رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ: صعب على الجامعة ميلادُ هذه السنة لأنها تفتقد رئيس البلاد فيملأَ فراغًا لا يحتملُه وطن مجروح وشعب تائه

في كلمة له خلال افتتاح تساعية الميلاد المجيد في الجامعة الأنطونية قال رئيسها الأب ميشال جلخ “عجيب ميلادُ الرب! هو المولود، والفرحُ لنا! هو صاحب العيد ونحن مَن نتمنّى.
نأتي إليه، لا لنجعل عيدَه سعيدًا، بل لتُصبح حياتُنا، بهدي حبِّه، أرحَبَ وأعمقَ وأكثرَ إنسانيَّة. والأكثرُ إنسانيةً هو الأقربُ للألوهة.
نَصلُ إلى عيده محمَّلين بالأماني والأحلام والطَلَبات، إذ ماذا تُرانا نَهدي إلى مَن به أُعطينا كلَّ شيء؟
نَصلُ إليه، نلتمس من عائلته الفقيرة، من بيته المرتجَل المؤقّت، من بؤس ليلته الأولى على أرضنا، نعمةً لعائلاتنا التي رغم الضائقة ما زالت أغنى بما لا يقاس من عائلته، وبيوتُنا التي ما تزال أفضلَ بما لا يقاس من مذوده!
نَصلُ إلى فقره محمَّلين بكلِّ ما لدينا، مثقلين بممتلكاتنا ومشترياتنا وهدايانا… لا لنُهديه، بل لنسألَه أن يعطينا.
نصل إلى غربته في ذلك المذود المنسيّ لنسأله دِفئًا لعِلاقاتنا.
غريب ميلادُه! كلُّ المقاييس فيه مقلوبة، كلُّ البَداهات مربِكة، لَكَأنَّه تمرين على الملكوت، ذاك الذي لا يدركه ذهن ولا يخطر على قلب بشر.
مع ذلك… المهم أن نصل، أن ندرك مذود الرب خلف روزناماتنا المكتظة وحساباتنا المعقَّدة وواجباتنا الاجتماعية المرهِقة.
المهم أن نصل إليه. وليست التساعية إلا جرسَ تذكير لمن لم يبدؤوا بعدُ مسيرتهم باتجاهه، كي لا يضيِّعوا الطريق. “العيدُ من هنا”، تقول لنا الكنيسة، ستجوبون المطاعم والمصارف والمراكز التجارية ومحلات الألعاب والهدايا، لكن الطريق سيبقى من هنا، ولا مفرَّ لنا مِن أن نَمرَّ بهدأة الصلاة والعودة إلى الذات، فهلّا أخفضنا قليلًا ضوضاء العالم لنسمع ترنيمة السماء؟ هلّا أخفضنا أخبار السياسة، وإشاعاتِ المجتمع، وهمومَ الاقتصاد، وثرثرةَ التواصل الاجتماعي، وقلقَ أفكارنا وهمومنا كي نسمع نبض القلوب؟
مرورنا بمغارة السيِّد ليس كأيِّ مرور عابر. إنَّه يحوِّلنا ويُعيد خَلقَنا، حتّى إذا ما غادَرْنا يومَ العيد لم يغادِرْنا العيدُ بل بقي في قلوبنا نورًا يُضيء في الزمان الآتي دُروبًا للحبِّ والبساطة والرجاء.
صعب على الجامعة الأنطونيَّة ميلادُ هذه السنة لأنها تفتقد الليلة ضيفًا ممَيَّزا وجارًا فريدًا: إنَّه رئيسُ البلاد الذي ما نزال نترقَّبُه علَّه يُسرع في المجيء، فيملأَ فراغًا لا يحتملُه وطن مجروح وشعب تائه بين اقتصاد منهك وزعامات متنافرة.
فلنصلِّ إلى الربِّ كي لا ينسى لبنان وكي يكثر الحبَّ والنعمة والإيمان في بيوت أبنائه، فيقرعَ العيد أجراسه في ضميرنا ويرافقَ أيامنا كلَّها ليكون عيدُه العجيبُ أعجوبةَ أيّامِنا جميعِها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.