الصين تسعى لتوسيع نطاق الانفتاح عالي المستوى على الخارج ومشاركة فرص التنمية مع العالم
ثمار الخوخ والمشمش من تشيلي، منظفات من إيطاليا، زيت بذور الكتان من روسيا… مع دخول المزيد من البضائع والمنتجات العالمية السوق الصينية في الأعوام الأخيرة، أصبحت خيارات اللوازم اليومية في الصين أكثر تنوعا تجتمع فيها عناصر كثيرة آتية من أنحاء العالم.
إن ما وراء هذا التنوع هو الصين المنفتحة التي تتميز بسوق هائلة تضم أكثر من 1.4 مليار شخص، والتدابير المتنوعة لتيسير الاستثمار الخارجي والفعاليات التجارية الكبرى وغيرها من جهود الجانب الصيني لتعزيز الانفتاح.
وخلال “الدورتين السنويتين” اللتين اختتمتا يوم الاثنين الماضي في بكين، ظل “الانفتاح عالي المستوى” موضوعا ساخنا ورد مرات عديدة في تقرير عمل الحكومة، ما يفسر رؤية الصين حول “الانفتاح عالي المستوى” من خلال هذا الحدث السياسي الهام الذي يعقد في مارس كل سنة.
معارض هامة لتوسيع نطاق الانفتاح
أكد تقرير عمل الحكومة على “توسيع نطاق الانفتاح عالي المستوى على الخارج ودفع تحقيق المصالح المتبادلة والفوز المشترك”، مشيرا إلى أن الصين سوف تنظم مجموعة من المعارض الهامة بما فيها معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين للاستيراد والتصدير ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات والمعرض العالمي للتجارة الرقمية.
على سبيل المثال، يعد معرض الصين الدولي للاستيراد المقام في بلدية شانغهاي أول معرض وطني في العالم متخصص في الاستيراد. وشارك في المعرض منذ إطلاقه في عام 2018، شركات ومؤسسات من أكثر من 170 دولة، مع تجاوز قيمة التعاقدات المبدئية الإجمالية خلال المعرض 420 مليار دولار أمريكي، مما يقدم منصة كبيرة للمنتجات المتنوعة من كافة دول العالم.
على صعيد التعاون الصيني-العربي، أصبح المعرض الصيني-العربي، الذي افتتح لأول مرة في عام 2013 واستمر لـ6 دورات حتى عام 2023، منبراً هاماً عالي الجودة للبناء المشترك لـ”الحزام والطريق” بين الصين والدول العربية، ومؤشرا على صلابة ودينامية التنمية الاقتصادية والتجارية بين الجانبين.
وشارك في المعرض إجمالي 112 دولة ومنطقة وأكثر من 6000 شركة من داخل الصين وخارجها، وتم التوقيع على أكثر من 1200 مشروع تعاون تشمل مجالات متنوعة مثل الزراعة الحديثة والتكنولوجيات المتطورة والمواد الكيميائية والطاقة والطب الحيوي.
وباتت البضائع والمنتجات العربية، مثل البرتقال والتوابل المصرية والتمور الإماراتية والجمبري المجمد السعودي والزيوت الأساسية السورية وغيرها، متاحة بسهولة في محلات السوبر ماركت المحلية وعبر منصات التجارة الإلكترونية في الصين. ويعد ذلك نتيجة إيجابية لتطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية في السنوات الأخيرة.
تعزيز البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”
أكد تقرير عمل الحكومة على دفع التشارك في بناء الحزام والطريق بجودة عالية وعلى نحو معمق وملموس، وتعزيز التعاون بنشاط في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء والابتكار والصحة والثقافة والسياحة والحد من الفقر.
وقَّعت الصين حتى الآن وثائق تعاون للبناء المشترك لـ”الحزام والطريق” مع أكثر من 150 دولة و30 منظمة دولية في العالم. وفي عام 2023، بلغ حجم الواردات والصادرات بين الصين والدول المشاركة في البناء المشترك لـ”الحزام والطريق” حوالي 2.74 تريليون دولار أمريكي، ما يمثل 46.6 في المائة من إجمالي حجم التجارة الخارجية في البلاد.
وفي أثناء الفترة بين عام 2013 وعام 2022، بلغ إجمالي حجم الواردات والصادرات بين الصين والدول المشاركة في المبادرة 19.1 تريليون دولار أمريكي، مع تجاوز الاستثمارات في كلا الاتجاهين 380 مليار دولار أمريكي.
وحتى نوفمبر عام 2023، وقعت الصين وثيقة تعاون مع جميع الدول العربية الـ22 ومع جامعة الدول العربية للبناء المشترك لـ “الحزام والطريق”. وتعمق التعاون الصيني-العربي الفعال بشكل متزايد مع مواصلة تطبيق البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”، ليحقق منجزات ملحوظة في مجالات البنية التحتية والطاقة والتجارة والمالية ومعيشة الشعب وغيرها.
بدعم من “الحزام والطريق” ومنتدى التعاون الصيني-العربي وغيرهما من الآليات الفعالة، ظل التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني-العربي محافظا على نشاطه وحيويته، إذ بقيت الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية طوال السنوات العديدة الماضية، وارتفع حجم التجارة الصينية-العربية من 222.4 مليار دولار أمريكي في عام 2012 إلى 431.4 مليار دولار أمريكي في عام 2022، أي ما يقارب الضعف على مدى عقد من الزمان.
تدابير منوعة لتعزيز التجارة الخارجية
أكد تقرير عمل الحكومة أن الصين ستدفع تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة السارية المفعول، والتفاوض مع المزيد من الدول والمناطق لتوقيع اتفاقيات عالية المستوى للتجارة الحرة والاستثمار، علاوة على تشجيع الشركات الأجنبية التمويل على مواصلة استثمارها داخل الصين.
تعد المناطق التجريبية للتجارة الحرة محاولة رائدة لتعزيز التجارة الخارجية. فمنذ عام 2013، أنشأت الصين 22 منطقة تجريبية للتجارة الحرة، لتشكل هيكلا جديدا للإصلاح والانفتاح الخارجي. وفي عام 2023، وصل إجمالي حجم الصادرات والواردات للمناطق التجريبية الـ22 إلى حوالي 1.08 تريليون دولار أمريكي، محتلا 18.4 في المائة من إجمالي حجم الصادرات والواردات في البلاد.
وفيما يخص الدول العربية، توسعت الشركات والمؤسسات العربية في إطلاق مشروعات استثمارية مشتركة مع الجانب الصيني، وشاركت في المعارض التجارية في الصين، وأصبحت السوق والأصول الصينية من الوجهات المفضلة لصناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة.
كما أكد تقرير عمل الحكومة على دفع الارتقاء بجودة التجارة الخارجية والحفاظ على استقرار حجمها، مشيرا إلى أن الصين ستكثف الخدمات والضمانات الخاصة بالاستثمار الأجنبي، لتطوير علامة “الاستثمار في الصين”، فضلا عن زيادة سهولة انخراط الأجانب في العمل والدراسة والسياحة بالصين، وغيرها من التدابير.
أصبحت الصين أكبر دولة لتجارة السلع في العالم، وشريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وتمتلك ثاني أكبر سوق استهلاكية وسوق استيراد في العالم، الأمر الذي يبرز فيه الانفتاح أهميته أثناء التطور المستقبلي لهذا الاقتصاد الضخم.
إن انفتاح الصين يعد أمرا حيويا للتعافي الاقتصادي العالمي وسيفيد العالم بأسره بأرباح سوقها الضخمة. وأكدت الصين مجددا عزمها لدفع بناء الاقتصاد العالمي المنفتح، وجعل المزيد من جهود التعاون وثمار الفوز المشترك تفيد شعوب العالم بأسره.