بايدن يستعجل الحلول ويقع بين مطرقة نتنياهو وسندان ترامب

لا يختلف اثنان على ان الوضع الحالي للرئيس الاميركي جو بايدن هو الاصعب عليه منذ وصوله الى الرئاسة. فقد بدأت فعلياً التحضيرات للانتخابات الرئاسية الاميركية من خلال الحملات والتبرعات وشد العصب، فيما زاد الشعور بالحرارة العالية من أنفاس سلفه دونالد ترامب الذي صعد الى متن قطار استعادة السلطة، خصوصاً بعد فوزه الاخير في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في ولاية ايوا. يستميت بايدن حالياً لتحقيق مكسب يعطيه بعض الافضلية، وبعد ان صارع على الجبهة الاوكرانيّة في مقابل روسيا، ها هو يضع كل امواله على الجبهة الفلسطينية-الاسرائيلية، ولكنه يصطدم بطموحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ومصالحه الخاصة التي تضع العصي في دواليب التسوية التي يتوق اليها الرئيس الاميركي.

يأمل بايدن بطبيعة الحال ان تنضج التسوية قبل ان يتعرّض للمزيد من الضربات الداخليّة، وهو فعّل حتماً، اجراءات الضغط على نتنياهو، وينتظر الكثيرون ان تصل “حكومة الحرب” الاسرائيلية التي انشئت منذ نحو 3 اشهر الى نهاية مأساويّة بفعل مغادرة بعض اطراف المعارضة الذين انضموا اليها لتوحيد الصف، وفي مقدّمهم بيني غانتس وغادي ايزنكوت. ويرى متابعون للاوضاع الاسرائيليّة ان الحرج بات كبيراً بالنسبة الى المعارضين مع تصاعد الدعوات لهم لمغادرة الحكومة لانّها لا تمثلهم ولا تتفق مع مواقفهم ولا مع طموحاتهم، كما انّها لم تنجح في تحويل ايّ من الاهداف التي وضعتها بعد 7 تشرين الاول الفائت، الى واقع ملموس.

ولكن، ماذا اذا لم ينجح الرهان على سقوط “حكومة الحرب”، واستطاع نتنياهو تأمين البديل المناسب للمنسحبين (اذا ما انسحبوا بالفعل)؟ يعتبر المتابعون انفسهم انّ بايدن قد يلعب ورقة استمالة نتنياهو مع اعطائه الضمانات الكافية لانقاذه من المآزق القانونيّة والسّياسية التي ادخل نفسه فيها، وعندها يمكنه تقديم هذا كـ”انجاز” التسوية الى الرأي العام الاميركي، علّه يشفع به امام الموجة العارمة التي يحضّرها ترامب. ويجب الا ننسى ان المواقع الاميركية في المنطقة باتت عرضة للضربات، ولا يمكن ان يتساهل الاميركيون مع اي خسارة بشرية قد تصيب اولادهم خارج البلاد، وهو امر لا يمكن لاحد ان يضمنه بشكل تام، لذلك تسارع الادارة الاميركية الوقت لترتيب الامور قبل ان تنفلت بشكل لا يمكن احتواؤه، من هنا يمكن فهم الحرص على عدم اتّساع رقعة الحرب، وعلى توجيه الرسائل بعدم الاهتمام بشن حروب جديدة ان على اليمن او على ايران او غيرها من الدول، حتى في ظلّ توجيه ضربات عسكرية محددة.

ويمكن القول ان صمود حركة “حماس” و”ازعاج” حزب الله للاميركيين والاسرائيليين، ساهما في زيادة حظوظ بايدن لتحقيق مراده، لانّ اخفاق نتنياهو هو مكسب للسياسة الاميركيّة الحالية، ويعجّل في وتيرة التسوية. كما انّ انطلاقة ترامب في السباق الرئاسي، قد تكون من حيث المبدأ في مصلحة بايدن ايضاً، لان الكيمياء مفقودة بشكل كبير بين نتنياهو والرئيس الاميركي السابق، وهو ليس بسرّ، ولن يكون التفاهم بين الرجلين في المرحلة المقبلة اسهل من التفاهم بين رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس الاميركي الحالي، ما قد يجعل نتنياهو يعيد حساباته ايضاً.

باختصار، لا يحتمل بايدن ايّ خسارة على جبهة غزة، كما ان عامل الوقت لا يصب في مصلحته، فإما التسوية من خلال تحول سياسي كبير، واما حصول خضّة عسكرية مهمة لوقت محدد تكون العامل الاساسي لفرض تسوية تنهي الحرب وتؤسس لليوم التالي وتضمن انخراط الدول العربية والاوروبية في مسار من شأنه ان يؤمّن الاستقرار للمنطقة لفترة غير قصيرة من الوقت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.