الشيخوخة تحددها عوامل بيولوجية وليست بيئية

توصلت دراسة أميركية جديدة إلى نتائج محبطة خلاصتها أنه بغض النظر عن مدى صعوبة المحاولة، فربما يكون من الصعب إبطاء الشيخوخة.

وأفادت نتائج الدراسة، التي أجراها باحثون بجامعة ستانفورد، أن معدل الشيخوخة ثابت ويتم تحديده في الغالب من خلال العوامل البيولوجية، وليس البيئية، بحسب ما نشره موقع Live Science نقلًا عن Nature Communications.

عمر البشر له حدود

قال شريباد تولجابوركار، أستاذ علم الأحياء ودراسات السكان في جامعة ستانفورد، والذي ساعد في مراجعة الدراسة، إنه بالنسبة لكل مجموعة من الكائنات توصل الباحثون إلى أن “معدل الشيخوخة يبدو متماثلًا تقريبًا داخل تلك المجموعة”. ولكن ربما يكون من الممكن للبشر في يوم من الأيام إبطاء الشيخوخة البيولوجية باستخدام الأدوية.

يعيش البشر اليوم أطول من أي وقت مضى. فمنذ عام 1950، ارتفع متوسط الأعمار المتوقعة في العالم بما يقرب من 30 عامًا، أي من 45 إلى 72 حاليًا، ويصل الأشخاص الأطول عمرًا لأكثر من 115 عامًا. سعى الباحثون، الذين يدرسون الشيخوخة بشكل متزايد، لتحديد المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا الاتجاه التصاعدي وحول ما إذا كان عمر الإنسان ليس له حدود، لكن توصلوا إلى نتائج تعارض الاستنتاجات التي خلصت إليها دراسة أجريت عام 2018 ونُشرت آنذاك في مجلة Science.

أبحاث إطالة العمر

أصبحت أبحاث إطالة عمر الإنسان أيضًا صناعة مزدهرة، حيث تستثمر شركات مثل Calico المدعومة من غوغل مليارات الدولارات في هذا المجال، بيد أنه، حتى الآن، ركزت كل تلك الأبحاث على بيانات الوفيات من البشر فقط.

وقال تولجابوركار إنه بشكل عام، لم يتم إحراز نجاح كبير للتوصل إلى أي عامل يمكن القول إنه ينطبق على الأنواع المختلفة، بعكس ما ذهبت إليه الدراسة الجديدة، والتي تطرقت إلى بحث الشيخوخة في أنواع متعددة من الكائنات الحية.

البشر والكائنات الأخرى

شارك فريق دولي مكون من 40 باحثًا بفحص بيانات الوفيات من 39 مجموعة من سبعة أجناس من الكائنات الحية الرئيسية، من بينها عدة أنواع من الغوريلا والقردة ونوعان من الليمور أو الهباريات والبشر. جاءت البيانات الحيوانية من دراسات الحيوانات البرية وحدائق الحيوان، في حين تم الاعتماد على سبعة مصادر للبيانات البشرية من قاعدة بيانات الوفيات البشرية والمحفوظات التاريخية الأخرى، التي امتدت على نطاق واسع من الفترات الزمنية، من إنجلترا بين 1600 و1725 إلى أوكرانيا في عام 1933. واشتملت المصادر على اثنين من الدراسات الحديثة نسبيًا لمجموعات الصيادين. وكان من المفترض أن تمثل جميع البيانات البشرية بيئة “طبيعية” لا تتأثر بالتطورات الحديثة في مجال الصحة العامة.

استعرض الباحثون، أولاً، مقياسين هما متوسط العمر المتوقع بالإضافة إلى المساواة في العمر، أي “شكل” منحنى الوفيات عبر العمر الافتراضي. وتوصلوا إلى أن هناك نسبة ثابتة أنه لكل جنس، فيما يتعلق بالمقياسين، على الرغم من التباين الواسع في البيئات للمجموعات السكانية المختلفة.

مخاطر الوفاة

استخدم الباحثون بعدئذ معادلة رياضية، تسمى دالة موت Siler، لحساب كيفية تأثير العوامل المختلفة على خطر الوفاة على مدى حياة الكائنات الحية الرئيسية. تمثلت بعض معايير خطر وفيات بين الرضع، والتي تبدأ بشكل مرتفع وتنخفض بسرعة؛ مثّل آخر خطر الوفاة المستمر بغض النظر عن العمر (مثل السقوط أو الحوادث المميتة)؛ وعنصر خطر آخر للوفيات وهو الذي يزداد مع التقدم في العمر أو معدل الشيخوخة.

اختلفت جميع المؤشرات تقريبًا بشكل كبير من مجتمع لآخر. ففي مجموعات سكانية مختلفة، تؤثر عوامل مثل الحيوانات المفترسة والأمراض والمناطق المحيطة المختلفة على وفيات الرضع ومخاطر الوفاة لأسباب غير البيولوجية، مثل الحوادث. لكن تبين أن المؤشرات، التي تحدد معدل الشيخوخة، بالكاد تختلف داخل كل مجموعة فردية من الكائنات الحية الرئيسية ومن بينها البشر. وعندما حاول الباحثون تغيير كل عامل على حدة في معادلتهم، كان النتيجة هي أن واحدًا فقط كان له تأثير ملحوظ على النسبة التي تم حسابها بين متوسط العمر المتوقع والمساواة في العمر لكل جنس.

معدل الشيخوخة

وقال تولجابوركار “اتضح أن العامل الوحيد الذي يبدو أنه مهم للغاية هو معدل الشيخوخة”. ويبدو أن تغيير متغير “معدل الشيخوخة” يؤثر على أنماط الوفيات من نوع لآخر من الكائنات الحية الرئيسية، في حين أن تغيير المعايير الأخرى كان له تأثير ضئيل للغاية. بعبارة أخرى، كان معدل الشيخوخة هو العامل الرئيسي الذي يحدد عمر الكائنات الحية في الأجناس المختلفة، ويؤدي تغيير معدل الشيخوخة إلى تغيير أنماط الوفيات بشكل كبير.

يتم تحديد العديد من عوامل الوفيات إلى حد كبير من خلال المخاطر البيئية – على سبيل المثال، الأحداث العفوية، مثل الحوادث المميتة، والتي لا ترتبط في الغالب بالعمر. لكن يُعتقد أن خطر الوفاة المرتبط بالعمر يتم تحديده بيولوجيًا، وهي النظرية التي تدعمها الدراسة الجديدة.

عوامل معقدة

إن العوامل البيولوجية التي تحكم الشيخوخة معقدة، ويدرس العديد من الباحثين الشيخوخة البيولوجية على مستويات مختلفة، من الروابط الكيميائية التي تتدهور مع التقدم في العمر إلى زيادة الطفرات الجينية إلى الخلايا التي تفشل في إصلاح الضرر. وقال تولجابوركار إن مجرد كون هذه العمليات تحكم الشيخوخة لا يعني بالضرورة أن معدل شيخوخة البشر سيظل ثابتًا دائمًا.

وعلى الرغم من أن تولجابوركار يتفق مع غالبية نتائج الدراسة، إلا أنه أشار إلى بعض الملاحظات من بينها أن الدراسة اعتمدت على بيانات حول بشر لم يعاصروا الطب الحديث. ولذلك لم تستطع الدراسة تحديد ما إذا كان الطب الحديث يمكن أن يغير معدل شيخوخة البشر. وأضاف قائلًا إن البشر حاليًا يعيشون لعمر أطول من أي وقت مضى، ولم يتضح من نتائج الدراسة ما إذا كان ذلك يحدث جزئيًا بسبب انخفاض الشيخوخة البيولوجية أم لا، منوهًا إلى إنه من الممكن أن يكون توصل الطب الحديث إلى علاجات لأمراض مثل السرطان والقلب قد غيّر بالفعل معدل الشيخوخة البشرية.

أساس جيد لدراسات مستقبلية

أثنى تولجابوركار على الدراسة قائلًا إنها تمت بشكل جيد، ويمكن أن تكون بمثابة أساس للدراسات المستقبلية حول الصحة العامة والتدخلات الخاصة بالأمراض من خلال مقارنة نتائجها وبياناتها، على سبيل المثال، مع بيانات حديثة لنسب ومعدلات الوفيات من بعد تطوير علاجات فعالة لبعض أنواع السرطان، مثل سرطان البروستاتا والثدي، حيث يمكن التوصل إلى نتائج دقيقة حول ما إذا كانت هذه التدخلات الطبية قد أدت إلى إبطاء معدل الشيخوخة لدى البشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.