الراعي: لا احد معني بلبنان اكثر من فخامته وعلى الحريري الإسراع بتشكيل الحكومة مع الرئيس وفقا للدستور، هناك مخطط يستهدفنا وعلينا التحصن لاحباطه
استقبل الرئيس عون قبل الظهر، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي اطلعه على نتائج اللقاء الذي عقد في الفاتيكان بدعوة من قداسة البابا فرنسيس في “يوم تأمل وصلاة من اجل لبنان”.
بعد اللقاء، تحدث البطريرك الراعي الى الصحافيين، فقال: “تعرفون ان هذه الزيارة هي لوضع فخامة الرئيس في أجواء ما جرى في روما، علما انه تابع الأمر. لكن من الواجب ان اضعه اكثر فأكثر في الجو الذي كنا فيه، وفي قيمة “لقاء التفكير والتأمل من اجل لبنان” الذي دعا اليه قداسة البابا. كما كان من المهم ان أقول لفخامته ان خطاب قداسة البابا هو خريطة طريق لنا. وكوننا رؤساء كنائس قد دعانا، فعلينا ان نباشر عملنا ضمن اطارنا الكنسي لكي ننفذ هذه الخريطة التي تفضل بوضعها قداسته في خطابه الذي تعرفونه جميعا. وهو وجه نداءات الى فئات عديدة، علينا كرؤساء كنائس ان نعمل في الخط الذي يعنينا. هذا كان كل حديثي مع فخامة الرئيس، لأنه في النتيجة، نحن جميعا علينا ان نحمل مسؤولية مجتمعنا ووطننا، كل من موقعه، فخامته كرئيس للجمهورية، وانا كبطريرك وغيرنا كذلك، فلبنان يقوم على سواعدنا جميعا ونحن لا نقصد فئة من دون الأخرى”.
سئل: كيف سيتم وضع ما قاله قداسة البابا موضع التنفيذ، فأجاب: “نحن سنباشر بالمعنيين الذين وجه اليهم قداسته النداء. وعندما نقرأ الخطاب، يمكننا ان نستخرج كافة هذه النداءات، والآن سنباشر اتصالاتنا بكل المجموعات الموجهة اليها هذا الكلام، وسنقول لهم اننا نريد ان نعيش هذا الكلام، فقداسة البابا لم يدعنا للتسلية. وقد قلت لفخامته ان قداسته يحمل فعلا القضية اللبنانية في عمق أعماق قلبه. ما يعني انه سائر بها ويحملها الى المجتمع الدولي. ونحن علينا في لبنان ان نبني وطننا وبيتنا، ونعرف كيف نلاقي البابا لأنه لا يمكن ان يكون قداسته يعمل من اجل القضية اللبنانية بكل مفاهيمها ونحن غير مبالين بها”.
اضاف: “من هنا كان من الضروري ان يكون اول عمل أقوم به، ان ازور فخامة الرئيس، ومن بعدها نباشر بالتشاور مع بعضنا البعض وما هي خطة عملنا، وإلا يكون هذا النهار قد ذهب سدى. بالنسبة الي، انا لا اسمي هذا النهار ذكرى، بل ذكرى تتكرر كل يوم عندما نحققها”.
وعما اذا كان يعتبر، كما قال في روما، من ان الجميع يتحمل مسؤولية ما وصلنا اليه بمن فيهم رئيس الجمهورية، وهل بعد اللقاء لا يزال على موقفه بالنسبة الى رئيس الجمهورية من انه يتحمل المسؤولية ويخالف الدستور؟ قال الراعي: “لقد علقوا على كلمة “يخالف الدستور” في كل الصحف. انا سألوني اذا ما كان الجميع يخالف الدستور، فأجبت نعم الجميع يخالف الدستور، نعم جميعهم يخالف الدستور، ولكن ليس هذا موضوعنا. دعونا لا نتوقف عند امر او كلمة. ليس هناك احد معني بلبنان اكثر من فخامة رئيس الجمهورية، لا احد، وذلك انطلاقا من مسؤوليته كرئيس للجمهورية”.
وعما اذا كان لمس ان هناك من حل او مبادرة لجهة تشكيل حكومة تكنوقراط لا علاقة للسياسيين بها لأن اللبنانيين واقعون جميعهم في المصيبة نفسها؟ قال: “لم ندخل في هذا الموضوع التقني، ابدا. وما تقولينه، نقوله جميعنا كل يوم، وهذا ما تقوله السلطة كذلك، لا سيما لجهة المطالبة بحكومة تقنيين غير حزبيين. لكنني اريد ان أقول للبنانيين الذين افهمهم، وقداسة البابا وجه كلامه اليهم وتكلم على قهرهم، لكنه قال لهم أيضا: اصمدوا، فبعد الليل هناك فجر. نحن عملنا معهم، وليس في الكلام فحسب. نحن سنكون الى جانبهم في الكلام وإعطاء المعنويات، وسنساعدهم بكل معنى الكلمة لكي يستطيعوا المقاومة الروحية، المعنوية، والمادية. ونحن ننظم انفسنا لكي نكون الى جانب الناس ليستطيعوا الصمود، لكن الأمور لا تتحمل مدى طويلا، لأن الناس تريد ان تعيش. وهناك نداء الى اللبنانيين تكلم عنه قداسة البابا مهم للغاية، لجهة التأكيد على ان لديهم جذورا وتاريخا مهمين للغاية، فأصمدوا والليل سينتهي. ونحن علينا ان نكون الى جانبهم لكي يعبر هذا الليل”.
سئل: هل هناك من مخطط يرسم للبنان بعد التجويع الذي يعيشونه؟ أجاب: “لقد تكلمت في عظتي يوم الاحد الذي سبق سفري الى روما عن هكذا مخطط، حيث اشرت الى انه يبدو ان هناك مخططا يستهدف لبنان، وانا لا اتعجب من ان يكون هناك مثل هكذا مخطط، فهل السارق لا يخطط اذا ما أراد السرقة، ومن يريد ان يغتال أحدا الا يخطط لذلك؟ ولكن هل علي ان افتح الباب ام الشباك للسارق؟ انا علي ان اتحصن. نعم هناك مخطط لكن علينا ان نتحصن لكي لا يتحقق هذا المخطط. لا يكفي ان نقول مثلما قيل في العام 1975: حرب الآخرين على ارضنا. عيب هذا كلام لا يقال. صحيح انها حرب الآخرين على ارضنا، ولكن هذا لا يعني ان نقف متفرجين عليها. نحن علينا ان نعرف كيف نحافظ على انفسنا، وعلى وحدتنا الداخلية. علينا ان نتفاهم ونتصالح ونتكاتف، فالبلد لا ينهض وكل احد منا في مكان”.
وعما يقوله للرئيس المكلف سعد الحريري من هذا المنبر، قال الراعي: “ان يعجل بأسرع ما يمكن في تأليف الحكومة مع فخامة رئيس الجمهورية، وفق روح الدستور، لأن كل يوم نتأخر فيه، تغرق السفينة اكثر فأكثر، ونقع ضحية هذا التأخير. هذا الكلام قلته له مباشرة منذ زمن واكرره اليوم”.
وعما اذا كانت الترجمة لنداءات قداسة البابا تبدأ بتأليف حكومة، أجاب: “إن الباب لدخول أي امر هو تأليف الحكومة. ومن اوصلنا الى هنا هو عدم وجود حكومة، فعندما لا تكون هناك من حكومة، يخرب الاقتصاد والتجارة والسياحة والحياة، وتتوقف المصارف والمصالح، وتزيد الهجرة والبطالة، وتقفل المحال والمؤسسات. ان الحكومة هي الباب، فهي السلطة الإجرائية. من يقرر؟ الحكومة. اين هي؟ ليست موجودة فلا يتم اتخاذ أي قرار، والنتيجة ان البلد يموت. نحن لا نقدر، بروح المسؤولية الوطنية، ان نتاخر ربع دقيقة عن عدم تأليف الحكومة”.