“الأخبار”: رياض سلامة بدأ ‏تنفيذ ترشيد الدعم بالدواء وفيول الكهرباء بموازاة اتفاقه وبري على تطيير ‏قانون “الكابيتال كونترول”

كتبت صحيفة “الأخبار” قائلة ان الحكومة معلّقة. وكل المحاولات تصطدم بأزمة الثقة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلّف سعد الحريري. الطرفان صارا في ‏قلب الانتخابات النيابية، والتعامل مع الملف الحكومي صار يقارب بمدى فائدته في حشد المناصرين. لكن إلى ذلك ‏الحين، فإن البلد ينهار بشكل متسارع. “ترشيد الدعم” صار أمراً واقعاً، لكن ذلك يطال في طريقه الفيول الخاص ‏بكهرباء لبنان، رغم أن القانون يوجب على مصرف لبنان فتح الاعتمادات للمؤسسة، بوصفه مصرف القطاع العام. ‏لكن، مع ذلك، رياض سلامة لا يبالي بأن تنخفض التغذية إلى ساعتين يومياً. اللافت أنه يفضّل هدر الدولارات على ‏دعم المازوت الخاص بالمولدات الخاصة، بالرغم من أن كلفة إنتاج الطاقة فيها أعلى، بما يزيد الأعباء على الاحتياطي ‏وعلى المستهلكين الذين يدفعون زيادة تصل إلى عشرة أضعاف‎!‎.

الأجواء الإيجابية التي تلت فترة حرب البيانات بين رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” من جهة وتيار ‏‏”المستقبل” من جهة أخرى، تقتصر وظيفتها على التهدئة الإعلامية بين الطرفين. المطلوب الحد الأدنى من الهدوء، ‏لكي يستمر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مسعاه، هو الذي أكد أن “المبادرة التي أطلقها قائمة، ولن يتراجع عنها، بوصفها ‏فرصة لن يكون مثلها، بل لن تتكرّر‎”.

لكن هل فعلاً المبادرة قائمة؟ بحسب المعطيات المتوافرة، فإن تحركاً فرنسياً شهدته الأيام الماضية، حيث تواصل الموفد ‏الفرنسي باتريك دوريل مع المعنيين بتشكيل الحكومة. لكن مصادر مطلعة أكدت أن اتصالاته كانت محصورة ‏بالاستفسار عن التطورات، من دون أن يحمل أي اقتراح أو مبادرة جديدة. في المقابل، اتخذ رئيس المجلس، بالتعاون ‏مع حزب الله، مجموعة من الخطوات لتفعيل مبادرته بعد تثبيت الهدنة بين التيارين الخصمين، من دون أن يعني ذلك ‏زيادة التفاؤل بإمكانية إحداث أي خرق في المشهد الراهن. في الظاهر، فإن العقدة صارت محصورة بالوزيرين ‏المسيحيين اللذين يفترض أن يكونا جزءاً من الثلث المحسوب على الحريري. كل الصيغ لتسميتهما وصلت إلى حائط ‏مسدود، علماً بأن مصادر مطلعة أكدت أن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان سمع من رئيس الجمهورية موافقة ‏على صيغة تسمية الحريري لوزيرين يوافق عليهما الرئيس، لكن باسيل هو الذي رفض هذا الحل، على اعتبار أن في ‏ذلك تثبيتاً للمثالثة التي يرفضها المسيحيون. وفي الإطار نفسه، كان نُقل عن بري عندما وصلته، عبر الخليلين (الوزير ‏السابق علي حسن خليل، وحسين الخليل المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله)، رسالة من الامين العام لحزب الله ‏مفادها أنه لا يجوز ترك البلد على ما هو عليه هكذا، أبلغ الطرفين أنه سبق أن تجاوب الحريري مع مسعاه لكن باسيل ‏لا يوافق على تسمية الحريري للوزيرين المسيحيين، طالباً العودة إلى التواصل معه مجدداً. وهو ما يفترض أن يحصل ‏مع بداية الأسبوع‎.
يذكر أن باسيل كان وافق على توزيع الحقائب الذي اقترحه الحريري، باستثناء إيلاء حقيبة الطاقة إلى تيار المردة، التي ‏أعطيت إلى حزب الله أو حركة أمل‎.‎

وعلمت “الأخبار” أن حزب الله تواصل مع كل من الحريري وباسيل، قائلاً للأول بضرورة حل مشكلة الحكومة ‏مع عون، واعداً بأن الثنائي لن يعقّد الأمور وليس لديه مطالب غير حقيبة المال لحركة أمل، ولن تكون هناك مشكلة ‏ببقية الأسماء. أما باسيل، فحضّه الحزب على التعامل بإيجابية مع مبادرة بري، إذ “يجب عدم ترك المناخات ‏السلبية تتحكّم بالمشهد”. من جهته، نُقِل عن بري قوله إنه أعطى “سعد وجبران مهلة أسبوع أخير، وبعدها سيكون ‏لي حديث آخر”. بدوره، وضع البطريرك الماروني بشارة الراعي مهلة 10 أيام لتأليف حكومة، قائلاً إنه يرفض ‏أن يتحدث أحد باسمه، و”أنا لا أريد التدخل في التسميات ولن يكون لي أيّ مرشح‎”.

وبالرغم من التهدئة الإعلامية، وبالرغم من استمرار مبادرة بري، إلا أنه بدا واضحاً بالنسبة إلى مطلعين على ‏مسار التشكيل أن الحريري، كما باسيل، يتعاملان مع الملف الحكومي من منطلق تأثيره على الانتخابات النيابية لا ‏من منطلق السعي جدياً إلى تشكيل الحكومة. فقد سلم الجميع بأن حكومة يرأسها الحريري في عهد ميشال عون لن ‏تكون متاحة، بسبب أزمة الثقة التي تباعد بينهما وتجعل أي تعاون، حتى لو أُلفت الحكومة، بعيد المنال؛ بمعنى أن ‏تأليف الحكومة حتى لو أنجز فلن يكون كافياً لتتمكن من العمل في ظل هذه الأزمة. وهذا يشير إلى أن المطلوب من ‏الملف الحكومي حالياً هو تجميع الأوراق وصولاً للاستحقاق الانتخابي الذي سيجري في موعده، أي بعد نحو ‏عام. الحريري يريد تعزيز شعبيته في الشارع السنّي، مقتنعاً بأن الطريق إلى ذلك هو استمرار التصعيد مع باسيل، ‏والأخير يريد أن يعزز شعبيته في الشارع المسيحي، معتمداً على إبداء الحرص على الدور المسيحي وحماية ‏المناصفة‎.
لكن هل يمكن للبلد أن يصمد لمدة عام؟ المؤشرات الأولية تشير إلى أن الانهيار الشامل الذي كثر الحديث عنه لم ‏يعد بعيداً، وما رفع الدعم أو تقليصه إلا إحدى شراراته؛ علماً بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد بدأ عملياً ‏تنفيذ ترشيد الدعم، لكنه بدأه بالمواد الأكثر أهمية، أي الدواء وفيول الكهرباء، بالتوازي مع اتفاقه وبري على تطيير ‏قانون “الكابيتال كونترول”، ما يعني ترك حاكم مصرف لبنان متحكماً في مصير البلد والناس، من دون أي قيود ‏قانونية‎.

وفيما لم تُحسم بعد مسألة فتح اعتمادات للأدوية التي دخلت إلى لبنان قبل أن يقرر تقليص الدعم، أدى رفض سلامة ‏فتح اعتمادات لثلاث شحنات فيول لزوم معامل الكهرباء إلى كارثة على صعيد التغذية، حيث انخفضت التغذية ‏خارج بيروت إلى ? ساعات، فيما لم تزد في بيروت على 7 ساعات. وكانت المشكلة قد بدأت مع طعن نواب ‏القوات اللبنانية في قانون الاعتماد الإضافي بقيمة 300 مليار ليرة الذي أقرّه مجلس النواب لصالح مؤسسة كهرباء ‏لبنان، والذي أوقف المجلس الدستوري تنفيذه إلى حين بتّ الطعن. حينها، جمّدت عمليات شراء الفيول، باستثناء ‏شحنة واحدة وافق مصرف لبنان على فتح اعتماد لها، بعدما تأمنت كلفتها بالليرة بالتعاون بين وزارة المالية ‏وكهرباء لبنان. لكن منذ 26 أيار الماضي، حين أصبح القانون نافذاً، حتى اليوم، لم يوافق مصرف لبنان سوى على ‏فتح اعتماد باخرة واحدة من أصل أربع تم الاتفاق معها، هي باخرة فيول‎ (Grade B)‎، ستكفي عملياً لتشغيل ‏معملي الزوق والجية القديمين لنحو 15 يوماً. لكن في المقابل، فإن نقص الفيول‎ (Grade B) ‎والغاز أويل إدى إلى ‏إعلان المؤسسة تخفيض معدل الانتاج في معامل الزوق والجية الجديدين والزهراني ودير عمار، بما أدى إلى ‏تخفيض إجمالي الطاقة المنتجة على الشبكة حالياً إلى 720 ميغاواط، بعد أن جرى تخفيضها تدريجياً خلال ‏الأسابيع الماضية. المشكلة أنه حتى هذا الحد لن تستطيع المؤسسة الحفاظ عليه، إذ أكدت مصادرها أن مخزون ‏الفيول أويل‎ (Grade B) ‎لن يكفي لأكثر من أربعة أيام. بعدها ستكون مضطرة إلى إطفاء معملي الجية والزوق ‏الجديدين، فيما مخزون الغاز أويل لن يكفي لأكثر من أسبوع. عندها، ستنخفض التغذية إلى حدود 300 ميغاواط، ‏أي ما يعني اقتصار التغذية على ساعتين يومياً، علماً بأن ذلك سيؤثر على ثبات الشبكة الكهربائية واستقرارها، ‏حيث ستؤدي أي صدمة كهربائية تتعرض لها إلى خروج المعامل كافة عنها، وبالتالي الوصول إلى العتمة الشاملة‎.‎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.