بعد “كورونا”…”الكوليرا” يؤرق المخيمات الفلسطينية في لبنان… فهل يصل اليها؟

يتدحرج الغضب السياسي والشعبي الفلسطيني في لبنان ضد وكالة “الأونروا” في كل الإتجاهات، الصحية والتربوية والخدماتية ما ينذر بإنفجار إجتماعي وشيك، بعدما إمتد التقصير من مواكبة إنتشار وباء “كورونا” خلال السنتين الماضيتين، الى التعثر في بدء العام الدراسي الجديد لجهة النقص الحاد في الكتب والقرطاسية والمعلمين واكتظاظ الصفوف ونقص المقاعد الخشبية، وصولا الى الاعتصام المفتوح في مكاتب الشؤون الإجتماعية في عين الحلوة لمطالبة الإدارة بإعادة فتح ملف العسر الشديد والإغاثة وفق معايير جديدة تتلاءم مع متطلبات العيش الكريم.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ”الجريدة”، ان المناشدة العاجلة التي أطلقها المفوض العام لوكالة “الأونروا” فيليب لازاريني للجهات المانحة لدعمها بالحصول على تمويل بقيمة 13 مليون دولار لمواصلة دعمها اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، جاءت من ناحية أخرىإقرارا رسميا بأنّ البرامج العادية لم تعد قادرة على تلبية احتياجاتهم، بعدما وصلت التقليصات وإجراءات التقشّف وضبط التكاليف إلى حدودها القصوى مع إرتفاع مستويات الفقر والبطالة مصحوباً باليأس الى حدّ باتت فيه تتساوى الحياة مع الموت، حيث تطبق الازمة المعيشية على أبناء المخيمات في أسوأ ازمة يمر بها لبنان.

وسط المشهد القاتم بتراجع خدمات “الأونروا” تحت ذريعة العجز المالي، بدأ وباء “كوليرا” يتهدد المخيمات الفلسطينيّة ويقترب منها في مختلف المناطق مع تسجيل حالات إصابة في معظم المناطق اللبنانيّة، وخاصة في الشمال وبينالنازحين السوريين، نظرا إلى البنى التحتية المهترئة، وانقطاع الكهرباء والمياه وعدم صيانة شبكات المجاري ما يؤدي أحياناً الى تلوث مياه المنازل بمياه الصرف الصحي ويفتح الباب على احتمال ظهور فيروسات وأوبئة أخرى.

وأوضحت مصادر طبية فلسطينية لـ”الجريدة”، ان المخيمات الفلسطينية في لبنان، لم تسجل حتى الان ايّ اصابة بـ”الكوليرا”، رغم الاشتباه ببعض الحالات في الشمال وتحديدا في مخيم “نهر البارد” وقد أظهرت الفحوصات المخبرية انها غير مصابة، الا أن الخوف ما زال قائما من تسللها إلى المدارس التابعة لوكالة ”الأونروا”بسبب اكتظاظ الطلاب داخل الصفوف وشحّ المياه وغياب النظافة في دورات المياه (الحمامات)، ما يستدعي إعلان إستنفار صحيإستباقي لتفادي الشرب من الكأس المرّ.

ويقول عضو “اللجنة الشعبية الفلسطينية” لمخيم عين الحلوة، عدنان الرفاعي لـ”الجريدة”، ان المطلوب قيام الاونروا” بإعلان حالة طوارئ شاملة، لتواكب تردّي الأوضاع في المخيمات مع المخاوف من تفشي الـ”كوليرا” بعد وباء “كورونا”، مشيرا الى ان اللاجئين في لبنان يجب ان يعاملوا بإستنثاء من ادارتها لانهم الوحيدين بين الاقطار الخمسة ما زالوا محرومين من حقوقهم المدنية والاجتماعية والانسانية، ما يستوجب فورا رفع نسبة الخدمات كافة لهم وبالكامل خاصة مع تقرير مسؤولة الشؤون في “الأونروا” بأن نحو 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر.

ودعا الرفاعي ادارة “الاونروا” ومسؤوليها الى وقف “العنتريات” و”نغمة” العجز المالي والانصراف الى تطبيق سلسلة خطوات عملية تحمي المخيم وأبنائه وطلابه من الأوبئة والأمراض ومنها “الكوليرا”، متسائلا كيف ستحمي الطلاب من المرض وهم يتكدسون في الصفوف (50 طالب في بعض الصفوف)؟ قائلا كيف ستحميهم وهم ما زالوا يشربون من نفس المياه التي تذهب الى الحمامات؟ لماذا لا يتم إنشاء محطة “فلترة” في كل مدرسة؟ حتى لو كان يتم وضع “الكلور” في الآبار، ولماذا لا يقوم الاطباء بجولة ميدانية على الاحياء والحارات لارشاد الناس وخاصة الامهات وربّات البيوت الى كيفية الحماية الوقائية والتعقيم وتنظيم ندوات توعية لهم؟ لماذا لا يوزع قصاصات من أوراق التوعية داخل العيادات الطبية؟ هل نكتفي بالتوعية عبر الفضاء الافتراضي ومجموعات التواصل وكثير منهم لا يستطيع الوصول اليها بسبب الغلاء؟.

وإعتبر الرفاعي ان “الاونروا” تقول أكثر ما تفعل، تعد ولا تفي والخطط على الورق لا تطبق على الارض، ليس هناك خطوات جدية، انها عنتريات فقط نأمل ان تنتهي سريعا، لاننا نسير نحو انفجار اجتماعي، ونأسف ان نقول ان العدو الاسرائيلي يقتلنا في الداخل بالمدافع والدبابات والرصاص و”الاونروا” بتراجع الخدماتحيث تتساوى الحياة مع الموت. ودفعنا نحو الموت في البحار سعيا وراء حياة كريمة.

في المقابل، أكد رئيس قسم الصحة في “الأونروا” في لبنان الدكتور عبد الحكيم شناعة، أن “الأونروا” وضعت خطة متكاملة بين مختلف الأقسام لحماية المخيمات من التفشي ومنها القيام بحملات توعية على مواقع التواصل الاجتماعي ونشر فيديوهات قصيرة عن المرض وأسبابه والوقاية منه، وتأكيد أن الكوليرا بكتيريا ويمكن معالجتها وأدويتها متوفرة، ودعوة أبناء المخيمات الى الوقاية وأهمها النظافة الشخصية وغسل اليدين قبل الأكل وبعده وبعد الدخول الى الحمام.

وأعتبر شناعة أن البرنامج الصحي يعمل على توفير المياه بكل المدارس والتأكد من عدم تلوّثها وزيادة عدد العاملين فيها للاهتمام بشكل منتظم بالنظافة وخاصة دورات المياه، والتبليغ عن أي حالة مرضية ونقلها الى العيادة لفحصها من قبل الطبيب المختص، فيما قسم الهندسة يفحص الآبار الارتوازية للتأكد من خلوّها من الجراثيم، ووضع “الكلور” ومراقبتها بانتظام، إزالة النفايات يومياً ورشّ المبيدات ووضع المواد الكفيلة بمنع انتشار البكتيريا في أماكن تجمع النفايات والحاويات، أما قسم الصحة فمستعد لاستقبال أي حالة والأدوية موجودة داخل العيادات ومنها للإسهال والجفاف والالتهابات وهي مجاناً أو نقل أي حالة مرضية الى المستشفى وفق ما تحدّده وزارة الصحة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.