مونديال قطر 2022 الاختبار الأكبر لتويتر إيلون ماسك
يخشى المراقبون من أن تكشف كأس العالم لكرة القدم 2022 حدود تويتر في عهد إيلون ماسك. فمع حملة التسريح التي طالت موظفي الشركة وحرية التعبير بدون قيود التي يتيحها الموقع، يتوقع المراقبون حدوث أعطال متكررة وسيلا من الكراهية.
تفاؤل إيلون ماسك الكبير من جهة، وجيش من طيور نذيرة الشؤم من جهة أخرى. المديرالتنفيذي الجديد لشركة تسلا والذي يرأس اليوم منصة التغريدات، أكد في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر أنه من الضروري “متابعة كأس العالم على تويتر للحصول على أفضل تغطية ممكنة” للحدث. من جانبهم، يخشى مراقبون وموظفون سابقون للموقع، من أن يشكل هذا العرس الكروي ضربة قاسية لتويتر مع موجة غير مسبوقة من رسائل العنصرية والكراهية.
يواجه إيلون ماسك تحديا كبيرا خلال كأس العالم لكرة القدم، التي تقام ما بين 20 تشرين الثاني/ نوفمبر و 18 كانون الأول/ ديسمبر في قطر. فهي واحدة من أكثر الأحداث متابعة على شبكات التواصل الاجتماعي لذلك ستكون بمثابة اختبار لتويتر الجديد الذي طالت موظفيه مؤخرا حملة تسريح واسعة.
يشار إلى أن نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أي أيام قليلة قبل أن يقيل إيلون ماسك فريق الاتصال بالكامل تقريبًا، أكدت إدارة تويتر في بيان صحفي أن كرة القدم كانت الرياضة التي سجلت أكبر عدد من التعليقات على تويتر، متقدمة بفارق كبير على كرة السلة وكرة القدم الأمريكية والبيسبول معا.
تويتر والسوق المربح
مصداقية تويتر صارت رهانا تحت إدارة ماسك، خاصة بالنسبة لأصحاب الإعلانات. تؤكد صحيفة وول ستريت جورنال أن كأس العالم 2018 أفضت إلى ارتفاع عائدات الإعلانات بنسبة 5٪ خلال ثلاثي كامل. فلا مجال للخطأ.
وقبل انطلاق المباراة الافتتاحية بين الفريق القطري ونظيره الإكوادوري بوقت وجيز، أكدت إيلا إروين نائبة رئيس تويتر والمسؤولة عن أمن المنصة أن الجميع على قدم وساق من أجل السير الحسن للموقع وأوضحت أن “الفرق تعمل منذ عدة أسابيع ليكون كل شيء جاهزا لكأس العالم”.
بين عمليات التسريح الواسعة وسلسلة الاستقالات فإن اليد العاملة في تويتر (7500 موظف قبل وصول إيلون ماسك) “انخفضت إلى النصف في غضون أسابيع قليلة” بحسب يومية “ذي غارديان” البريطانية. واختفت أحيانا فرق بأكملها. من جهتها قالت صحيفة وول ستريت جورنال في تحقيق حول التحدي الذي تمثله كأس العالم لكرة القدم: “أخبرنا مهندس أن عدد موظفي قسمه مر من 75 شخصا… إلى ثلاثة”.
وأكد موظف سابق في شبكة التواصل الاجتماعية، فضل التحفظ على هويته، في حوار لموقع الصحيفة البريطانية “ذي غارديان” أنه وفي ظل ظروف كهذه، “هناك احتمال بنسبة 50 بالمئة أن تعرف منصة تويتر عطلا كبيرا خلال الأسبوعين” الأولين من المونديال. فقد استغنى المدير العام الجديد عن خدمات ثلث الفرق المختصة في ضمان قدرة الموقع على تحمل “الصدمة” في حال ارتفاع كبير لتوافد المستخدمين، كما يحدث عادة في بطولات كأس العالم لكرة القدم.
100٪ لتغريدات عنصرية لم تحذف
صحيح أن مراسم افتتاح المونديال وخسارة قطر ضد الإكوادور في المباراة الأولى لم تؤثر على منصة تويتر. لكن مباراة الافتتاح لم تكن من تلك التي يتشوق إليها الجمهور بحرارة. فكل الأعين على المنتخبات الأكثر ثقلا مثل البرازيل وألمانيا أو حتى فرنسا… ومعها يبدأ الاختبار الحقيقي لمدى صمود المنصة.
وعلى صعيد آخر، ينطلق هذ “العرس الكروي الكبير” جارا معه كما من التعليقات العنصرية والمفعمة بالكراهية لا سيما ضد اللاعبين ذوي البشرة السوداء، بدون أن يطال أصحابها أي تحذير أو تنبيه لافت، وفق دراسة لمركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH) اطلعت عليها صحيفة الغارديان.
وقد أكد مركز مكافحة الكراهية الرقمية أنه تم على وجه الخصوص استهداف نجمي منتخب إنكلترا رحيم ستيرلينغ وبوكايوساكا بموجة كراهية عبر الإنترنت.
فعلى سبيل المثال، تم الإبقاء على 99 تغريدة على المنصة من أصل 100 تم الإبلاغ عنها خلال 24 ساعة والتي وصفت اللاعبين ذوي البشرة السوداء بـ “الزنوج” أو كانت مصحوبة برموز ذات دلالات عنصرية واضحة، بحسب “ذي غارديان”.
يحدث هذا رغم وجود قواعد للتدوين تنص على حذف الرسائل ذات طابع عنصري صريح. لكن، مرة أخرى، تم تقليص الفرق التي تعمل على تلك القواعد منذ أصبح إيلون ماسك على رأس هذه المنصة. “نحن ندرك جيدًا أن تويتر يعمل بعدد قليل جدًا من الموظفين والدليل على ذلك انتشار رسائل الكراهية التي لا تخضع للمراقبة”، هكذا لخصت الوضع بيكا جوهانسون، الأخصائية في مجال الكراهية الالكترونية في معهد آلان تورينغ بلندن، في حوار مع صحيفة “ذي غارديان”.
بطبيعة الحال، لم يظهر التمييز العنصري ضد الرياضيين ذوي البشرة السوداء مع تولي ماسك رئاسة إدارة تويتر. فقد كان أكثر من 55 % من لاعبي كرة القدم ذوي البشرة السوداء عرضة لتغريدات عنصرية خلال كأس الأمم الأوروبية وكأس أفريقيا للأمم للعام 2020، وفق بيان الاتحاد الدولي لكرة القدم الصادر في شهر نيسان/أبريل للعام 2022 والهادف للتنديد بالكراهية عبر الإنترنت على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولكن يبدو أن ترويج ماسك لمفهوم “مطلق” لحرية التعبير زاد من تفاقم الوضع. ويرى عمران أحمد، مدير مركز مكافحة الكراهية الرقمية، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، أن في ذلك “إشارة لجميع العنصريين في العالم بأن تويتر مستعد للترحيب بهم”.
وإدراكًا منه أن مثل هذا الجو المعكر والمليء بالكراهية قد يسرع مغادرة المعلنين لمنصته، اقتنع ماسك بوجوب تهدئة الوضع. إذ أكد الجمعة 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أن الخوارزميات لن تبرز التغريدات البغيضة، وإنما “يجب البحث عنها تحديدا للعثور عليها”.
الأمر الذي لم يطمئن المراقبين الذين يخشون موجة كراهية تجتاح المونديال. “جميع التغريدات التي تم تحديدها [على أنها عنصرية] من قبل مركز مكافحة الكراهية الرقمية استخدمت أسماء مستعارة للاعبين محترفين في رسائلهم على تويتر”، بحسب “ذي غارديان”، ما يعني أنه من الصعب على اللاعبين عدم رؤيتها.
وقد ظهرت كأس العالم 2010، كأحد الأحداث الأولى التي أثبتت فائدة الخدمات التي تقدمها منصة مثل تويتر لمتابعة الأحداث الرياضية مباشرة وغيرها من الأحداث الأخرى.
وكانت المنصة قد قامت في هذه المناسبة بتحديث كل تصاميمها وتعزيز أنظمتها من أجل تحمل الأعداد الهائلة التي تستخدمها وبشكل أفضل. ولكن هل ستثبت نسخة 2022 محدودية رؤية إيلون ماسك في ظل تويتر مبتور الجناح يعمل بعدد موظفين منخفض في ربوع عالم رقمي تتكاثر فيه مختلف أشكال الكراهية؟ السؤال يبقى مطروحا…
مترجم من عدة مصادر