جريدة الشرق : اجتماع مجموعة الدعم خريطة طريق انقاذية
كتبت صحيفة “الشرق ” تقول : لم يشهد لبنان في تاريخ الحياة السياسية سابقة كتلك التي تتواصل فصولها منذ استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الاول الماضي والتي تكاد تكون أشبه بعملية تشويه للدستور ومقتضياته حيث تبرم الصفقات وتوزع الحصص قبل تكليف رئيس حكومة تحت شعار ضمان حسن التأليف وقطع الطريق على تضييع الوقت بعد التكليف، وكأن الوقت الضائع منذ شهر ونيف غير محسوب في رزنامة لبنان ولا في حياة الشعب الثائر في الشارع منذ ما يناهز الشهرين رفضا لهذه الصفقات التي كشفت فيضانات الانفاق والطرق امس احد اوجهها في ابرز تجلياتها.
ذلك ان أي حقبة من حقبات الحرب او السلم لم تشهد مهزلة على هذا القدر من السوء، حيث الشعب العائم في تداعيات فساد السلطة يدفع كل يوم من حياة موسومة بالاذلال انتحارا او قتلا لا فرق، وقد سجل عدادها امس قتيلين جديدين في طرابلس بانهيار سقف منزلهما بعد سلسلة مناشدات من اهل الميناء للبلدية منذ فترة لترميم المنزل لم تتجاوب معها فنالت نصيبها من الثوار اليوم تكسيرا لمبناها واحتجاجات امامها.
هذا المشهد المتكرر في شكل شبه يومي، لا بد ان يحضر اليوم على طاولة اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان في باريس لمناقشة اخطر ازمة تعصف باقتصاده واستقراره. وعشية الاجتماع اكدت مصادر دبلوماسية ان ابرز ما فيه انه سيرسم خريطة طريق انقاذية للبنان من خلال التركيز على وجوب تشكيل حكومة سريعا تتمتع بالقدرات اللازمة وبالمصداقية الكفيلة بتمكينها من تنفيذ حزمة الاصلاحات الضرورية التي تنقذ البلاد وهي التي طلبها المجتمع الدولي من لبنان ابان مؤتمر سيدر ومن بينها الاصلاح في قطاع الكهرباء، نظراً الى ما لهذه التدابير من تأثير في تحقيق تطلعات الثوار اللبنانيين. وتشير الى ان المجموعة ستطلب من لبنان، الى تشكيل الحكومة سريعا، اقرار موازنة موثوقة وشفافة للعام 2020. ويجدد تأكيد الاستعداد على مساعدة لبنان والتزام مجموعة الدعم العمل الى جانب المجتمع الدولي لتنفيذ خريطة طريق الانقاذ، ستشيد بأداء الجيش والاجهزة الامنية في حماية المتظاهرين وتحثها على الاستمرار في هذا الاسلوب والمسؤولين السياسيين على تحمل مسؤولياتهم في هذا المجال.
وقبيل اجتماع المجموعة اليوم ، بدا ان اللقاء سيخصص لتوجيه رسالة الى لبنان أكثر منه لمدّه بمساعدات مادية او مالية. فقد أكد وزير خارجية فرنسا جان أيف لو دريان أن اجتماع باريس بشأن لبنان يهدف إلى حض السلطات اللبنانية على استيعاب خطورة الوضع. ولفت إلى ان “الاجتماع سيكون بمثابة دعوة قوية للسلطات اللبنانية لتشكيل حكومة بسرعة من أجل تنفيذ إصلاحات”.
من جانبه، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيش (الذي زار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ايضا) أنّه متفائل بمؤتمر الدعم الدولي الذي سينعقد في باريس. وقال إنّ المجلس النيابي بصدد انجاز موازنة 2020 وقد شارفت لجنة المال والموازنة على إنجازها تمهيدا لاقرارها قبل نهاية العام. بدوره، رحب كوبيتش بهذه الخطوة وأشار الى انه سيبلغ هذا الموضوع للمؤتمرين في باريس غدا.
على الصعيد الحكومي، خيم الجمود التام اليوم. وأوضحت مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري أنّ رئيس المجلس النيابي لا يتدخل في الموضوع الحكومي ولا احد من الفرقاء طلب منه التدخل.
وكان لافتا انه، وردًا على ما تداولته بعض وسائل الاعلام من شروط مزعومة يضعها الرئيس الحريري لتشكيل حكومة، أوضحت مصادر بيت الوسط ان الرئيس الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين مستقلين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة”، مضيفة “اما اذا كان هناك من يصر على حكومة تكنو-سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الرئيس الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة”.
على الارض، وفي وقت عمد الثوار الى اقفال الطرق صباحا في عدد من المناطق ابرزها الزوق، احتجاجا على ارجاء الاستشارات النيابية اسبوعا كاملا، حاول العشرات من المواطنين المحتجين تحطيم بلدية الميناء من خلال رشق الحجارة على المبنى وتكسير زجاجه بعدما قتل شاب وشقيقته بانهيار سقف منزلهما. واتت افعال المواطنين ايضاً كردة فعل على البلدية معتبرين ان اهل الميناء سبق وناشدوا البلدية منذ فترة لترميم المنزل لكنها لم تتجاوب مع مطلب الأهالي. وعلى الفور، توجه الجيش الى المكان في حين أضرم المحتجون النار في آليات شرطة البلدية وحطموا سيارة تابعة للبلدية ثم توجهوا الى منزل رئيس البلدية عبد القادر علم الدين. وأقام الجيش جداراً بشريّاً أمام المحتجين لمنعهم من دخول مبنى بلدية الميناء في حين ان هؤلاء اقدموا على حرق غرفة تابعة للبلدية.
على صعيد آخر، بقيت الأزمة الاقتصاية-المعيشية في الواجهة. فقد قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “العاملين في القطاع الطبي والمسؤولين الحكوميين في لبنان يحذرون من أن المستشفيات قد تصبح قريبا عاجزة عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى جرّاء الأزمة المالية”.
وليس بعيدا، قررت الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المخابز والافران الاضراب الفوري في حال أحيل أي صاحب فرن الى النيابة العامة.
من جهة ثانية، وغداة فضيحة غرق الطرقات بالسيول والفيضانات، أعلن رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم، بعد اجتماع اللجنة للبحث في موضوع الفيضانات في بيروت الكبرى وكل المناطق “ان اللجنة ستتخذ صفة الادعاء في الملفات المتعلقة بالفيضانات في المناطق كافة. وطالب نجم بـ”التشدد بتطبيق القوانين فورا لجهة منح تراخيص البناء والأشغال ومراقبة التنفيذ من قبل البلديات ومن الوزارات والادارات ايداع القضاء كل الملفات المتعلقة بالتلزيمات والتعهدات وكل ما له علاقة بالفساد”. كما قررت اللجنة الادعاء على كل من يظهره التحقيق كمحرض أو متدخل أو مسبب في ما حصل بالأمس على الطرق والأنفاق.
أما لجنة المال والموازمة فوعد رئيسها بانجاز دراسة موازنة 2020 غدا الخميس .