أين الكويت من مونديال قطر 2022؟

في السابع من كانون الأول/ديسمبر 1981، حسم منتخب الكويت تأهله رسمياً إلى نهائيات كأس العالم في كرة القدم التي استضافتها إسبانيا في العام 1982، وكانت تلك المرة الأولى والأخيرة!.

كان الإنجاز مُفترق طريق كبيراً في تاريخ البلد الصغير بمساحته (17818 كيلومتراً مربعاً)، والذي يتربع على العرش في إقليمه الجغرافي بعشرة ألقاب في بطولة كأس الخليج (رقم قياسي)، الأمر الذي لم يجعل من كرة القدم مفخرة لدى شعبه العاشق للعبة الأكثر شعبية فحسب، بل إنها فرضت نفسها في صلب ثقافته ويومياته وركناً من أركان هويته.

ضم “الأزرق” في تلك الحقبة عدداً كبيراً من النجوم الذين توّجوا أكثر من مرة ببطولة كأس الخليج، فضلاً عن كأس آسيا التي استضافتها البلاد في 1980، وهو العام الذي شهد تأهل الفريق إلى أولمبياد موسكو.

“كوريا تروح كوريا”
“كوريا تروح كوريا والكويت تروح إسبانيا”. هي جملة شهيرة فرضت نفسها في الوجدان الكويتي حتى اليوم. بطلها المعلّق المحلّي خالد الحربان وأطلقها بعد الفوز العزيز لـ”الأزرق” على كوريا الجنوبية القوية بهدفين نظيفين في التصفيات الأوّلية لمونديال 1982 التي استضافتها الكويت، ونجحت في بدايتها في تجاوز عقبتَي ماليزيا وتايلاند أيضاً.

قيل الكثير في تلك الفترة عن تدخلات في عمل المدرب كارلوس ألبرتو باريرا، خصوصاً لجهة اختيار اللاعبين، لكن البرازيلي كان حاسماً عندما قال قبل قرعة التصفيات الحاسمة: “المرحلة المقبلة لا هوادة فيها (…) لن نتأهل بالعاطفة”.

كانت التصفيات النهائية تجمع آنذاك قارتي آسيا وأوقيانيا ويتأهل منها منتخبان إلى كأس العالم، وأقيمت منافساتها بنظام الذهاب والإياب.

دُعي “الأزرق”، الذي دخل معسكراً تدريبياً استعدادياً في البرتغال، لمواجهات ساخنة أمام السعودية والصين ونيوزيلندا، وهذه الأخيرة التقاها في 10 تشرين الأول/أكتوبر 1981.

كانت مباراة مثيرة وتاريخية في أوكلاند سيتي وترتّب عليها الكثير.

فقد استُقبل اللاعبون بشكل مسيء جداً، إذ رفع الجمهور المحلي لافتات تطالب الكويتيين بالعودة إلى جِمالهم وصحاريهم، وتوقعوا انتصاراً كبيراً عليهم.

منذ تلك اللحظة، ولدت فكرة أن يكون الجَمَل التميمة الخاصة بالمنتخب الذي فاجأ أصحاب الأرض وحقق انتصاراً ثميناً عليه 2-1.

وفي بكين، تعثرت الكويت أمام الصين بثلاثية نظيفة، لكنها عوّضت بفوز عزيز على السعودية في عقر دارها بهدف عبدالعزيز العنبري.

وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1981، ثأر الكويتيون من الصين بإسقاطها بهدف نظيف.

وبعد أسبوع تقريباً، كان الموعد مع اللقاء الحاسم بين الكويت وضيفتها السعودية، ونجح فيه فيصل الدخيل في إحراز هدفي الفوز حاملاً فريقه مباشرةً إلى إسبانيا.

“هايدو”
دُعي “الأزرق” لمواجهة ضيفته نيوزيلندا. استعدت البلاد جيداً للموقعة، حيث امتلأت مدرجات ملعب نادي القادسية بالجماهير، وأصرّ رئيس الاتحاد المحلي، الشيخ فهد الأحمد الصباح، على دخول حوالي 100 جَمَل إلى الملعب للقيام بجولة تهدف لإيصال رسالة اعتزاز بالتقاليد إلى النيوزيلنديين رداً على ما بدر منهم في مباراة أوكلاند.

حُفر ذلك اليوم في تاريخ الكرة الكويتية، خصوصاً أن الجَمل تحول إلى تميمة رسمية للمنتخب وأطلق عليها اسم “هايدو”، وهي كلمة ارتبطت بأغنية شهيرة حملت الاسم نفسه في أوائل الثمانينيات، وتقال للجمل عندما يراد له أن يجلس أو ينوخ.

انتهى اللقاء بالتعادل 2-2 ليتأهل “الأزرق” من موقع الصدارة، قبل أن يصنع منتخب نيوزيلندا المعجزة بالفوز على السعودية 5-صفر خاطفاً بطاقة التأهل الثانية من الصين.

يقول جاسم يعقوب عن ذاك التأهل الأول لمنتخب عربي آسيوي إلى العرس العالمي “يُعتبر الوصول إلى المونديال حلم كل لاعب في العالم وليس فقط في الكويت. وأن يختتم اللاعب مسيرته في كأس العالم، فهذا أعظم أمنياته، وقد تحقق هذا الحلم بالنسبة لي”.

التميمة أو الانسحاب
قبل أسابيع قليلة من بدء المونديال، داعبت صحيفة إسبانية المنتخب الكويتي مدّعيةً بأن لاعبي الفريق سيتأخرون في الوصول إلى نهائيات كأس العالم، لأنهم سوف “يسافرون على صهوة جمالهم”.

الشيخ فهد الأحمد لم يتقبّل ما قيل، وقرر بأن تكون الكويت أول فريق يصل إلى إسبانيا، قبل بدء المونديال بحوالي أسبوعين إثر معسكر تدريبي طويل في البرتغال والمغرب.

الفهد سرّب خبراً إلى صحافي فرنسي مفاده أن المنتخب الكويتي سينسحب من كأس العالم في حال إصرار السلطات الإسبانية على منعه من إحضار جَمَلٍ إلى معسكر الفريق.

استسلمت السلطات المحلية للمطلب في نهاية المطاف. وفي اليوم التالي، تم شحن ناقة جميلة من شمال أفريقيا إلى مدريد. وبمجرد وصول “هايدو”، تم إلباسه قميصاً عملاقاً باللون الأزرق الكلاسيكي لمنتخب الكويت.

البداية
وفرض تاريخ الـ17 من حزيران/يونيو 1982 نفسه في مخيلة شعب عاشق لكرة القدم. ففي ذلك اليوم، خاض “الأزرق” أول مباراة له في تاريخ كأس العالم وسجل فيها حضوراً مؤثراً إثر تعادله مع تشيكوسلوفاكيا سابقاً 1-1 ضمن منافسات المجموعة الرابعة.

اقترن اسم فيصل الدخيل أو “الملك”، بأول هدف كويتي في المونديال، الأمر الذي شكل جواز سفره لخوض مباراة خيرية في الولايات المتحدة الأميركية العام 1982 مع منتخب نجوم كأس العالم ضد منتخب أوروبا، بعد اختياره من قبل الاتحاد الدولي (فيفا) وبدعوة من منظمة الـ “يونيسف”.

من جهته، قال قائد “الأزرق” سعد الحوطي إنه شعر بالفخر والسعادة الغامرة ما إن وطأت قدماه ملعب المباراة الأولى، ومن ثم عزف النشيد الوطني.

ما تحقق بعد المباراة الأولى لم يكن في مستوى الطموح، فقد لقي المنتخب هزيمة قاسية أمام نظيره الفرنسي 1-4 في 21 ايار/مايو في بلد الوليد.

وحمل الهدف الوحيد توقيع عبدالله البلوشي في الدقيقة 75 من تسديدة صاروخية بعدما تلقى الكرة من عبدالعزيز العنبري.

سابقة في الملعب
شهدت المباراة حادثة بارزة في تاريخ كأس العالم منذ انطلاقها العام 1930 في الأوروغواي.

فخلال سير اللقاء، انطلقت صافرة من المدرجات أدت الى ارتباك مدافعي “الأزرق” وتوقفهم عن اللعب، فيما واصل المنتخب الفرنسي الذي كان يتقدم بنتيجة 3-1، وسجل لهم آلان جيريس هدفاً احتج عليه لاعبو الكويت.

توقفت المباراة لسبع دقائق، وشهدت نزول فهد الأحمد إلى ارض الملعب، وتحدثه إلى الحكم فتراجع الاخير عن قراره وألغى الهدف، مسجلا سابقة فريدة في تاريخ كأس العالم.

قال الأحمد “طلبت من اللاعبين البقاء في أرض الملعب وكنت أشير بيدي لهم بهذا المعنى”.

من ناحيته، قال باريرا: “لم يكن اللاعبون يريدون ترك الملعب، كانوا يريدون فقط التحدث مع حامل الراية بعدما سمعوا صافرة وتوقفوا بسببها عن اللعب قبل أن يسجل جيريس الهدف. الامر كان مجرد سوء تفاهم”.

وفرض الاتحاد الدولي غرامة مالية على الكويت قدرها 11800 دولار وثبت فوز فرنسا 4-1 وقرر ايقاف الحكم السوفياتي ميروسلاف ستوبا وعدم إسناد أي مباراة له حتى نهاية المونديال ووجه إنذاراً إلى الشيخ فهد الأحمد.

وشهدت المباراة الثالثة الأخيرة وداع المنتخب الكويتي لكأس العالم بخسارة امام نظيره الإنكليزي صفر-1 في 25 حزيران/يونيو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.