لبنان بين أزمات الداخل وتحديات الحدود: سباق مع الزمن لتفادي الانهيار

تواجه الحكومة اللبنانية تحديات متشابكة تتراوح بين التوترات الأمنية على الحدود الجنوبية مع إسرائيل ومعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في الداخل. وفيما تستعد البلاد لاستحقاقات داخلية كبرى، بما في ذلك تعيينات حيوية وإطلاق مشاريع إنمائية، تبرز الأولويات المرتبطة بالحدود وأفق استعدادات لبنان للمشاركة في مؤتمر دولي لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب الأخيرة، والذي تنظمه فرنسا.

وتأتي زيارة موفد الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت اليوم لتوضيح هذه الأولويات، حيث سيجتمع بالرؤساء الثلاثة وبمسؤولين آخرين استعداداً لزيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى باريس الجمعة المقبل. وبينما لم يتبلور بعد ما إذا كانت نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس ستزور لبنان قريباً، يظل ملف وقف النار مع إسرائيل محور الاهتمام الدولي.

داخلياً، تتسارع الخطوات الحكومية لمعالجة القضايا الملحة. وبعد إقرار آلية التعيينات الأسبوع الماضي، بدأت الحكومة اختبار صدقية هذه الآلية عبر الدفع نحو تعيينات جديدة، أبرزها اختيار كريم سعيد مرشحاً محتملاً لمنصب حاكم مصرف لبنان. إلا أن تسريبات حول “توافقات” رئاسية قد تثير الجدل بشأن مدى التزام الحكومة بمبدأ الشفافية ومكافحة المحاصصة.

وفي الشمال، تركت الجولة الميدانية لرئيس الحكومة نواف سلام إلى طرابلس ومطار القليعات أصداء إيجابية، حيث أكد ضرورة استعادة الأمن والاستقرار في المدينة وتعزيز المشاريع الإنمائية. وأشار سلام إلى خطط لتشغيل مطار القليعات بالتعاون مع القطاع الخاص، مؤكداً أهمية الشراكة لإنعاش الاقتصاد المحلي.

لكن الساحة السياسية لا تزال تعاني اعتراضات قانونية، إذ يستعد نواب لتقديم طعن أمام المجلس الدستوري ضد موازنة 2025 بسبب “مخالفات دستورية”، مما يزيد الضغوط على الحكومة.

يمر لبنان بأزمة متعددة الأبعاد تجمع بين انهيار اقتصادي غير مسبوق، أزمات سياسية وأمنية، وصراعات إقليمية تهدد استقراره. وبينما تحاول الحكومة وضع خارطة طريق للتعافي، يبدو أن التحديات الداخلية والخارجية تتسابق لتضع البلاد أمام اختبار حقيقي لقدرتها على النهوض. فالأنظار اليوم موجهة نحو كيفية إدارة الحكومة لهذه الملفات الشائكة، وما إذا كانت ستتمكن من تحقيق تقدم ملموس قبل فوات الأوان.