اسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء وتهاجم ضاحية بيروت الجنوبية وحماس تعلن مقتل نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري في الهجوم

قُتل القيادي في حركة حماس صالح العاروري الثلاثاء في ضربة إسرائيلية استهدفت مكتباً للحركة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفق ما ذكر مصدران أمنيان لبنانيان وحركة حماس، بعد 88 يوماً على بدء الحرب في قطاع غزة.

ولم تعلّق إسرائيل على العملية التي وقعت في معقل حزب الله اللبناني الذي يخوض مواجهات يومية مع إسرائيل على الحدود الجنوبية للبنان منذ بدء الحرب.

لكنّ الناطق باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هاغاري قال في مؤتمر صحافي “(الجيش) في حالة تأهّب (…) دفاعاً وهجوماً. نحن على أهبّة الاستعداد لكلّ السيناريوهات” بدون التعليق بشكل مباشر على مقتل العاروري.

وقال مصدر أمني لبناني بارز إنّ ضربة إسرائيلية قتلت العاروري مع عدد من مرافقيه، من دون تحديد عددهم. وأكد مصدر أمني آخر المعلومة ذاتها، موضحاً أنّ طبقتين في المبنى المستهدف تضرّرتا إضافة الى سيارة على الأقلّ.

وكان هز انفجار نتج عن مسيّرة إسرائيلية استهدف مكتباً لحماس في المشرفية في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء انعقاد اجتماع فيه، وأدّى الى سقوط سبعة قتلى.

وأكّد تلفزيون الأقصى التابع لحماس من قطاع غزة “استشهاد نائب رئيس المكتب السياسي لحماس الشيخ المجاهد القائد صالح العاروري في غارة صهيونية غادرة في بيروت”. وأشار الى مقتل “اثنين من قادة القسام في بيروت” معه.

وأكّد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية أن حركته “لن تُهزم أبداً”.

وقال هنية في كلمة متلفزة إنّ “حركة تقدّم قادتها ومؤسّسيها شهداء من أجل كرامة شعبنا وأمّتنا لن تهزم أبداً وتزيدها هذه الاستهدافات قوة وصلابة وعزيمة لا تلين. هذا هو تاريخ المقاومة والحركة بعد اغتيال قادتها، أنها تكون أشد قوة وإصراراً”.

ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية “عملية الاغتيال” واصفا إياها “بالجريمة التي تحمل هوية مرتكبيها” ومحذرا “من المخاطر والتداعيات التي قد تترتب على تلك الجريمة”.

كذلك، أكّد حزب الله اللبناني أن اغتيال العاروري “اعتداء خطير على لبنان” و”لن يمرّ أبداً من دون ردّ وعقاب”.

والعاروري من مؤسسي كتائب “عز الدين القسام” وأمضى سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية الى أن أفرج عنه في العام 2010 حين أبعدته إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية.

ويقيم العاروري كما عدد آخر من قادة حركة حماس في لبنان. وقد دمّر الجيش الإسرائيلي منزله في قرية عارورة في الضفة الغربية المحتلة في تشرين الأول.

واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قصف إسرائيل مكتب حماس “توريطاً” للبنان في الحرب. وطلب من وزير الخارجية عبدالله أبو حبيب تقديم شكوى الى مجلس الأمن.

وتشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل تبادلا شبه يومي للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله الموالي لإيران والداعم لحركة حماس، ما يثير مخاوف من توسع الحرب.

“حكومة وطنية”
وبعد 88 يوماً على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي تحكم قطاع غزة، أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية الفلسطينية اسماعيل هنية الثلاثاء أنّ حماس “منفتحة من أجل إعادة المرجعية الوطنية وحكومة وطنية” في الضفة الغربية وقطاع وغزة.

وتحدّث هنية المقيم في الدوحة عن “المبادرات” التي يجريها وسطاء من أجل وقف الحرب والتي تتناول الوضع الداخلي الفلسطيني. وتؤكد إسرائيل أنها تريد “القضاء” على حركة حماس. ويعرض وسطاء مصريون وقطريون مبادرات تشمل الوضع في غزة بعد الحرب.

وقال هنية “نحن منفتحون من أجل إعادة المرجعية الوطنية وحكومة وطنية في الضفة وغزة”.

وأضاف “أيّ ترتيبات في القضية الفلسطينية دون حماس وفصائل المقاومة وهمٌ وسراب”.

ويرفض الأميركيون، الحليف الأقوى لإسرائيل، كل التصريحات الإسرائيلية حول احتمال إدارة إسرائيل لقطاع غزة بعد الحرب.

وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها حماس عن إدارة غزة بعد الحرب.

من جهة أخرى، أكّد هنية أنّه لن يتم إطلاق سراح الرهائن الذي أخذوا من إسرائيل خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلا “بالشروط” التي تحددها الحركة.

وقال “لن يتم إطلاق أسرى العدو إلا بشروط المقاومة”. ويقول الجيش الإسرائيلي إن هناك 129 رهينة لا يزالون محتجزين في قطاع غزة من أصل نحو 250 محتجزا خطفوا خلال الهجوم غير المسبوق لحماس على إسرائيل.

العمليات على الأرض
وواصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء عملياته في قطاع غزة، واستهدف القصف خلال الساعات الماضية مناطق مختلفة في شمال القطاع وجنوبه ووسطه، حاصدا مزيدا من القتلى والجرحى.

وأدّى القصف الإسرائيلي على قطاع غزة الذي يترافق منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر مع هجوم بري واسع، الى مقتل 22185 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، وفق آخر أرقام لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وأفادت الوزارة الثلاثاء بإصابة 57035 شخصا بجروح منذ بدء الحرب، في وقت أصبح معظم مستشفيات غزة إما خارج الخدمة وإما متضرّرا ومكتظّا بالنازحين.

وكان هجوم حماس أودى بنحو 1140 شخصا معظمهم مدنيّون في إسرائيل، وفق حصيلة لوكالة فرانس برس تستند الى بيانات رسميّة.

وقال الجيش الثلاثاء إنه قضى على “عشرات الإرهابيين” خلال اليوم الماضي. وأوضح في بيان أن من بين هؤلاء عناصر حاولوا زرع عبوات ناسفة وآخرين كانوا يشغّلون طائرات مسيّرة.

كما أشار الى استهداف مخزن أسلحة في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع، وحيث تتركز العمليات البرية منذ مدة.

وكان المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري أكدّ مساء الأحد أن القوات العسكرية تستعد “لعمليات قتالية مطوّلة”، وأن “على الجيش الإسرائيلي أن يضع مخططاته مسبقا لأنه سيُطلب منا تنفيذ مهمات ومعارك إضافية طيلة هذه السنة”.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الثلاثاء خلال تفقده جنودا “فكرة أننا سنوقف القتال قريبا مغلوطة. من دون انتصار واضح، لن نتمكن من العيش في الشرق الأدنى”.

وأفاد شهود في شمال القطاع وكالة فرانس برس الإثنين بانسحاب قوات إسرائيلية من داخل مدينة غزة ومحيطها، ما قد يؤشر الى عملية إعادة انتشار وتموضع.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن 173 من جنوده قتلوا في المعارك داخل غزة منذ بدء العمليات البرية ضد حركة حماس.

وقال الجيش الاثنين إنه سيسحب أكثر من 300 ألف من جنود الاحتياط الذين استدعوا بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر من قطاع غزة، ليرتاحوا وللاستعداد لأشهر أخرى من القتال.

وأوضح أن احتياطيين من فرقتين تعد كل منهما قرابة أربعة آلاف عنصر، سيعودون الى منازلهم هذا الأسبوع.

وخلال ليل الإثنين-الثلاثاء، أفاد شهود عن تعرّض مدينة رفح بجنوب القطاع لقصف صاروخي، بينما تعرّض مخيم جباليا للاجئين في شماله لقصف مدفعي.

كما دارت اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين فلسطينيين في مخيمي البريج والمغازي للاجئين وسط القطاع، وفي خان يونس، كبرى المدن الجنوبية فيه.

وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عبر منصة اكس بأن مقرّه في خان يونس بجنوب القطاع تعرّض لقصف اسرائيلي، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص بينهم رضيع والعديد من الجرحى، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

كذلك، تحدث الهلال الاحمر عن تعرض محيط مستشفى الأمل الذي يضمّ نحو 14 ألف نازح لقصف بمسيّرات إسرائيلية.

وخلّف القصف الإسرائيلي دمارا كاملا في مناطق عدة في قطاع غزة الخاضع لحصار مطبق منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، وتحذّر وكالات الأمم المتحدة من مجاعة قريبة فيه.

ويسود اليأس بين سكّان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون والذين نزح 85% منهم، وفق الأمم المتحدة، والذين يحتاجون الى طعام ومياه وأدنى الحاجات الأساسية.

وتتواصل المعاناة الإنسانية في ظل شحّ المساعدات.

وأعلنت بريطانيا الثلاثاء أنها ارسلت نحو تسعين طنا من البطانيات والمواد الطبية والمساعدات الغذائية الضرورية الى مصر عبر قبرص، تمهيدا لإدخالها الى غزة.

– الضفة الغربية –
وفي شمال الضفة الغربية، قتل أربعة فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي الثلاثاء في بلدة عزون شرق قلقيلية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، بينما تحدث الجيش الإسرائيلي عن “تبادل لإطلاق النار” في المنطقة.

كما قال الجيش إنه نفّذ “عملية أخرى لضبط الأسلحة في مدينة قلقيلية”، تخللها “شلّ حركة إرهابي أطلق النار” على الجنود.

وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان الثلاثاء إن “الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين في قطاع غزة والضفة الغربية تعبر عن تصرف عصابات وليس دولة تدعي الديموقراطية”.

وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967، تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب، ما تسبب بمقتل نحو 320 فلسطينيا على أيدي جنود إسرائيليين ومستوطنين، وفق حصيلة صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.