“الجمهورية”: كُسر منحى التأليف الحكومي عملياً

تَشي المجريات الحاكمة للمشهد الداخلي، بأنّ فرص تشكيل الحكومة قد تضاءلت الى حدّ انّها صارت شبه منعدمة، مع حرب البيانات الصدامية المتدحرجة بين بعبدا وبيت الوسط وعين التينة، والتي صاغت عنواناً عريضاً للمرحلة الراهنة، مفاده ان لا صوت يعلو على صوت السجال والاشتباك وحرب البيانات.
الجلي في هذا المشهد، حسب صحيفة “الجمهوريّة” الصادرة صباح اليوم انّ المبادرات والوساطات نُحِّيت جانباً وباتت مركونة على رصيف الأزمة والى أجل طويل على ما يبدو، بعدما أُحبطت وفشلت في فتح ولو ما يعادل ثقب إبرة في جدار التأليف، وصارت مع الخطاب السياسي المتبادل بين الرئاسات، تحتاج بدورها الى مبادرات ووساطات لإعادة احيائها، وقد لا تنجح. وبعدما خرج ما في قلوب المعنيين بتشكيل الحكومة وصدورهم الى العلن، لم ترجع الامور فقط الى ما دون نقطة الصفر بمسافات بعيدة، بل انّ حرب البيانات التي اطاحت المبادرات والوساطات، اعادت رفع متاريس اضافية على حلبة التأليف، زرعت صواعق ومفخخات سياسية على مثلث بعبدا – عين التينة – بيت الوسط، قابلة للتفجير في اي لحظة.
عملياً، كُسر منحى التأليف، وتبعاً لما هو قائم من افخاخ والغام وشروط ومحاولات تعجيز وتيئيس، بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، فإنّ إعادة لحْمَه تتطلّب قدرات سحريّة ومعجزة. علماً انّ حرب البيانات المحتدمة حالياً، وما سبقها من تباينات وشروط تعجيزية، اشارت الى اتساع وعمق مساحة التباعد الفاصلة بين عون و الحريري، واكّدت بما لا يقبل ادنى شك انّ تأليف حكومة برئاسة الحريري في عهد عون هو مهمة مستحيلة.

على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، انّ اتصالات التبريد قد غابت عن المسرح الرئاسي المتوتر، ما خلا تواصل محدود من قبل “حلفاء” وأصدقاء مشتركين لعون وبري، من باب الاستفسار لا اكثر، عمّا دفع الأمور الى هذا الحدّ. وعكس هذا التواصل، على ما يؤكد مطلعون على اجوائها لـ”الجمهورية”، انّ “الجو مشحون والنفوس متوترة وملبّدة بالاستياء فما فوق”، فيما نفت مصادر قريبة من “حزب الله” لـ”الجمهورية” ما تردّد عن لقاءات أو اتصالات أجراها في الساعات الاخيرة في سياق مسعى بدأه لتبريد الأجواء بين بري وعون، الا انّها لا تستبعد ان يقوم الحزب بمسعى ما في المدى القريب.
وفي السياق ذاته، إندرج ما أكدت عليه مصادر سياسية على صلة بالملف الحكومي، لناحية انّ الاشتباك الرئاسي سواء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف او بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، يضع البلد والملف الحكومي ضمناً في مهب احتمالات خطيرة، يخشى معها ان تتحرّج لغة المنابر والبيانات الى لغة أصعب في الشارع، لن يكون في مقدور أحد احتواء او تحمّل تبعاتها.
واعتبرت انّ اي مساعي تبريد يمكن ان تتحرك في الاتجاهات الرئاسية، ينبغي ان تركز على أن يُكتفى بهذا القدر من الخطاب الحاد بين رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي، ويعود الطرفان الى خانة التهدئة وفتح صفحة جديدة باردة بينهما، على أن يستتبع ذلك الاستفادة من الفرصة التي تتيحها مبادرة بري وسلوك مسار الاتصالات والمشاورات والتفاهم على إنضاج الملف الحكومي.

مالياً، وفي توقيت لافت عشيّة الاضراب العام الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام، أصدر مصرف لبنان بياناً كرّر فيه من جديد ما سبق وأكده مرات عدة، من انه لن يستخدم اموال الاحتياطي الالزامي لديه في اي نوع من انواع الدعم. وفي الوقت نفسه، أعاد المركزي التأكيد انه لم يمسّ بهذا الاحتياطي، وان ما يسدّده حتى الآن من فواتير دعم هي من أموال خارجة عن إطار الاحتياطي الالزامي.
وكرّر مصرف لبنان في بيانه، دعوة “الحكومة الى إقرار خطة لترشيد الدعم، بما يؤدّي الى حماية العائلات الأكثر حاجة ويضع حداً للتهريب المتمادي على حساب اللبنانيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.