الجديد: حالةُ الغيبوبةِ عن الواقعِ المعيشيّ هي استكمالٌ لتغييبِ الحلِّ السياسيّ حيث ذُوبّت الطروح

سألت الجديد هل تلقّتِ الدوائرُ الرسميةُ نتائجَ انتخاباتِ نِقابةِ المهندسينَ وقبلَها نتائجُ نِقاباتِ مِهنٍ حرةٍ وما بينَها انتخاباتُ جامعاتٍ طردت منها الأحزاب؟ وقالت في مقدمة نشرتها: انعقد المجلسُ الاعلى للدفاع في العالَم الآخر وقرأ الأرضَ من أعاليه في السماء، فوَفقًا للبيان الرسمي يأتي الأمن هدفًا أساسيًا للاجتماع، لاسيما مع حلولِ فصلِ الصيف حيث توقّع رئيسُ الجمهورية أن يكونَ الموسِمُ السياحيُّ واعداً. هو وَعدٌ يُشبهُ العهدَ الذي يُنهي آخرَ سنواتِه بتسليمِ اللبنانيينَ إلى البؤسِ بكلِّ عناوينِه المعيشيةِ والاقتصادية. ومعالجاتُ المجلسِ الأعلى كانت بعباراتٍ تَستنكرُ إذلالَ المواطنين أمامَ محطاتِ المحروقات، إذ طلَب الرئيس عون الى جميعِ المعنيينَ منعَ تَكرارِ هذه الممارساتِ، متوقفًا عند قطعِ الطرق مؤيدًا حريةَ التعبيرِ من دونِ فوضىْ وأعمالِ شغب، سائلاً الأجهزةَ الأمنيةَ عدمَ التهاونِ في التعاملِ معها حِفاظاً على سلامةِ المواطنين والاستقرارِ العامّ. والمجلسُ الذي سيَصونُ السُّيَّاحَ من لبنانيين ومنتشرين في الصيفِ الواعدِ، أعطى كذلك ضماناتٍ باتخاذِ كلِّ الإجراءاتِ اللازمةِ لتواكبَ راحةَ المسافرين و”ان لاقاكم حبيبي سلمولي عليه”، بحسَبِ ما ورد في البيانِ الختاميّ المسيّلِ للدموعِ الصيفية. وما إنِ انتهى البيانُ حتى نَزَلَ المواطنون فرَحاً الى الشارع، فأقفلوا الطرقاتِ في بيروت وأحرقَ بعضُهم عرَبةَ الأُجرة وحمَلَ مواطنٌ مِن طرابلس جِهازَ تنفّسِ طِفلتِه في الشارع ملاحقاً نفَسَها باحثاً عن كهرَباء. هي السلطةُ التي لا تعرفُ بواقعٍ مرير وتسطّرُ محاضرَ ليسَت حاضنةً لبيئتِها وتعيشُ حالَ إنكارٍ بلغَت حدَّ الإغماءِ العام، فهل يتابعُ المجتمعونَ طوابيرَ الذُّلِّ على المحطات؟ هل شعروا بأنّ الناسَ أصبحت تحتلُّ إداراتِ الدولة؟ هل سمِعوا بحادثِ اقتحامِ مَصرِفٍ لبنانيٍّ لتوفيرِ أموالِ المرضى؟ وأبعدُ مِن شارعٍ وغضبِ ناس، هل تلقّتِ الدوائرُ الرسميةُ نتائجَ انتخاباتِ نِقابةِ المهندسينَ، وقبلَها نتائجُ نِقاباتِ مِهنٍ حرةٍ، وما بينَها انتخاباتُ جامعاتٍ طردت منها الأحزاب؟ ليسَ في عُرفِ الحُكمِ الاعترافُ بنتائجِ الصناديقِ الانتخابية، وربما ننتظرُ حلاً بعدَ تعبئتِهم بصناديقَ خشبية، فحالةُ الغيبوبةِ عن الواقعِ المعيشيّ هي استكمالٌ لتغييبِ الحلِّ السياسيّ حيث ذُوبّت الطروح، واختفى المبادرون، وتحلّلتِ الصيغ، وفُقدت آثارُ الرئيسِ المكلّف، واستمرّت مناجاةُ جبران بمناداتِه أن يعودَ ويؤلّف في أكبرِ تكاذبٍ على اللبنانيين مغلّفٍ بروحِ المودّةِ والأُلفة. أما “وسيطُ الجُمهورية” الذي يتّخذُ شكلَ حزبِ الله فلم تظهرْ علائمُ عجائبِه بعد ولم يصلْنا سِوى تصريحاتِ نوابِه، وبحسَبِ النائب حسن فضل الله فإنّ هناك أزْمةَ ثقةٍ بين عون والحريري، فيما كان النائب محمد رعد قد سبقَه الى تصريحٍ مجهولٍ يُعلنُ فيه أن ثمةَ مَن لا يريدُ تأليفَ الحكومة وهو يعرفُ نفسَه وأوساطُ العملِ السياسيّ تعرِفُه، ويريدونَ مِن الآنَ أن يَفتحوا معركةَ الانتخاباتِ النيابية. وطِبقًا لرسوماتِ رعد التشبيهية فإنّ الجميعَ إذًا يعرِفُ هذا الشخصَ الذي لا يريدُ تشكيلَ الحكومة، وعلى المشاهدينَ أن يُجيبوا على اسمٍ مِن ثلاثةٍ لا رابعَ لها: عون، جبران، أو سعد الحريري؟ فهل هذه الحزورةُ هي إعلانٌ لفشلِ وساطةِ الأمينِ العامِّ لحِزبِ الله؟ أم هي خريطةُ طريقٍ تمهّدُ لاستبدالِ الرئيسِ المكلّفِ بمكلفٍ آخر؟ لا احدَ يملِكُ الجوابَ سِوى حزبِ الله “ورجلٍ مِن البصرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.