تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية-السورية: تهديدات وقصف عشوائي سوري لبلدات لبنانية

تتصاعد الأزمة على الحدود اللبنانية-السورية وسط جهود خارجية، برعاية أميركية، تهدف إلى إحداث تغييرات جذرية في المناطق الحدودية، خاصة تلك الخاضعة لنفوذ حزب الله. يأتي ذلك بالتزامن مع تزايد التهديدات الصادرة عن النظام السوري الجديد ضد الحزب، متهمًا إياه بـ”دعم المجموعات المسلحة التي قادت تمردًا في مناطق الساحل السوري”، وتحميله مسؤولية “انتشار الفوضى” على طول الحدود.
فقد شهدت بلدة القصر في البقاع الشمالي حادثة أمنية جديدة بعد مقتل ثلاثة عناصر من عصابة سورية تسللت إلى الأراضي اللبنانية واشتبكت مع رعاة كانوا يرعون أغنامهم قرب الحدود. وفي بيان رسمي، ادعت وزارة الدفاع السورية أن “مجموعة من حزب الله خطفت ثلاثة عناصر من الجيش العربي السوري قرب سد زيتا غرب حمص، قبل أن تقتادهم إلى الأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم”. وأعلنت الوزارة أنها “ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للرد على هذا التصعيد الخطير” .
نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله بشدة هذه الاتهامات، مؤكدة “لا علاقة لحزب الله بأي أحداث داخل الأراضي السورية”، مشددة على موقفها الثابت بهذا الخصوص . كما أكد الجانب اللبناني، عبر قيادة الجيش في البقاع، أن الجثث الثلاث كانت داخل الأراضي السورية، وأن إطلاق النار لم يكن من قبل عناصر الحزب، حيث تم تسليم القتلى عبر معبر القاع-جوسيه بواسطة الصليب الأحمر اللبناني .رغم التوضيحات اللبنانية، ردت الفصائل المسلحة بإطلاق قذائف مدفعية وصواريخ بشكل عشوائي استهدفت بلدات المشرفة، مزرعة بيت الطشم، محيط حوش السيد علي، وبلدتي قنافذ والقصر. أسفر القصف عن استشهاد طفل وإصابة أربعة آخرين، ما دفع سكان القرى المستهدفة إلى النزوح نحو مدينة الهرمل .
عزز الجيش اللبناني قواته في المنطقة وراقب تحركات المسلحين في الجانب السوري باستخدام طائرات الاستطلاع، لكنه تجنّب الرد على مصادر النيران بانتظار نتائج الاتصالات الدبلوماسية لتهدئة التوترات .
أعلنت وزارة الدفاع السورية ليلًا إرسال أرتال عسكرية إلى الحدود مع لبنان، بينما أبلغ الجيش اللبناني الجانب السوري بأنه “غير مسموح لأي مسلح عبور الحدود اللبنانية، سواء في منطقة الهرمل أو المناطق الشمالية مع عكار” .
تشير مصادر مطلعة في دمشق إلى أن “الأجواء ليست جيدة”، مع وجود أطراف في القيادة السورية الجديدة ترغب في فتح معركة ضد لبنان مستعملّة شمّاعة حزب الله، بهدف شد العصب الداخلي في ظل التوترات الأمنية وانتشار الفوضى داخل سوريا. وتسعى القيادة السورية إلى تفاهم لبناني-سوري برعاية دولية لضمان الأمن على الحدود، وهو ما يعتبر عودة إلى النغمة السابقة التي تقف خلفها الولايات المتحدة وإسرائيل حسب صحيفة “الاخبار”، والتي تطالب بتوسيع نطاق عمليات القوات الدولية لتشمل كامل الحدود الشرقية للبنان.
وقد استدعى التصعيد الحدودي استنفارًا سياسيًا وأمنيًا من جانب لبنان، الذي يحاول تجنب ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد . ومع استمرار التوترات، يبقى المشهد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، مما يثير مخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهات أوسع قد تكون لها تداعيات خطيرة على استقرار البلدين.