ما هي الدول العربية الأكثر عرضة لمخاطر الزلازل؟

تنتشر أحزمة الزلازل في عدة مناطق مختلفة حول العالم، يمر بعض هذه الأحزمة في دول عربية وشرق أوسطية فيما تقترب أخرى منها. فما هي الدول العربية الأكثر احتمالاً للتعرض للزلازل؟ وكيف يمكن تقليل الآثار الكارثية للهزات الأرضية؟.

تتصاعد المخاوف بشكل متسارع في الكثير من الدول العربية ودول الشرق الأوسط بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وأدى إلى مقتل نحو 41 ألفاً ونزوح عشرات الآلاف من السكان.

وبحسب علماء الزلازل والأراضي فإن المنطقة العربية ليست بمنأى عن التعرض للهزات الأرضية نظراً لاقتراب عدد منها من مناطق النشاط الزلزالي والاحزمة الزلزالية.

ثلاثة أحزمة زلزالية

وتقع عدة دول عربية إما داخل أو بالقرب من ثلاثة أحزمة زلزالية وهي:

1-الحزام الزلزالي الآسيوي-الأوروبي: والذي يبدأ من جبال الهيمالايا ويمر بإيران والعراق وباكستان وصولاً إلى أوروبا.

2-الحزام العربي الإفريقي: وهو يمر عبر البحر المتوسط من سواحل تركيا ويمر بسوريا ولبنان والأردن ويصل إلى مصر وقد يمتد إلى دول المغرب العربي.

3-حزام صدع شرق إفريقيا والممتد من سوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية وإسرائيل والأردن وصولاً إلى سلاسل جبال غرب البحر الأحمر وحتى إثيوبيا.

وتتعرض عدة دول في المنطقة العربية والشرق الأوسط وحتى اليمن إلى الزلازل بدرجات متفاوتة. فقد تعرضت مصر وخليج العقبة والأردن والجزائر واليمن وليبيا على سبيل المثال إلى زلازل بدرجات متفاوتة من القوة على مدار العقود السابقة.

ويشير تقرير البنك الدولي عن الكوارث الطبيعية في المنطقة العربية والصادر في نوفمبر عام 2013 إلى أنه بالإضافة لمخاطر تعرض الشرق الأوسط للطقس القاسي والفيضانات وموجات الجفاف فإن هذه المنطقة معرضة أيضاً لخطر الزلازل. فبينما تضاعف عدد الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم تقريبًا منذ الثمانينيات، فقد تضاعف ثلاث مرات تقريبًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبعد الفيضانات، تعتبر الزلازل هي أكثر الكوارث تكراراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتتسبب في خسائر فادحة بحسب التقرير.

ما هي أكثر الدول العربية المعرضة لخطر الزلازل؟

يقول الدكتور واثق غازي عبد النبي الأستاذ بقسم علوم الأرض بجامعة البصرة أن هذه الدول تنقسم إلى أربع مجموعات؛

أولاً: المناطق المحيطة بشبه الجزيرة العربية

وتشمل الدول العربية القريبة من الحافة التصادمية بين الصفيحة العربية والصحفية الأوراسية (والتي تشمل إيران وتركيا سوياً)، وهي المنطقة الممتدة على طول جبال طوروس جنوب شرق منطقة شرق الأناضول وجبال زاغروس غرب إيران وشرق العراق وكل ما هو قريب منها، وهذه المناطق هي الأكثر تعرضاً للنشاط الزلزالي.

وقال الدكتور شريف الهادي، الأستاذ بالمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بقسم الزلازل، الجزيرة العربية تعتبر شبه آمنة لأن الصفيحة العربية كلها كتلة واحدة فيما عدا المناطق التي تحدها مثل فالق البحر الأحمر أو سلسلة جبال زاغروس في إيران وهي مناطق يتوقع أن تشهد زلازل كبيرة، لكن نظراً لبعد المسافة بين الدول العربية وهذه المناطق النشطة فإن تأثير هذه الزلازل على دول كالإمارات والسعودية وسلطنة عمان وقطر ليس تأثيراً كبيراً.

وأضاف في حواره مع DW عربية أن السعودية تتاثر بالحزام الزلزالي متوسط القوة الذي يمر في منتصف البحر الأحمر ويوثر فقط على المدن الساحلية مثل جدة وكلها لا تسبب دماراً أو ضرراً كبيراً.

ثانيا: الدول القريبة إلى صدع البحر الميت

وهذه الدول معرضة بدرجة أقل لخطر الزلازل وتشمل بلاد الشام بشكل عام لأنها تمثل حافة تكتونية بين الصفيحة العربية والصفيحة الإفريقية.

ويقول خبير الزلازل وعلوم الأراضي العراقي إن سوريا رغم أنها لا تقع بشكل مباشر داخل بؤرة الزلزال الأخير، لكن المنطقة المتأثرة من سوريا كانت هي الأقرب إلى منطقة صدع شرق الأناضول وهو الحد الفاصل بين  الصفيحة العربية والصفيحة الأناضولية ، وتحدث على هذا النوع من الحافات هزات أرضية عادة بمقدار كبير، مضيفاً أن هذه المنطقة تتأثر ببؤر الهزات الأرضية التي تحدث في دول أخرى.

أما الدكتور شريف الهادي فقال إن المنطقة التي وقع فيها الزلزال في تركيا هي نقطة تقاطع فالقين كبيرين للغاية في الصفائح الأرضية وهما فالق البحر الميت وفالق شمال الأناضول ما يخلق نقطة ضعف في القشرة الأرضية تسبب تكبير النشاط الزلزالي.

ثالثاً: منطقة التباعد بين الصفيحة العربية والإفريقية

وتضم الدول المعرضة لخطر من الدرجة الثالثة والأقل من الدول السابقة وتمتد على طول مناطق البحر الأحمر. ويقول خبير الزلازل العراقي إن هذه المنطقة معرضة بشكل أقل لخطر الزلازل لأنها في “حافة تباعدية” (منطقة تباعد الصفائح التكتونية) ومقدار الزلزال في هذه المنطقة يكون عادة أقل وليس مثل مناطق تقارب الصفائح التكتونية.

ويقول الدكتور واثق غازي إن هذه المنطقة تضم الساحل الغربي للسعودية والساحل الشرقي الذي يضم مصر والسودان، وتشهد هذه المنطقة هزات أرضية لكنها تحدث داخل البحر الأحمر وأحياناً تصل إلى مقدار 6 درجات على مقياس ريختر وقد يشعر بها سكان المناطق الساحلية القريبة.

ويضيف قائلاً إن “المناطق الأخرى مثل عُمان تعد قريبة للنطاق النشط جداً وهو “نطاق مكران” ويمثل نطاق تقارب بين النطاقين العربي والإيراني ولذلك فهي معرضة لنشاط زلزالي”.

وقال الدكتور شريف الهادي إن مصر يمر بها حزام زلزالي قادم من الصدع في البحر الميت مروراً بخليج العقبة والأردن ولبنان وشمال غرب سوريا التي وقع فيها الزلزال، ولذلك فهي تتأثر بزلازل شرق المتوسط خصوصاً إذا ما تسببت بحدوث موجات  تسونامي والتي قد تضرب سواحلها الشمالية.

رابعاً: مناطق إفريقيا

وتضم هذه المنطقة -بحسب الدكتور واثق غازي- كل الدول المطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى المغرب.

وأضاف أن هذه الدول هي نوعاً ما أقل تعرضاً للنشاط الزلزالي، لأن كل الزلازل يمكن أن تقع على السواحل في جهة أوروبا داخل حوض البحر الأبيض المتوسط فيما عدا مناطق المغرب العربي والتي يمكن أن يكون بها نشاط زلزالي أكثر من باقي الدول المطلة على الساحل.

وقال خبير الزلازل العراقي إن منطقة الشرق الأوسط وجنوب البحر المتوسط هي مناطق تأتيها الهزات الأرضية الحادثة في السواحل الأخرى المطلة على البحر المتوسط، بمعنى أن بؤر الهزات الأرضية لا تكون داخل هذه الأراضي وإذا حدثت فهي تحدث بمقدار قليل.

يقول الدكتور شريف الهادي إن المغرب والجزائر يمر بهما حزام زلزالي يمر بوسط البحر الابيض المتوسط وتعرضتا لبعض الزلازل المدمرة والتي سببت ضحايا وخسائر كبيرة للغاية في البنية التحتية.

وأضاف الخبير المصري أن “معظم البلاد العربية معدل وقوع الزلازل فيها قليل وفي الغالب يكون متوسط القوة أو تحت المتوسط ولا يضرب أماكن واسعة كما حدث في تركيا التي تشهد وضعا مأساوياً لأن هذه المنطقة التي وقع فيها الزلزال نشطة للغاية ربما بمعدل أكثر عشرة أضعاف مما هو عليه الحال في الدول العربية، كما أن هذه الزلازل وحتى إن كان بعضها كبيراً إلا أنها حدثت في فترات زمنية متباعدة”.

ويشير تقرير مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والصادر في مايو 2013 إلى أنه خلال السنوات الثلاثين الماضية تأثرت المنطقة العربية بأكثر من 270 كارثة، مما أدى إلى وفاة أكثر من 150 ألف شخص وأثر على ما يقرب من 10 ملايين شخص، وكانت الزلازل من ضمن هذه الكوارث.

ويؤكد التقرير الأممي أن النشاط الزلزالي يندرج ضمن أكثر المخاطر شيوعاً في المنطقة. على سبيل المثال، يعرض الصدع الأردني عددًا من البلدان (الأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية وإسرائيل وسوريا) لخطر كبير من الزلازل. وبالمثل، تعرضت بعض دول منطقة المغرب العربي (الجزائر والمغرب وتونس) لنشاط زلزالي في الماضي. وقد حدثت زلازل مدمرة في فلسطين (1927) ولبنان (1956) والمغرب (1960) ومصر (1992) والجزائر (2003) بحسب ما ورد في التقرير.

إجراءات وقائية لحماية السكان

تعمل الدول الواقعة داخل الأحزمة الزلزالية على اتباع اشتراطات مختلفة للأمن والسلامة خلال عمليات البناء المختلفة. لكن الدكتور واثق غازي خبير الزلازل العراقي أكد على ضرورة التشديد في الفترة المقبلة على تطبيق شروط معامل البناء الزلزالي أو ما يعرف باسم Building Code، “ذلك أن أغلب المباني إذا صُممت بمواصفات متوافقة مع هذا المعامل سوف تكون آمنة من الهزات الأرضية، وإن حدثت أضرار فستكون بسيطة لا تؤدي إلى وفيات أو إصابات كبيرة.. يمتد ذلك إلى كافة أنواع الأبنية أياً كانت كبيرة أو صغيرة”.

واختتم غازي حديثه بالقول إن “الشيء الآخر هو زيادة الوعي في فهم طبيعة حدوث الزلازل وكيفية الوقاية منها بنشر الثقافة العامة بين الشعوب ابتداء من طلاب المدارس في كافة المراحل إلى المراحل المتقدمة”.

عماد حسن DW

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.