الجديد: إذا كانت طاولةُ الانتخاب “تلم” التفاهماتِ المُنهارة فإنَّ طاولةَ الحوارِ ستَشهدُ على انهيارٍ أوسع

رأت الجديد أن كلَّ الحلول تخرجُ مِن فمِ التِنينِ القابضِ على الحُكمِ لتُبقيَه على قيدِ السلطة، وهي مندرجاتُ ستؤبّدُ اللبنانيين غداً لدى بَدءِ الانهيارِ الفعلي، وقالت في مقدمة النشرة: لا يتعبُ التحرير ولا يُصيبُ وجهَه ضَيم، يَكبُرُ في السّن فيكبِّرُ القلوب، وفي عامِه العِشرين يزهّرُ العيدُ في جَنوبٍ عاد عامَ ألفينِ إلى خريطةِ الوطن، قلّد البلادَ وسامَ النصر وقادَها إلى شموسٍ من الحرية لكنَّ قياداتِها السياسيةَ لم تكن على قدْرِ المسؤولية فأطفات شموعَ الأعياد وأغلقت بواباتِ الوطن. وفي عيدِ التحرير فإنَّ التحرّرَ مِن هذهِ القياداتِ بات مسؤوليةَ الشعب الذي عليهِ المقاومةُ هذهِ المرةَ لطردِ الأشباحِ مِن الهيكلِ لنكونَ غداً على صورةِ نصرٍ لا تَحكُمُه مرجِعياتٌ فاقدةٌ للمسؤولية وشعبٌ تَمرّدَ على تَرَسانةٍ عسكريةٍ إسرائيليةٍ لن تَهزِمَه فِرقةُ صدمٍ سياسيةٌ بات وجودُها احتلالاً ومناوراتُها ساقطة. وتتنوّعُ هذه المناوراتُ اليومَ بينَ طروحٍ عدةٍ منَ اللجوءِ الى الاستقالاتِ النيابيةِ والذَّهابِ للانتخاباتِ المبكرةِ مرورًا بتعديلِ الدستورِ لمصلحةِ إحكامِ رئيسِ الجُمهوريةِ قبضتَه على أيِّ رئيسٍ مكلّفٍ وصولاً إلى طرحِ طاولةِ الحوارِ التي يَلتفُّ حولَها زعماءُ المرحلةِ لتجديدِ البَيعة. والخِياراتُ الثلاثة هي لزومُ شراءِ عاملِ الوقتِ، وعلى مِنصةِ السوقِ السوداء، وكلُّها من عَلاماتِ قيامِ الساعةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والماليةِ على حدٍّ سَواء، فالانتخاباتُ المُبكرةُ تأخذُ شكلَ المبارزةِ على المسيحيِّ الأقوى بينَ التيارِ والقواتِ علماً أنّ التقاربَ بدأَ يترسّمُ بينَ الطرفَين في جلسةِ “الرسالة” الشهيرة، وإذا كانت طاولةُ الانتخاب “تلم” التفاهماتِ المُنهارة فإنَّ طاولةَ الحوارِ ستَشهدُ على انهيارٍ أوسع، سيَرفُضُها أقطابٌ كُثرٌ عدا أنَّها ستُلغي ما تَبقّى من مؤسّساتٍ دستوريةٍ وتُخضعُ تأليفَ الحكومةِ لــ “إجرين كراسي” مستحدثة. والطاولةُ المحشوةُ بالمتفجّرات لا تَعدو شيئًا أمامَ الطرحِ “الانتحاري” للنائب جبران باسيل الذي أودعه “مجلسَ الأونيسكو” وأوحى فيه للرأيِ العامّ بأنّه الحلُّ المثاليّ لكنَّ باطنَه يحتوي على مَصيدةٍ لأيِّ رئيسِ حكومةٍ مُكلّف، فيقيّدُه بالمُهَل ليُصبحَ أقلَّ مِن باش كاتب عند رئيسِ الجُمهورية. وينطوي طرحُ باسيل على احتجازِ رئيسِ الحكومةِ ضِمنَ مُهلةِ الشهرِ في التأليف، وعندما لا يُلبّي رَغَباتِ رئيسِ البلادِ في التّسميةِ والخاناتِ والمرجِعيّاتِ يَنسِفُه بمرسومِ إعفاءٍ يُرديهِ في نادِي رؤساءِ الحكوماتِ السابقين. والمُهلُ بالمهلِ تُذكرُ، فإذا أراد رئيسُ التيار تعديلَها وترشيقَها لرئيسِ الحكومة فلْيستكملْ “معروفَه” الدستوريّ ولْيطرحْ مُهلاً موازيةً تفرِضُ انتخابَ رئيسِ الجُمهورية ولا تُدخِلُ البلادَ في الفراغِ القاتل ريثما يجري الاتفاقُ السياسي. والإبداعاتُ في الطروحِ السياسيةِ الثلاثةِ الآنفةِ الذكر يُصوّرُها الحُكمُ على أنّها حلولٌ ومخارجُ للأزْمة، وقد رأى النائب آلان عون للجديد أنَّ العهدَ يقدّمُ اليومَ للرئيسِ المكلّفِ الفرصةَ الأخيرةَ في التأليف، وإذا ذهبَت فلْنقرّبْ موعدَ الانتخابات. لكنّ كلَّ الحلول تخرجُ مِن فمِ التِنينِ القابضِ على الحُكمِ لتُبقيَه على قيدِ السلطة، وهي مندرجاتُ ستؤبّدُ اللبنانيين غداً لدى بَدءِ الانهيارِ الفعلي، عندئذٍ سنكونُ امامَ عَتَمةٍ كهرَبائيةٍ ورفعِ دعمٍ وطوابيرِ المحطاتِ وإقفالِ الصيدلياتِ ومجملِ متفرِّعاتِ الأزْمة، وسيكونُ المواطنُ أمامَ حتميةِ أخذِ حقِّه في الشارع. والفرصةُ الأخيرةُ للسياسيينَ اليوم هي الاختيارُ بينَ غضبِ الناسِ الذي سيدفعُ الزَّعاماتِ الى اللجوءِ السياسيِّ ضمنَ أربعةِ حيطانٍ مِن رئيسِ الجُمهوريةِ الى رئيسِ الحكومةِ المكلّفِ فرئيسِ مجلسِ النواب، أوِ اللجوءِ الى أهونِ الشرورِ في تأليفِ الحكومة وإن كلّف الأمرُ الرئيسَ سعد الحريري تعديلَ لائحةٍ وتحديثَها كما دعاهُ البطريركُ الراعي. هو الانهيارُ أو الاستلامُ الى حلٍّ لا يتطلّبُ سِوى خفضِ السقوف، فالأزمةُ محليةٌ كما وَصفَها الرئيس نبيه بري قائلاً إنّ مشكلتَنا الحكوميةَ الراهنةَ “مئة بالمئة” محضُّ داخليةٍ وشخصية “وسوس الخشب منو وفيه”، اما حل الأزمة الاسهل وبطريقة سليمان فرنجية المباشرة فمختصرها: لو كنت مكان الرئيس ميشال عون لاستقلت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.