دعوى قضائية فرنسيّة ضد نجيب ميقاتي وشقيقه بتهم الاحتيال والإثراء غير المشروع وجرائم مالية والتآمر ضمن مجموعات منظمة
دافع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن “شفافية” أعمال شركاته عشية الإعلان عن تقدّم جمعيتين بدعوى قضائية في فرنسا أمام النيابة العامة المالية الوطنية ضده لاتهامه بجمع ثروات بطريقة غير مشروعة حسبما علمت وكالة الصحافة الفرنسية من مصدر مطّلع على الملف.
واعتبر مكتب ميقاتي الأربعاء أن “التداول عبر بعض وسائل الاعلام بالتفاصيل المتعلقة بالدعوى… قبل إبلاغ أصحاب العلاقة بها… يهدف إلى الإضرار بسمعته وسمعة عائلته عن طريق التشهير المتعمد”.
وبعدما علمت الوكالة المذكورة من مصدر مطّلع على الملف بالدعوى المقدّمة الثلاثاء، تواصلت مع مقرّبين من ميقاتي للسؤال عنها والتي لم تصبح علنية بعد وتتهمه بغسل الأموال والإثراء غير المشروع.
ردًا على الأسئلة، أرسل ميقاتي بيانًا للوسائل الإعلامية اللبنانية قال فيه إن “ما تمتلكه العائلة جرّاء أعمال شركاتها التجارية التي تعود لسنوات طويلة يتسم بالشفافية التامة والالتزام بالقوانين المرعية، وبأعلى المبادئ الأخلاقية”.
وأضاف “لم تتم إدانة أي شخص في العائلة أو في مجموعة الشركات العائلية بأي ملف قضائي، سواء في لبنان أو في أي مكان آخر في العالم”.
ورفعت كلّ من منظمة “شيربا” غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية و”تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان” الذي أسّسه عدد من المودعين في البنوك اللبنانية المتضررين من تبعات الأزمة المالية التي يشهدها البلد منذ 2019، دعوى ضد ميقاتي.
وجاء في نص الدعوى أنه “من المرجح أن يكون نجيب ميقاتي استحوذ على عقارات مختلفة في فرنسا والخارج عبر هيئات مختلفة ومن خلال تحويلات مالية كبيرة جدًا مع شقيقه طه ميقاتي على وجه الخصوص”.
ويتطرّق النص إلى جرائم مالية تشمل غسل الأموال والتآمر ضمن مجموعات منظمة.
ومن بين الأصول المستهدفة في الدعوى ضد نجيب ميقاتي عقارات في موناكو وسان جان-كاب-فيرا في جنوب فرنسا، بالإضافة إلى يخت بطول 79 مترًا “تم شراؤه مقابل 100 مليون دولار” وطائرتَين من طراز “فالكون” بقيمة 95 مليون دولار تقريبًا.
وتذكر الدعوى كذلك يختًا يملكه شقيقه طه ميقاتي تقدّر قيمته بـ125 مليون دولار.
“إعادة الأصول المختلسة”
وأوردت الدعوى أن ميقاتي “يجسّد مع شقيقه وكلّ أفراد محيطهما بالنسبة للرأي العام اللبناني، المحسوبية وتضارب المصالح اللذين أوصلا لبنان إلى وضعه الحالي”.
وذكّرت بأن تصنيفات فوربس تقدّر حاليًا ثروة كلّ من الأخوين ميقاتي بـ2,8 مليار دولار، ما يجعلهما من أغنى الأثرياء في لبنان الذي يحتل المركز 149 من بين 180 دولة في مؤشر مدرَكات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية في العام 2023.
واعتبرت الجمعيتان أن “الفساد في لبنان على ارتباط وثيق منذ منتصف التسعينيات بعمل الدولة” ما قد يكون سمح بإثراء ميقاتي وشقيقه.
وقال محاميا الجمعيتين وليام بوردون وفنسان برنغارت “إن استخدام ميقاتي المنهجي(…) لحسابات خارجية وملاذات ضريبية(…) يجعله وعائلته مشتبها بهم بغسل الأموال والاحتيال الضريبي (فضلا عن جرائم أخرى) على نطاق واسع منذ سنوات”.
وتستهدف الدعوى كذلك عددًا من أبناء الشقيقَين ميقاتي باعتبارهما تلقوا ربما الأموال التي يُفترض أنها مغسولة.
وكتبت منظمة “شيربا” في بيان “القضية المركزية هنا هي التشكيك في مسؤولية كلّ الجهات الفاعلة وبالتالي فتح الطريق أمام إعادة الأصول المختلسة… إلى السكان الضحايا… بينما يشهد لبنان انهيارًا ذا حجم تاريخي”.
وسبق أن تقدّمت هاتان الجمعيتان بشكوى ضد الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة المستهدف منذ أيار 2023 بمذكرة توقيف دولية أصدرتها القاضية الفرنسية المكلّفة التحقيق في أمواله وممتلكاته في أوروبا بعد تغيّبه عن جلسة استجواب استدعته إليها في باريس.
ويغرق لبنان منذ خريف 2019 في انهيار اقتصادي غير مسبوق، لم يبق قطاع أو طبقة اجتماعية بمنأى عن تداعياته مع تدهور قيمة العملة المحلية وتراجع قدرة الدولة على تأمين الخدمات الأساسية.
ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال برئاسة ميقاتي فاشلة وفاسدة عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي.