أوضاع مراكز الاحتجاز في لبنان… انتهاكات متكررة وظروف مزرية

وصفت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان السجون ومراكز الاحتجاز في لبنان بـ”أماكن الحرمان من الحرّية”، حيث تعاني من انتهاكات متعددة وظروف إنسانية صعبة. وبعد زيارة 190 مركز احتجاز خلال النصف الثاني من عام 2023، أصدرت الهيئة تقريراً يوثق الانتهاكات المستمرة في هذه المراكز.
تتمثل المشكلة الأساسية في الاكتظاظ الشديد، حيث تحولت مراكز التوقيف الموقت إلى سجون دائمة رغم عدم استيفائها المعايير المطلوبة للاحتجاز طويل الأمد. وفي بعض الحالات، تستوعب غرفة مخصصة لخمسة أشخاص نحو 70 موقوفاً.
ويعاني الموقوفون من نقص في الغذاء والدواء والرعاية الصحية، وغياب المساواة في المعاملة، واحتجاز القاصرين مع البالغين، وعدم وجود عناصر نسائية للاهتمام بالموقوفات.
وفق المحامي محمد صبلوح، مدير برنامج الدعم القانوني في مركز “سيدار”، يشكل عدم الالتزام بالمادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية انتهاكاً خطيراً، حيث لا يتم إبلاغ عائلات الموقوفين أو محاميهم في الوقت المناسب، خاصة في القضايا المرتبطة بالمخدرات وأمن الدولة.
ولا تزال قضايا التعذيب منتشرة في مراكز التحقيق. ويشير صبلوح إلى تطور أساليب التعذيب من الجسدي إلى النفسي لتجنب ترك آثار ظاهرة، مثل منع الموقوفين من الجلوس لساعات طويلة.
أما بالنسبة للتوقيف الاحتياطي، فيتجاوز المدة القانونية المحددة بيومين قابلين للتمديد، حيث يبقى بعض الموقوفين لشهور دون عرضهم على قاضي التحقيق.
تفاقمت هذه المشاكل بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية التي يعيشها لبنان، مما أدى إلى نقص في الموارد المالية اللازمة لتحسين الظروف داخل المراكز، وتأجيل المحاكمات، وعدم تجهيز مراكز التحقيق بالأدوات اللازمة لتسجيل التحقيقات بالصوت والصورة كما يوجب القانون 191.
رغم المحاولات المتكررة من المنظمات الحقوقية لتحسين أوضاع الموقوفين، لا تزال الجهات اللبنانية المعنية غير متجاوبة مع هذه المطالب، مما يجعل الوضع الإنساني في مراكز الاحتجاز اللبنانية مستمراً في التدهور.