بعد 110 ايام على الحرب ما هي خيارات نتنياهو؟

ما اعتقده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في 7 تشرين الاول الفائت مشكلة كبيرة يقتضي حلها عبر مفهوم “الصعق والاذهال” Shock and awe -الذي اثّر عليه على ما يبدو من العملية الاميركية التي نفذتها واشنطن في العراق عام 2003- تبيّن انه اكثر تعقيداً بكثير، ومشكلة مستعصية اقرب الى مستنقعات الوحول التي غرق فيها الاميركيون والسوفيات في افغانستان. رأى نتنياهو في عملية “طوفان الاقصى” استجابة لصلواته بالتخلص من مشاكله القانونية والسياسية الداخلية التي لاحقته وهددت مسيرته السياسية، الا انه علق في شباك الفلسطينيين ولا يزال يبحث عن مخرج ينقذ ماء وجهه.

بالامس، تعرض نتنياهو لضربة قوية تمثلت بفقدان 21 من الضباط والجنود في يوم وفي عملية واحدة، وهو امر لم يعتد عليه الاسرائيليون، ولا شك زاد من حماوة المطالبة برحيله. اليوم، وبعد نحو 110 ايام على بدء الحرب، ما هي خيارات نتنياهو وهل من الممكن ان يكون الاسرى باب خلاصه الوحيد؟ من الواضح منذ اللحظة الاولى للمواجهة القاسية، ان احداً لم يكن متحمساً للوصول الى حرب شاملة واغراق المنطقة، وربما العالم، في معمعة عسكرية خطيرة جداً من شأنها تغيير وجه المنطقة ككل. وحده رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي كان يسير على هذا الخط ويعدّ العدة لتحقيق حلمه، لكن الاميركيين (وهم الممولون الرئيسيون لاسرائيل مالياً وعسكرياً) كانوا على الضفة الاخرى، كما كان حال ايران وبقية الدول الغربية والاقليمية، فكان الصوت الوحيد المنادي بوجوب توسيع الحرب فيما كل الاصوات الاخرى كانت تنادي بعكس ما يقول. وفي حين يستمر في محاولاته حتى يومنا هذا، يبدو ان هذا الخيار يبتعد شيئاً فشيئاً عن طاولة البحث، ويحل محله بحث مشاريع ورؤية ما بعد الحرب، ان في غزة او في لبنان والمنطقة. من هنا، فإن خيارات نتنياهو بدأت تقلّ، فلا الانجازات العسكرية موجودة لانقاذه او لاثبات وجهة نظره من ان خياره كان الصائب، على الرغم من الاعداد الهائلة للقتلى الفلسطينيين الذين خلّفهم والدمار المرعب الذي تعرضت له غزة، ولا الانجازات السياسية والدبلوماسية عوّضت بعض الشيء عن الاخفاقات العسكرية، فوجدت اسرائيل نفسها في خضمّ دعوى قضائية دولية وتعمل جاهدة لاستعادة الدعم الغربي والدولي الذي فقدت جزءاً كبيراً منه على مدى الاشهر الماضية.

وفي حين تتصاعد حدة اصوات اهالي الاسرى الاسرائيليين لدى “حماس” والمنظمات الفلسطينية، قد يشكّل هؤلاء، لسخرية القدر، طوق النجاة الوحيد الذي يمكن ان ينقذ نتنياهو من الازمة التي يتخبط فيها، فاستعادة الاسرى من شأنه ان يشكّل “انجازاً” يستطيع ان يعوّل عليه للظهور بصورة مختلفة امام الشارع الاسرائيلي الذي يؤيّد بقوة ابرام اتفاق مع “حماس” لاستعادة الاسرى وانهاء هذا الوضع الذي يقض مضاجع الاسرائيليين، ويطمئن المستوطنين على الحدود اللبنانية من انه في حال عادوا وحصل السيناريو الذي يتخوفون منه (اي قيام حزب الله بعملية مماثلة لما قام به الفلسطينيون)، فإن الامل يبقى قائماً في عودتهم الى اهلهم واقاربهم. وللمرة الاولى منذ اندلاع الحرب، كان موقف نتنياهو بالامس الاكثر ليونة بالنسبة الى مصير الاسرى حين قال ان هناك مبادرة من الجانب الاسرائيلي في هذا الخصوص، في تراجع واضح عما كان يصرّ عليه من ان العمليات العسكرية هي القادرة على ليّ ذراع “حماس” واجبارها على الافراج عن الاسرى. اما الخيار الآخر فهو البقاء على “جنونه”، والدخول في دوامة الحرب الواسعة التي لا ضمانة له فيها بالخلاص، لا بل ستزيد اموره تعقيداً وستزيد من فرص انهاء حياته السياسية واليومية بشكل تام.

الوقت يمضي، والمعارضة الاسرائيلية والضغط الدولي يزداد والخسائر الاسرائيلية تتراكم، فأي خيار سيكون الاقرب الى نتنياهو؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.