“ترامب يفرض هيمنة أميركا على الشرق الأوسط: استراتيجية القوة بلا مهادنة”

يتباهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمشروعه السياسي الأبرز، “فلنجعل أميركا عظيمة من جديد”، والذي يمثل رؤية واضحة تهدف إلى استعادة الهيبة الأميركية في العالم . ووفقًا لأنصار ترامب، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، فإن تحقيق هذه العظمة كان دائمًا ممكنًا، لكن ما حال دون ذلك هو نقص الشجاعة والرؤية لدى الرؤساء السابقين، على حد زعمه.

اعتمد ترامب نهجًا غير تقليدي يجمع بين البراغماتية الصارمة ومكيافيلية القوة، مما أربك الحلفاء قبل الخصوم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك اللقاء “المرير” الذي جمعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، حيث بدا أن ترامب يتصرف كزعيم لا يقبل النقاش أو الاعتراض. وعلى الرغم من اعتراضات زيلينسكي الأولية، سرعان ما أعلن الأخير انخراطه في المطالب الأميركية .

فيما يتعلق بأوكرانيا، طلب ترامب من كييف تسديد تكاليف المساعدات الأميركية التي حصلت عليها، مقترحًا التنازل عن بعض الأراضي لروسيا كـ”رشوة” لإنهاء الحرب. هذا النهج يذكرنا بما اقترحه هنري كيسنجر سابقًا، عندما دعا أوكرانيا للتنازل عن أراضٍ لروسيا مقابل السلام، وهو ما قوبل برفض شديد من زيلينسكي حينها .

استغل ترامب “هدوء أعصاب” موسكو وتقاربها مع واشنطن لعزل إيران، وبدأ بشن حملة ضغط قصوى على “حزب الله”، “حماس”، والحوثيين، محذرًا إياهم من مصير موجع إذا لم يتوقفوا عن أنشطتهم كأذرع لإيران. كما وجه رسائل مباشرة إلى طهران، مطالبًا إياها بالاستسلام سياسيًا لتجنب الضربات العسكرية .

وفي الوقت نفسه، منحت إدارة ترامب الضوء الأخضر لحكومة بنيامين نتنياهو لضرب أذرع إيران في لبنان وغزة وسوريا واليمن، بينما عززت المملكة العربية السعودية موقعها كلاعب رئيسي في صناعة القرار الإقليمي. أما باقي الحكومات في الشرق الأوسط، فقد أصبحت جميعها تحت النفوذ الأميركي، بما في ذلك الحكم الجديد في سوريا والحكومة اللبنانية .

اليوم، يبدو أن لبنان قد دخل رسميًا تحت الوصاية الأميركية المباشرة، حيث تمتد يد واشنطن لتشمل السياسة، الدبلوماسية، الاقتصاد، والأمن. على سبيل المثال، اعترف لبنان بحق الولايات المتحدة في استخدام “الفيتو” على اسم حاكم مصرف لبنان المركزي، بل وحتى تسميته .

ترافق ذلك مع تهديدات مباشرة لإدارة ترامب بتحميل حكومة لبنان المسؤولية إذا لم يتم نزع سلاح “حزب الله” خلال فترة زمنية محددة، محذرة من إطلاق يد إسرائيل لتوجيه ضرباتها إذا استمر الوضع على ما هو عليه .

يعمل الأميركيون اليوم على فرض “السلام الأميركي”، الذي يعيد للأذهان “السلام الروماني” الذي ساد في الماضي. وفي هذا السياق، تتولى الوسيطة الأميركية الجديدة، مورغان أورتاغوس، تقديم الرسائل بقوة وحزم، خاصة فيما يتعلق بمطالب “حزب الله” بالالتزام الكامل بوقف النار .

الأرجح أن الجميع في المنطقة، من إيران إلى شاطئ المتوسط، سيستسلمون لهذه الرؤية الأميركية، حيث تبدو السلطة الجديدة في لبنان مستعدة للتعاون ضمن هذا الإطار، دون أي استعجال قد يؤدي إلى توترات غير مرغوبة .

بهذا الأسلوب، يؤكد ترامب أن أحدًا لن يقف في وجه الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط، وأن الجميع مضطرون للقبول بقواعد اللعبة الأميركية الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.