الجديد: هي مِنَ المرّاتِ النادرةِ التي لا تَمنحُ فيها الإدارةُ الأميركيةُ العُدوانَ الإسرائيليَّ حَصانتَها

أحداث القدس كانت محور مقدمة نشرة الجديد التي قالت: وصلت غزةُ الى القُدس بسرعةِ الصاروخ، توعّدت فصائلُ المقاومةِ وحدّدتِ السادسةَ مساءً توقيتاً لبَدءِ إطلاقِ النار، وعلى الدقيقة كانت كتائبُ القسّام توجّهُ أولى ضَرَباتِها الصاروخية التي أرفقها العدوُّ بدويِّ صَفَّاراتِ الإنذار ونزولِ المستوطنينَ الى الملاجىء مصحوبينَ برعبِ الصوتِ ورُهابِ الصاروخ. ومُهلةُ القسّام كانت قد مَنحت العدوَّ فرصةَ سحبِ قواتِه ومستوطنيه من المسجدِ الأقصى وحيِّ الشيخ جرّاح في القُدسِ الشرقيةِ المحتلة، لكنّ إسرائيلَ استمرّت في تعزيزِ حشودِها العسكرية وأَطلقت العِنانَ “لحشراتِها الزاحفة” منَ المستوطنينَ في اقتحامِ المسجدِ والتعدّي على المصلينَ المرابطينَ في باحاتِه، وشملتِ الاعتداءاتُ المُسعفينَ والفِرَقَ الطِّبيةَ وساحاتِه فيما قامَت قواتُ الاحتلالِ باعتقالِ المصابينَ خلالَ المواجهات. فهل تقفُ غزةُ هنا على الحِياد؟ وكيف تساندُ القدسَ ما لم تَستخدمِ اللغةَ التي تفهمُها إسرائيلُ جيداً، والتي اختَصرها الناطقُ باسمِ القسّام بعبارة “وإن عُدتُم عُدنا وإن زدتُم زُدنا”. ومِن القسّامِ الى سرايا القدس الى ألويةِ الناصر صلاح الدين توالت الصليات الصاروخية وسقطت في أشكالون وسديروت وكفر غزة، ومن بينِ كلِّ هذه الصواريخ لم تتمكّنِ القُبةُ الحديديةُ إلا مِن إسقاطِ واحدٍ فقط فيما بقيةُ الصواريخِ كانت “برعايةِ الله” ونَزَلَت في مناطقَ مفتوحة. وقد ردّ العدوُّ في قصفٍ على بيت حانون شَماليَّ القِطاع حيث سقط عددٌ من الشهداءِ مِن أسرةٍ واحدةٍ بينَهم ثلاثةُ أطفال، وحتّى الساعةِ فإنّ معادلةَ توازنِ الرُّعبِ مستمرة، فصائلُ المقاومةِ تَضرِبُ في عُمقِ القدسِ المحتلة والعدوُّ ينفّذُ غاراتٍ على مساكنَ مأهولةٍ ويُصنّفُها أهدافًا عسكرية، ماذا عن المواقفِ السياسية؟ هي مِنَ المرّاتِ النادرةِ التي لا تَمنحُ فيها الإدارةُ الأميركيةُ العُدوانَ الإسرائيليَّ حَصانتَها، وقد سَعى مسؤولو الاستخباراتِ الإسرائيليةِ قبل أسبوعٍ إلى الحصولِ على اللَّقاحِ الأميركيّ، سَواءٌ في العُنفِ ضِدَّ الفِلَسطينيين أو في عرقلةِ التفاوضِ النوويِّ الإيرانيّ، لكنّ واشنطن لم تنبطحْ كالعادةِ أمامَ الابتزازِ الإسرائيليّ واستمرّت في تخصيبِ الاتفاقيةِ النووية ورحّبت بالتقاربِ السعوديِّ الايرانيّ وضغطَت لمصالحةِ قطر ومِصر ولوضعِ حدٍّ لحربِ اليمن. عادت استخباراتُ إسرائيلَ خائبةً مِن أميركا وقرّرت استعراضَ قوتِها العسكريةِ على الحدودِ معَ لبنان، لكنّها وبعد يومٍ واحدٍ مِن إطلاقِ مناوراتِها، أعلنت تعليقَ هذه التدريباتِ وأَخمدت عرَباتِ نارِها. ناورت إسرائيلُ في الشَّمالِ بصمت وأنهت تدريباتِها بفشلٍ، وادّعت أنها معنيةٌ بتركيزِ كلِّ الجهود على الاستعدادِ والجاهزية لسيناريوهات التصعيدِ في القدس. وهذا التصعيدُ غيرُ حائزٍ تفويضًا اميركيًا، وقد ناهضه الاتحادُ الاوروبيّ واكتفى العربُ بإدانتِه، فيما اتّكأ الرئيسُ الفلَسطيني محمود عباس على ساعدٍ أميركيّ قائلاً إنّ ما يجري في الأقصى يشكّلُ تحدياً لجهودِ الإدارة الاميركية، ويؤشّرُ هذا التصريحُ إلى أنّ “أبو مازن” قد بلغتْه “صليات أميركيةٌ معارضةٌ للعنفِ الإسرائيلي”. وفي هذه الساعات العنفُ الى أقصاهُ إسرائيليًا والصواريخُ الى أعلى سماها فِلَسطيناً، لكنْ قد يرتعدُ العدوُّ ويُعلنُ الهزيمةَ بمجردِ اجتماعِ مجلسِ وزراءِ الخارجيةِ العرب يومَ غد، والعرب آخرُ الواصلين وأولُ البائعين، يجتمعون بقلبين: الأولُ على التطبيع والآخرُ على بيانِ استنكار يشبهُ الليرة َاللبنانية، لا يُصرفُ في ايِّ سوقٍ عربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.