الشرق الأوسط : الحريري يُكلف اليوم رئيساً للحكومة

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط ” تقول : تفضي الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة اللبنانية اليوم، إلى تكليف رئيس حكومة تصريف ‏الأعمال سعد الحريري بتأليف حكومة جديدة بأكثرية أصوات النواب في البرلمان، لتشكيل مهمة تأخذ على عاتقها ‏مهمة استعادة الثقة الدولية بها، وتصالح الحراك الشعبي المستمر منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتعيد ثقة ‏الدول العربية والمجتمع الدولي بها، نظراً إلى أن مرحلة ما قبل الحراك تختلف عما بعدها‎.‎

في غضون ذلك, تواصلت المواجهات لليوم الثاني على التوالي في محيط مجلس النواب، حيث أطلقت قوات الأمن ‏قنابل الغاز على محتجين، مساء أمس، واحتجاجات مستمرة في الشارع لليوم الستين على التوالي، تأكيداً على رفض ‏السياسيين المسؤولين عن تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية‎.‎

ويسمي 76 نائباً بشكل مؤكد وفق الحسابات على الورق، الحريري لتشكيل الحكومة، بينما تبقى الخيارات الأخرى ‏مفتوحة لدى تيارات وقوى سياسية أخرى لتسمية الحريري من عدمها أو الامتناع عن التصويت. وبموجب هذه ‏الحسابات تسمي كتلة “المستقبل” البالغ عدد أعضائها 18 نائباً الحريري، كذلك كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها ‏رئيس المجلس النيابي نبيه بري والبالغ عددها 17 نائباً، كذلك كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي يبلغ عددها 9 نواب ‏ويرأسها النائب تيمور جنبلاط‎.‎

كما تسمي كتلة “القوات اللبنانية” (الجمهورية القوية) البالغ عددها 15 نائباً الحريري، إضافة إلى “كتلة العزم” ‏برئاسة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي ويبلغ عدد أعضائها 4 نواب، وكتلة “المردة” البالغ عدد أعضائها 5 ‏نواب، وكتلة النواب الأرمن (الطاشناق) البالغ عدد نوابها 3، كما يسميه رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، ونائب ‏رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، والنواب نهاد المشنوق وشامل روكز وميشال ضاهر‎.‎

وقالت مصادر مطلعة لـ”الشرق الأوسط” إن كتلة “لبنان القوي” التي يرأسها وزير الخارجية في حكومة تصريف ‏الأعمال جبران باسيل، تنقسم إلى رأيين، وهو ما لم يحسم قرارها حتى الآن، وتتجاذب الخيارات بين الامتناع عن ‏التصويت أو تسمية شخصية ووضعها في عهدة رئيس الجمهورية. ونفت المصادر المعلومات عن أن الكتلة ستترك ‏الحرية لرئيس الجمهورية ميشال عون للتسمية، موضحة أن الاستشارات النيابية تلزم النواب بالتسمية أو الامتناع عن ‏التسمية أمام الرئيس‎.‎

وأشارت المصادر إلى أن التواصل بين الرئيس عون والرئيس الحريري ليس مقطوعاً، ولا صحة للمعلومات عن أن ‏الأبواب موصدة بينهما. في هذا السياق، علمت “الشرق الأوسط” أن الرئيس الحريري التقى الرئيس عون مساء أول ‏من أمس في لقاء بعيد عن الأضواء. وإلى جانب “التيار الوطني الحر”، لم يحسم “حزب الله” أيضاً قراره، بعدما ترك ‏أمينه العام حسن نصر الله الباب مفتوحاً من غير حسم في خطابه الأخير، رجحت مصادر مواكبة أن تمتنع كتلة ‏‏”الوفاء للمقاومة” (كتلة الحزب النيابية) عن التسمية اليوم “من واجب التضامن مع حليفها التيار الوطني الحر”، علما ‏بأن علاقة الحزب بالحريري في الحكومتين الأخيرتين تميزت بإيجابية، وكانت لافتة المساكنة بينهما من موقع ‏الخلاف، حيث شهدت العلاقة ربط نزاع لم يفتح الباب أمام أي خلافات داخل مجلس الوزراء، وكان هناك تعاون ‏إيجابي بينهما. ولم تشهد التجربة الحكومية أي تطور خلال تلك الفترة‎.‎

وقالت مصادر مطلعة على هذا الملف إن علاقة الحزب مع الحريري لم تنقطع، وبقي التواصل مستمراً رغم مأخذ ‏الحزب على الحريري بأنه استقال من حكومة تصريف الأعمال الحالية في وقت كانت الحكومة ماضية في تنفيذ ‏إصلاحات، وهو مأخذ مشترك بين الحزب و”حركة أمل” التي يرأسها الرئيس بري ورئيس الجمهورية، ويرون أنه ‏كان على الحريري التريث قبل الاستقالة. هذا، وتسمي “كتلة الكتائب” التي يرأسها النائب سامي الجميل السفير نواف ‏سلام، كذلك يسميه النائب ميشال معوض، في وقت لم يحسم “اللقاء التشاوري” موقفه بعد‎.‎

وجرت في الفترة الأخيرة عملية تثبيت حق الحريري بترؤس الحكومة خلال الزيارة التي قام بها مسؤولون إلى بكركي ‏والتقوا بالبطريرك الماروني بشارة الراعي. وفي ردّ على مقترح بأن تترأس الحكومة شخصية تكنوقراط، قال الرئيس ‏تمام سلام للبطريرك الراعي إن رئاسة الحكومة ليست منصباً تقنياً، بل هي موقع سياسي للطائفة السنية، وبالتالي فإن ‏وجود شخصية سياسية تحظى بتمثيل كبير في الطائفة في موقع رئاسة الحكومة، هو موضوع ميثاقي. وقد دعم ‏الوزير الأسبق سجعان قزي موقف سلام في هذا الاتجاه‎.‎

وبدأت جميع الكتل السياسية عقد اجتماعاتها منذ فترة ما بعد ظهر أمس لتحديد موقفها النهائي، عشية الاستشارات ‏اليوم، وسط تحذيرات من عرقلة تأليف الحكومة بعد التكليف، على ضوء موقف “التيار الوطني الحر” الذي عبّرت ‏عنه نائبة الرئيس للشؤون السياسية مي خريش لجهة الاتجاه لعدم المشاركة في حكومة يرأسها الحريري. وتوقفت ‏مصادر وزارية عن استحقاق اليوم، قائلة إنه ليس هناك أي ربط بين التأليف والتكليف، وسط دفع سياسي ودولي ‏ليكون التأليف سريعاً، بالنظر إلى أن المجتمع الدولي ينتظر تشكيل الحكومة للإفادة من المساعدات الدولية للنهوض ‏بالوضعين الاقتصادي والمالي‎.‎

وحذرت المصادر من أن لبنان يقع الآن في عين العاصفة اقتصادياً واجتماعياً ومالياً، والمفروض قبل يكون البلد قد ‏انتقل إلى مرحلة جديدة قبل شهر مارس (آذار) المقبل تتمثل في إنجاز الإصلاحات وتفعيل الإنتاج والإفادة من ‏المساعدات الدولية، منبهة أنه من دون ذلك “سيحصل الانهيار ويذهب البلد إلى المجهول” وفق التقديرات المحلية ‏والدولية‎.‎

وعليه، تؤكد مصادر مطلعة أن المطلوب تسهيلات متبادلة من كل الأطراف لإنجاح حكومة منسجمة وإنجاز فريق ‏عمل متكامل، لا أن تكون الحكومة عبارة عن جزر سياسية وحكومات داخل الحكومة، بهدف إنتاج جرعات حلول ‏عاجلة، محذرة من أنه في حال الوصول إلى شهر مارس ولم تكن هناك بدايات للانفراجات، فإن البلد تحيط به مخاطر ‏الانزلاق إلى المجهول اقتصادياً ومالياً. وفي هذا الصدد، يحرص الرئيس الحريري على إنجاز الحكومة بسرعة، ‏لتجنب الدوران في حلقة مفرغة، وذلك مرهون بمدى تجاوب الأطراف معه. وفي المقابل، يدفع الرئيس عون والرئيس ‏بري وأطراف أخرى، بينها حزب “الطاشناق” باتجاه حكومة تكنوسياسية، فيما قالت مصادر وزارية مطلعة لـ”الشرق ‏الأوسط” إن باباً سيُفتح لحكومة تكنوسياسية بمعزل عن موقف الحريري من ترؤس حكومة من الاختصاصيين، على ‏قاعدة أن الحضور السياسي يجب ألا يبدل من إطلالة الحكومة داخلياً وخارجياً على الملفات، وتتشكل بسرعة لأن ‏الجهات الدولية تحتاج إلى مرجعية تنفيذية في البلاد‎.‎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.