الجديد: لا سلطة َتعترفُ بجرائمِها

أشارت الجديد إلى أنه لا سلطة َتعترفُ بجرائمِها، وقالت في مقدمة نشرتها: لم يُعطِ الحزنُ أساهُ لأوجاعٍ كتلك التي تركتْها على طريقِ السعدياتِ الساحلية، هناك كان انهيارُ عائلةٍ بكاملِ طاقَمِها الورديِّ يُشبهُ انهيارَ وطنٍ ممدٍّ على الأرض، أبو العائلةِ هُجِّر إلى إفريقيا بعدما أعياهُ الفَقرُ هنا فيما زوجتُه وزَهراتُه الأربعُ هَجَرْنَ في اتجاهِ المدينة، وفي الطريقِ إليها وقعَ حادثُ التدافعِ على محطةِ محروقات ودخلت فاطمة وبناتُها قائمةَ شهداءِ أزْمةِ البنزين بعدما اصطدمتِ السيارةُ التي كُنّ فيها بسياراتٍ عدةٍ بينَها واحدةٌ كانت تتجهُ عكسَ السيرِ يقودُها تلميذٌ ضابطٌ في الكُليةِ الحربية نُقلَ الى مستشفى حمود وهو في حالٍ حرِجةٍ جدًا. هي حكايةُ الذُّلِ الدامي هذه المرة، واندفاعِ الناسِ طلباً لمادةٍ حَرَقت أجسادَ أطفالٍ في عمرِ الورد وتمدّدت جثثُهم على أوتوسترادٍ ساحلي لن يتعرّفَ إلى فاطمة وزهراءَ وآية وتيا وليا عماد حويلي إلا مِن خلالِ رابطِ الموتِ الواحد والنفَسِ الأخيرِ الذي لُفِظَ معاً. لكنْ هل تَدخُلُ هذه الجريمةُ قائمةَ الأولوياتِ السياسية؟ هل تُحسَبُ على الصلاحياتِ وتسميةِ الوزيرَين وتندرجُ ميثاقاً في الدستور؟ لا سلطة َتعترفُ بجرائمِها. ففيما تودّعُ بلدتا الشرقية وجويا شهيداتِها، كان هناكَ في الوطنِ مَن يعيدُ تَكرارَ عناوينِه القاتلةِ والمملةِ والباعثةِ على التقيُّؤِ من حُكمٍ صارَ عَفِناً، هذه هي الجمهوريةُ التي لا تَعرِفُ الحَياء، جُمهوريةُ تنظيمِ الموتِ على دُفُعاتٍ وبالتقسيط، وبكلِّ عين ٍفاجرةٍ ووقِحةٍ تتلو علينا معتقداتِها السياسيةَ وشروطَها الحكومية وتُجري تدريباتٍ متتاليةً على الكَذِبِ الدستوريّ وبمحبة. فتكتّل جبران يدعو رئيس الحكومة المكلف الى الخروجِ من حالِ المراوحة، رئيس الحكومة المكلف يراوحُ مكانَه في الإمارات، مبادرةُ بري “تحدل” بلا استجابة، ورئيسُ الجُمهوريةِ يَعِدُ بطرحٍ يَقلِبُ الطاولةَ في الأيامِ المقبلة، وكلُّهم يعرفُ ومتأكدٌ أنّ جبران باسيل لا يريدُ سعد الحريري وأنّ سعد يُبقي الحكومةَ “لا معلقة ولا مطلقة”، حيث لا حكومة ولا اعتذار، على الاقل لتاريخه، وحتى هذه اللحظة. اما غدا ً فهو يوم يحمل معه كل المفاجآت، وآخرُ المواقفِ المزيفةِ ما حملَه تكتّلُ لبنانَ القويّ الذي أكّد فيهِ جبران باسيل أنْ لا أحدَ يَحُقُّ له تحويلُ اللبنانيينَ الى أسرى معادلةِ اللاءاتِ المانعةِ للتشكيلِ بعدَ كلِّ التنازلاتِ والتسهيلاتِ التي جرى تقديمُها، وشدّدَ على أنّ الاستمرارَ في حالِ المراوحةِ هو بمثابةِ ارتكابِ جريمةٍ بحقِّ الناس، وهذا ما لن يشاركَ فيه أو يسكُتَ عنه أو يقبلَ باستمرارِه. يقتلُ جبران رئيس الحكومة المكلف ويَمشي في جِنازتِه، فالجريمةُ التي تحدّث عنها باسيل هو إحدى أضلاعِها، والشاهدُ على ارتكابِ الجُرم هو الرئيس نبيه بري الذي أدلى بإفادتِه لجريدةِ النهار، وكشف بري عن اجتماعَينِ أو أكثرَ ما بينَ القصرِ الجُمهوريّ والبياضة أفضت جَميعًا الى استجابةِ النائب باسيل لبنودِها، قبل أن يُعلنَ أنه غيرُ مطلّعٍ عليها. وفي هذهِ الواقعة يُظهّرُ بري عدم َصِدقيةِ رئيسِ التيار، أو بمعنىً أقربَ الى الوضوحِ، فإنّ رئيسَ المجلسِ كَذّب جبران ووضعَه أمامَ مِرآتِه السياسية. وفي التحرّك السياسيّ الأنَ فإنّ حزبَ الله، الوكيلَ الحصريّ لباسيل، امام استيلادِ مخرجٍ بعد أن أحرج في التكليف وفي إسنادِ الحلّ الى السيد حسن نصرالله، لكنّ رئيسَ التيار عندما فوّض أمرَه الى الأمينِ العام لحزب الله فإنه جرد رئيسَ الجمهورية من مرجِعيتِه ودورِه كحَكَم، وهو الذي يخوضُ حروبًا على تثبتِ صلاحياتِ موقِعِ الرئاسةِ الأولى، فهل يكتفي التيارُ بمرجِعيةِ نصرالله؟ بموجِبِ تصريحٍ للنائب جورج عطالله للجديد فإنّ التيار يدرس مخرجاً قانونيا لسحب التكليف من الرئيس الحريري، لكنّ هذه المسألةَ اصعبُ من التأليف نفسِه لان دونَها عقَباتٌ دستوريةٌ تبدأُ ولا تنتهي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.