التقلبات الحادة في الأسواق المالية العالمية تُعزى إلى تصاعد التوترات الاقتصادية

في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية العالمية، شهدت الأسواق المالية تقلبات حادة، إذ تراجعت مؤشرات الأسهم في شكل لافت بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن زيادة الرسوم الجمركية على واردات كثيرة. في الولايات المتحدة، هبط مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” في آخر تداولات الأسبوع الماضي إلى 5638.94 نقطة، منخفضاً بنسبة 2.3 في المئة خلال خمسة أيام، بينما تكبد مؤشر “ناسداك” أكبر خسارة له في سنتين ونصف السنة بنسبة 2.4 في المئة ليصل إلى 17,754 نقطة. كذلك هبط مؤشر “داو جونز الصناعي” بنسبة 3.1 في المئة ليستقر عند 41,488 نقطة. أما في الأسواق الأوروبية، فتراجع مؤشر “يورو ستوكس 50” بنسبة 2.1 في المئة، بينما هبط مؤشر “فايننشال تايمز 100” البريطاني بنسبة 2.8 في المئة وسط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة.
تُعَد الأسواق الآسيوية والعربية التي تشهد تقلبات معرضة إلى ضغوط بسبب تباطؤ النمو العالمي، وأثر الرسوم الجمركية الأميركية في توقعات الطلب على الطاقة والسلع، ما يعزز حالة عدم اليقين في الأسواق المالية عموماً.
على صعيد المعادن الثمينة، تجاوز سعر الذهب حاجز ثلاثة آلاف دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، مسجلاً 3004.80 دولار، بعد ارتفاع بنسبة 14 في المئة منذ بداية عام 2025. ويُعزَى هذا الارتفاع إلى تصاعد المخاوف في شأن تداعيات الحرب التجارية العالمية، ما يدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة. الفضة أيضاً شهدت قفزة في الأسعار لتصل إلى 34.11 دولار للأونصة، بارتفاع قدره 0.17 في المئة، بينما صعد البلاتين إلى 1012.9 دولار للأونصة، والبلاديوم إلى 972.50 دولار للأونصة.
أما النفط، فقد سجل خام “برنت” 70.58 دولاراً للبرميل، مرتفعاً بنسبة واحد في المئة بعدما تكبد خسارة بلغت 1.5 في المئة في الجلسة السابقة، في حين استقر خام “غرب تكساس الوسيط” عند 67.18 دولاراً للبرميل. هذه التحركات تأتي وسط تذبذب الأسواق نتيجة القلق المتزايد حول ضعف الطلب العالمي.
في ظل هذه التقلبات، ينصح المحللون المستثمرين بتجنب ردود الفعل العاطفية التي قد تؤدي إلى قرارات استثمارية غير محسوبة. يشير كثيرون إلى أن التقلبات جزء لا يتجزأ من الأسواق المالية، لذلك يدعون إلى التركيز على الخطط المالية البعيدة الأجل بدلاً من ردود الفعل اللحظية على الأسواق، ذلك أن المستثمرين أصحاب الاستراتيجيات الواضحة يكونون أكثر قدرة على تحقيق عوائد جيدة على رغم الأزمات. ويرى خبراء آخرون أن التخلي عن الأسهم خلال الانخفاضات الحادة قد يؤدي إلى خسائر فادحة، إذ تُظهِر البيانات أن أفضل أيام الأسواق تأتي عادة بعد أسوأ أيامها.
أما عن الاستراتيجيات المثلى للاستثمار في مثل هذه الأوقات، فيُنصَح المستثمرون بزيادة الاحتياطيات النقدية إلى ما يكفي ما بين ستة وتسعة أشهر من النفقات الأساسية، وهذا أعلى من القاعدة التقليدية التي تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. كذلك يمكن استغلال التراجعات في الأسواق لشراء أسهم شركات ذات قيم مرجعية بأسعار منخفضة، ولاسيما في قطاعات مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية، التي تبقى قوية في الأجل البعيد. إضافة إلى ذلك، يشير بعض المحللين إلى أهمية الاستثمار في أسهم الشركات التي تدفع توزيعات أرباح مستقرة، إذ إنها توفر دخلاً مستداماً حتى في أوقات التقلبات. ويرى العديد من المحللين أن الاستثمار في الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة، بالإضافة إلى السندات الحكومية، قد يكون خياراً حكيماً في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي. فالذهب تاريخياً كان ملاذاً آمناً في فترات الاضطرابات الاقتصادية، وهذا مما يعزز جاذبيته في الوقت الراهن. ويُنصَح المستثمرون بتنويع محافظهم الاستثمارية لتقليل المخاطر وتعزيز العوائد المحتملة إلى أقصى حد في الأجل البعيد.
يشير محللون كثيرون إلى أن “القطاعات الدفاعية”، مثل الرعاية الصحية والمواد الاستهلاكية الأساسية، قد تكون أكثر استقراراً خلال فترات التقلبات الحادة، إذ تبقى هذه المنتجات والخدمات ضرورية بغض النظر عن الوضع الاقتصادي. كذلك يمكن للمستثمرين التفكير في السندات ذات العوائد المرتفعة، والتي يمكن أن توفر استقراراً إضافياً خلال فترات عدم اليقين. وتُعَد السندات الحكومية الأميركية من بين أكثر الأدوات المالية أماناً، إذ تستفيد من التدفقات النقدية التي تبحث عن ملاذ آمن وسط تقلبات الأسواق. ويشير بعض المحللين إلى أهمية مراقبة تحركات المصارف المركزية، حيث يمكن أن تؤثر قرارات الفيدرالي الأميركي في شأن معدلات الفائدة في شكل كبير في اتجاهات الأسواق. فخفض معدلات الفائدة قد يدعم الأسهم ويضعف الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع مثل الذهب والنفط.
ذ. أ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.