رئيس حواري ام حوار رئاسي؟

انطلق السباق منذ فترة بين فكرة القيام بحوار رئاسي، وبين وجوب انتخاب رئيس حواري. وعلى الرغم من ان السباق ليس محتدماً ولا سريعاً، الا انه موجود. فمن جهة، هناك الطرح الذي تقدم به رئيس مجلس النواب نبيه بري للجلوس الى طاولة حوار يكون هدفها الوصول الى قواسم مشتركة حول هوية الرئيس الجديد، ومن جهة اخرى هناك من يدعو للمسارعة الى انتخاب رئيس قادر على التواصل مع الجميع وانتشال البلد من حال المراوحة التي يعيش فبها. في الواقع، لا هذا الطريق ولا ذاك سيشكل الحل للمشكلة اللبنانية، وهو امر تم الحديث عنه باسهاب مراراً وتكراراً. ولكن، على الرغم من كل شيء، لا بد من احترام السيناريو الموضوع وايجاد توليفة اخراجيّة له، ولذلك يجب اختيار اما الحوار او الرئيس.

وفي هذا المجال، تفيد مصادر مطّلعة ان الخيارين حالياً قابعان مكانهما ولن يحركا ساكناً، فلا مقومات الحوار جاهزة ولا الرئيس التوافقي جاهز ايضاً، ولا مجال للتفرد بالقرارات في أيّ منهما، لان الحوار سيكون محكوماً بالفشل اذا فقد مكوناً رئيسياً الى ايّ طائفة انتمى، والاتفاق على رئيس لن يكون متاحاً من دون التفاهم الدولي الذي سينعكس على اللاعبين المحليين. وعليه، وفق المصادر، سيبقى لبنان يسير على المسار الموضوع له، القريب من كل شيء الا من الفلتان الشامل والفوضى، فيتلهّى اللبنانيون بالامور الحياتيّة والمعيشيّة والطبّية والخلافات السّياسية التي لا تغني ولا تقدم اي جديد، ولكنها كفيلة بـ”تمضية الوقت” الى ان يحين موعد التلاقي مع بوادر الحل. وسيتوفر للبنانيين معلومات ومواقف كثيرة تتطرق الى الخيارين المذكورين، مع طرح اسماء جدية وغير جدية لتولي الرئاسة، ما يفسح المجال امام المرشحين الرسميين والعلنيين لتوسيع مروحة تقديمهم اوراق الاعتماد، وامام داعميهم لتسويقهم في الخارج ومحاولة الحصول على موافقة مبدئية تكون كفيلة بتحديد الخط الذي سيسير عليه القطار اللبناني.

ولقد اثبتت الامور انّ الحوار او الرئيس الحواري، يحتاجان في مطلق الاحوال، الى تفاهم داخلي بالحد الادنى، يمكنه تأمين الارضية اللازمة لمواكبة الرئيس واعطائه، اقله على المدى القريب (اي لاشهر معدودة) الزخم اللازم لاظهار الدفع الجديد للبنانيين والذي، برأي المصادر، لن يستمر لوقت طويل على غرار ما كان يحصل سابقاً. ويخلق وجود الرئيس في بعبدا حالة تفاؤلية، تواكبها بعض الاجراءات الخارجية التي من شأنها تأمين دفعة مقبولة للوضع العام في لبنان، وبشكل واقعي بعيد عن التكهنات و”التبصير” ولفترة تكفي لتهدئة الاوضاع واشعار اللبنانيين بأن تغييراً ما حصل، ومدّهم بكميات قليلة من الاوكسجين تكفي لاعطائهم الامل بالاستمرار، فيتوقعون الافضل فيما لا شيء مضموناً في هذا المجال.

انها قصة “ابريق الزيت” نفسه، ولكن الترقب الآن سيكون حول معرفة اي من السيناريوهين سيتكلل بالنجاح، مع الاخذ في الاعتبار انه اذا كانت الامور ستتجه وفق نمط سريع، فإن خيار الرئيس الحواري هو الاقرب، بينما اذا كانت تتجه نحو النمط البطيء فإن خيار الحوار الرئاسي هو الذي سيسود وسيأخذ كل ما يريد من وقت كي يلتئم المتحاورون اولاً ويتفقون في ما بينهم على رئيس ثانياً. وحتى ذلك الحين، ستبقى دوامة الفراغ تدور في قصر بعبدا، وسيبقى الجميع في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الخارجية، وترقب حركة فرنسا واميركا والسعودية وايران… وتقاربها او ابتعادها وفق الظروف والمتغيرات الاقليمية والدولية.

كان الاجدى لو تم التعامل مع الامور بجدّية ولو كانت الارادة موجودة بالفعل للانقاذ، لما كانت هناك من حاجة لطاولة حوار او للتفاهم على رئيس، فمجلس النواب موجود وفاعل وهو في ريعان شبابه، وقادر على القيام بالمهمة، ولكن اثبت المجلس انه لا يتغيّر مع الزمن.

طوني خوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.