاء المربون القدماء هاجروا عبر روسيا وبلغاريا ورومانيا وسكنوا في شمال غرب أوروبا. وكانت الطفرات الجينية المرتبطة بـMS مفيدة للحماية ضد الأمراض التي تؤثر في ماشيتهم، على الرغم من زيادة خطر الإصابة بمرض التصلب المتعدد.
وأكد الباحث إسكي ويلرسليف، الخبير في تحليل الحمض النووي القديم، أهمية النتائج لفهمنا وعلاجنا لمرض التصلب المتعدد اليوم. حيث تشكل هذه الدراسة تحديًا للرؤى الحالية حول أسباب المرض المذكور، مما يبرز التفاعل المعقد بين التراث الوراثي والعوامل البيئية.
تتعدى الأبحاث مجرد مرض التصلب المتعدد، حيث تقدم رؤى في مختلف جوانب الصحة الحديثة:
- الطول: تلعب الوراثة التي تعود لشعب اليامنايا دورًا في الفروق في الطول بين شمال وجنوب أوروبا.
- مخاطر الأمراض الأخرى: قد يكون لديهم مخاطر أعلى للاضطراب الثنائي القطبي في جنوب أوروبا. قد تزيد الوراثة القديمة من مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر والسكري من النوع 2 في شرق أوروبا.
- تحمل اللاكتوز: ظهرت القدرة على هضم الحليب بعد الفطام عند البالغين في أوروبا على الأرجح منذ حوالي 6000 عام، مشيرة إلى تطور تحمل اللاكتوز.
- عادات التغذية: كشفت الدراسة عن ظهور القدرة على العيش على نظام نباتي فقط منذ حوالي 5900 سنة في أوروبا.
أبرز إيفان إيرفينغ-بيز، الكاتب الرئيسي لإحدى الدراسات، أهمية تأثير أسلوب حياة منطقة اليورازيا على السكان الحاليين، سواء من حيث مظهرهم الجسدي أو مخاطر الإصابة بالأمراض. تلك النتائج تؤكد على التفاعل المعقّد بين أسلوب حياة الأجداد والتركيبة الجينية للسكان المعاصرين، مشيرة إلى التأثير المستمر لأسلافنا على صحتنا ورفاهنا.
مع تحديث وإعادة تشكيل فهمنا لتطور الأمراض والصفات الجسدية، تفتح هذه الدراسات أفقًا جديدًا لاستكشاف العلاقة المعقدة بين الوراثة والبيئة على مدى تاريخ الإنسان.