المفتي قبلان: المشهد مأسوي وحمى الله لبنان وشعبه من الآتي

وجه المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة لهذا الأسبوع عبر أثير الإذاعة اللبنانية، فقال:”لأن القضية قضية نفس وروح وإنسان ووجود، وأمانة الله بخلقه وعباده، فقد كان أمير المؤمنين علي يقف على منبره وبين الأسواق، فيقول:”اعلموا أنه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار فارحموا نفوسكم، فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا، أفرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه! والعثرة تدميه! والرمضاء تحرقه؟! فكيف إذا كان بين طابقين من نار، ضجيع حجر، وقرين شيطان؟!”… أراد الامام علي بذلك أن ينبه الإنسان لحقيقة أن الربح أن تربح نفسك وضميرك ووظيفتك في هذه الدنيا، لأن القبر ضيق، والثروة والمال والسلطة والمؤسسات بنفسها لا محل لها في القبر، ورب ضجيع قبر أحرقته النيران، ومن خلفه ممن ورث أمواله ثمل من رنين الثروات. لذلك الخاسر في مبدأ أمير المؤمنين علي من يربح الدنيا بخسارة الآخرة، أو يجمع من حرام ثم يترك لغيره، وفيه قال تعالى (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم)”.

وأشار المفتي قبلان أنه رغم “أن القضية كما ذكرنا قضية إنسان ووجود وموقف وقيامة وميزان أعمال وكتاب لا يغادر صغيرة وكبيرة إلا أحصاها، للأسف كثير من خلق الله تعاملوا مع الدنيا وكأنها دار أبدية، وخاصة جماعة السلطة والمال ومعها تحولت أكثر شعوب الأرض إلى أمم محرومة منهوبة مغلوبة على أمرها، بسبب عصابات وعصبيات وعقليات مالية وسياسية، همها أن تجمع الثروات، همها السلطة، بعيدا عن الله، بعيدا عن الضمير، بعيدا عن قداسة الإنسان، والله من ورائهم يقول (أولئك الذين خسروا أنفسه وضل عنهم ما كانوا يفترون)

نعم، من عاش مات، ومن جمع ترك، ومن طلب الدنيا أعجزته، ومن ركب الأمل فاجأه الأجل، والله تعالى يقول (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)”.

وأسف المفتي قبلان للحال التي وصلنا إليها “حيث الناس تحولت إلى حصص، والبلد إلى مزرعة ومرافق منهوبة وشركات عائلية، وحقائب مال وبنوك وثروات، وكوارث اجتماعية. بصراحة أكثر البلد الآن يساق للذبح، والحكومة بازار غش ونفاق، والإغاثة السياسية معدومة، ولا من ضمير عند القوى السياسية، بل هناك من يصر على لعب دور الشيطان رغم الكارثة النقدية الاجتماعية التي جعلت من البلد مقبرة جماعية، والأخطر منه من شارك بنهب البلد وقرصنة مشروع الدولة، ثم ينبري للدفاع عن الدولة والشعب والناس، لأن البعض ما زال يعتقد أن لعبة الشوارع من شأنها أن تحول الشيطان إلى قديس، وهناك من يعتقد أن البلد مال سياسي ومعركة إعلام قذر، وصفقة دولارات، ووكالات حصرية”… مشيرا إلى أننا “أمام حقيقة ميليشيات مال وعصابات نفوذ ومافيات قرصنة، تصر على لعبة التجويع والتدويل وحرق الشوارع وتفخيخ الكراسي ورفع المتاريس. والمعادلة: البلد ينهار، والشاطر من يتشارك ويتقاسم في ذبح البقرة وتوزيعها على الشركاء”.

ووصف المشهد ب”المأسوي”، وقال: “لا تدقيق جنائيا، ولا سياسات إنقاذية، لا تسوية سياسية، لا فعالية لحكومة تصريف أعمال، وسط ارتفاع جنوني بالدولار الأسود، فيما الجريمة تتفشى بطريقة عجائبية، والجوع يجتاح لبنان، وطلاب لبنان في الخارج لا معين ولا مصير لهم، والإنقاذ بلا رجال دولة، ومعركة تأليف الحكومة تتشاطرها السكاكين من كل جهة، والعمل السياسي كما يقال “خبيصة”، وجمعية المصارف نادي طغاة مجرمين، وطائفية تتمترس بالأديان البريئة منها، والفاسد محمي بجيوش الفقراء، فيما الإعلام المشوِّه والمشوَّه يقود معركة فتنة وتحريض ودفع نحو الخراب، والحل الداخلي شبه معدوم، لأن أكثر الداخل يعمل على “الكمبيالة” رغم أن البلد يحتضر، وأن البلد ينازع. والحل لا يمكن أن يكون إلا في بيروت، وليس على مدرج طائرة، والفراغ السياسي في الداخل أخطر على لبنان من عدوان خارجي. فالمشهد إذن، البلد فريسة مخالب، لا تريد الاعتراف بالحلول الوسط، على أن لبنان مهدد بشدة، والإسرائيلي يتحين الفرصة، والرادع الفعلي قوة المقاومة وحضورها وجهوزيتها الميدانية”.

وختم المفتي قبلان:”حمى الله لبنان وشعبه من الآتي، لأن الآتي أعظم أيها اللبنانيون فاحذروا الفتنة، واتقوا الله بأنفسكم وأهليكم وبلدكم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.