آموس هوكشتاين: على الحكومة اللبنانية أن تقوم بحل الأزمة الاقتصادية ومشكلة الطاقة في لبنان

لفت المنسّق الرّئاسي الأميركي الخاصّ لشؤون الطّاقة آموس هوكشتاين، عن توقّعاته حول تطبيق اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الآن مع حكومة بنيامين نتانياهو، الّذي انتقده بشدّة، ومن دون رئيس منتخب في لبنان، إلى أنّ “أوّلًا، هناك الآن حدود بحريّة دوليّة تحترمها الدّولتان. فالاتّفاق هو واقع تمّ للمرّة الأولى بين البلدين لا ينتظر التّطبيق. ثمّ إنّني لم أرَ أيّ إشارةٍ إلى أنّ الحكومة الجديدة الّتي ستأتي في إسرائيل تنوي رفض الاتّفاق أو الابتعاد منه”.

وأوضح، في حديث إلى “النهار العربي”، أنّه “كانت هناك بعض الانتقادات للاتّفاق قبل أن تتمّ معاييره، ثم نقل الى الهيئة القضائية العليا في إسرائيل التي وافقت عليه، ومنذ ذلك الوقت لم يصدر انتقاد عليه”، معربًا عن اعتقاده أنّه “عندما ينظرون الى مضمون الاتفاق، يدركون مكاسب الحفاظ عليه. وما ترونه هو التطبيق الفعلي على الأرض لهذا الاتفاق”.

 وذكر هوكشتاين أن “شركتَي “توتال اينيرجي” الفرنسية و”إيني” الإيطالية لديهما حقوق التنقيب في البلوك 9، وبدأتا تعلنان تحركهما للتنقيب الذي لا يحدث بين ليلة وضحاها، فهذا يتطلب إرسال الفريق التقني وإنشاء المكاتب والمنازل وهذا بدأ وهي أخبار سارة. وليست هناك حاجة لحكومة للقيام بكل ذلك”. وتمنّى أن “يتم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة في لبنان، ليس بالنسبة الى ترسيم الحدود بل لمصلحة لبنان. فترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل ليس الحل لكل الأمور، هناك ما على الحكومة أن تقوم به لحل الأزمة الاقتصادية ومشكلة الطاقة في لبنان”.

 وعمّا إذا كانت قطر قد تدخّلت في الاتفاق مع الشركات، أشار إلى “أنّني قضيت وقتاً طويلاً مع نظرائي الفرنسيين، وفي لحظات الصعوبة تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ليطلب منه المساعدة والدعم، وأنا تكلمت مع ماكرون وفريقه، ونحن نشكر الدعم الفرنسي لما قمنا به”.

وبيّن أنّ “هناك اتفاقا منفصلا بين الدولتين بسبب أن ليست بين البلدين علاقات، فكان الاتفاق منفصلاً بين الشركات الفرنسية والإيطالية وإسرائيل وتمكنا من إتمام ذلك بالتوازي. أما بالنسبة الى شركات أخرى في الكونسورسيوم، فهذا يتم حالياً درسه، ولا يجوز أن أستبق التعليق على مفاوضات شركات الدول المختلفة”.

 وعن توقّعاته لموعد بدء حقل كاريش الإسرائيلي تصدير الغاز الى أوروبا، أفاد هوكشتاين بأنّ “كاريش لا يصدر غازاً حالياً الى أوروبا، فالعمل الآن على تزويد السوق المحلي الإسرائيلي بالغاز. غاز كاريش قد يحل مكان الغاز الذي تنتجه شركة “شيفرون” الأميركية للاستهلاك المحلي، ويمكنها الآن تصديره الى مصر التي تستهلك جزءاً منه محلياً، وما تبقى منه تصدره مصر الى أوروبا أو الى أسواق أخرى”.

وعن سبب تأخر مشروع تصدير الغاز المصري الى لبنان والكهرباء من الأردن، لفت إلى “أنّني عندما عدت إلى الحكومة في أيلول 2021، بدأت أطّلع على الوضع الاقتصادي المؤلم والمنهار في لبنان، وأنا أحبّ بلدكم بتاريخه وثقافته وطعامه منذ ثلاثين سنة، والمنطقة غنيّة بالموارد الطّبيعيّة وبالكهرباء”.

وشدّد على “أنّنا دعمنا مفاوضات بين لبنان ومصر لشراء لبنان الغاز من مصر، الذي سيصدر منها الى الأردن الى سوريا، حيث يتم تبديله بالغاز السوري الذي يسلم الى لبنان، وهذا قد يزود لبنان بأربع أو خمس ساعات كهرباء في اليوم”، مؤكّدًا أنّه “هذا كان تطورًا جيّدًا، ولكنه يتطلب مفاوضات معقدة لأنه يقوم على مفاوضات مع مصر ومفاوضات منفصلة أخرى مع الأردن ومفاوضات بالغة التعقيد مع سوريا التي تخضع لعقوبات أميركية على نظام الأسد ولا يمكن أن تعطى مدفوعات الى سوريا”.

وكشف هوكشتاين أنّ “الولايات المتحدة الأميركية تحاول مساعدة لبنان في هذا المسار، وأن تتأكد من أن يتم بشكل لا يخترق العقوبات الأميركية. ثم كان هناك دعم من المنظمات الطولية، للتأكد من أن تكون الأنابيب والبنية التحتية لمرور هذا الغاز في شكل عملي، والجزء اللبناني منها كان مضروباً وتم إصلاحه وكان جاهزاً للعمل واستقبال الغاز فورا”.

كما شرح أنّ “من أجل أن يحصل ذلك، هناك ثلاثة شروط: على لبنان أن ينفذ التزامه الإصلاح، فليس هناك أي مبرر لعدم اتخاذ الحكومة اللبنانية ثلاث مراحل بسيطة، مثل تعيين أعضاء مجلس إدارة شركة الكهرباء وتلزيم شركة تدقيق، وغيرها من الإجراءات للتأكد من أعمال شفافة واسترداد التكاليف عبر فرض لبنان رسوم الكهرباء كي يعيد لبنان القرض للبنك الدولي. فعندما ينفذ لبنان الإصلاحات بإمكان البنك الدولي تقديم قرض، لأن هذا الغاز ليس مجانياً”.

وركّز على أنّ “لبنان مفلس لا يمكنه دفعه، ويحتاج الى منظمة دولية لتمويل مثل هذه العملية، شرط أن يجمع لبنان رسوم هذه الكهرباء لتسديد القرض للبنك الدولي. وعندما تتم الإصلاحات، يتم التدقيق من وزارة المالية في الولايات المتحدة في أن هذه العملية ليست خرقاً للعقوبات على سوريا، وأنا متأكد من أنه لن يكون هناك اعتراض على ذلك وليست هناك مشكلة من الكونغرس ولا من الحكومة الأميركية ولا حتى من البنك الدولي، فالمسألة فقط هي أن على لبنان أن يفعل ما يجب أن ينفذه”.

وذكّر الوسيط الأميركي بـ”أنّني منذ أشهر سمعت من اللبنانيين أنهم سينفذون ذلك في غضون أيام وما زلنا ننتظر. وكلما مر الوقت تألم الشعب وزادت التكاليف. وهذا معيب لأن كان بالإمكان إتمام ذلك خلال الأسابيع الثمانية وكان بالإمكان بعد ذلك زيادة كميات الغاز وزيادة الكهرباء عبر الترابط مع الأردن. فبالإمكان إنجاز الكثير على صعيد هذا القطاع ولكن طالما القيادات الحاكمة في لبنان تعيق الإصلاحات لا يمكن القيام بأدنى الأعمال. وبإمكان لبنان أن يشكو من البنك الدولي او الولايات المتحدة أو غيرهما لكن عليه ان يفعل المطلوب منه”.

وعن الموعد الّذي يرى فيه أن بإمكان لبنان أن يستفيد من عائدات الغاز، إذا كان مضمون الحقل الغازي واعدًا، أوضح أنّ “في 2023 قد يحصل التنقيب، وتكون لدينا فكرة إذا كان هناك غاز بكميات تجارية، وأين هو موجود وإذا كانت منطقته معقدة أو لا. بعد ذلك يتم وضع خطة تطوير لهذا الغاز أي في غضون ثلاث أو أربع سنوات، يمكننا أن نرى الغاز ينتج في لبنان، ولكن علينا ألّا ننتظر لذلك. وما هو لافت أنه للمرة الأولى منذ سنوات تستثمر شركات في لبنان”.

وأعلن “أنّني لست على علم بأي حوار بين فرنسا و”حزب الله”. وعمّا إذا كان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل قد لعب دورًا أساسيًّا في المفاوضات كما يتردد، أشار إلى “أنّني زرت مرات عدة لبنان، وقد مشيت وتنزهت في البلد كثيراً، وأنا رأيت أن أغلبيّة الناس فيه يؤيدون هذا الاتفاق”.

ورأى هوكشتاين أنّ “الأمل هو الأساس، وأعتقد أن عدداً من الأحزاب السياسية المختلفة لو كانت أعاقت هذا الاتفاق، لكان ذلك مناقضاً لمصلحة مؤيديها، وأنا لا أتكلم عن أحزاب معينة ولكن عن الغالبية. وأنا فاوضت الرؤساء الثلاثة مباشرة: مع رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال عون وفريقه ورئيس مجلس النّواب نبيه بري ورئيس الحكومة وممثّل القوات العسكرية وكانت المفاوضات شفافة. أعرف أن باسيل جزء من المنظومة السياسية في لبنان، ولكن لم يكن في القاعة عندما فاوضت عون أو نائب رئيس مجلس النّواب الياس بو صعب أو غيرهما”.

أمّا عمّا إذا كان يحاول التفاوض على ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، فشدّد على “أنّني عموماً شخص لا يعتقد أن مثل هذه الأمور ممكنة قبل عملها. وما قمنا به على صعيد ترسيم الحدود البحرية، لا يشير الى إمكان إنجاح ترسيم الحدود البرية. إنها حدود تختلف بتأثيرها، فما تحتاجه لتنفيذ الواحدة لا ينطبق على الأخرى، ولا يجب أن تكون مجتمعة، ولقد أصررت على فصلهما كي لا تؤثر مسائل الواحدة على الأخرى”.

ووجد أنّ “نجاح ترسيم الحدود البحرية يشير الى أننا عندما نفكر بشكل خلاق ونضع لكل جانب ما هي مكاسبه وخساراته، بإمكاننا إيجاد حلول. لن أدخل في تفاصيل الحدود البرية، ولكننا على قناعة تامة أن التوصل الى اتفاق على ترسيم الحدود البرية ممكن، ولكن هذا دائماً يكون في الوقت المناسب، فأنا لا أعرف إذا كان الوقت حالياً مناسباً، وطبعاً يكون أفضل عندما يكون هناك رئيس في لبنان وحكومة مشكلة فيه؛ كما أن الوضع في إسرائيل مع حكومة يتم تشكيلها فينبغي الانتظار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.