الجفاف يضرب محافظة الحسكة السورية ويجبر المزارعين على هجر أراضيهم

في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، والتي كانت تعد في السابق سلة قمح البلاد، يشاهد المزارعون أراضيهم تتحول إلى غبار وسبل عيشهم تتلاشى، بعد سنوات من الجفاف، والذي تفاقم هذا الموسم بسبب ضعف هطول الأمطار، ما دفع العائلات إلى التخلي عن الزراعة والسعي إلى البقاء في المدن.

قال عزيز ميخائيل، الجيولوجي ونائب مدير إدارة الموارد المائية السابق في الحسكة “شهدنا هذا العام نقصا حادا في هطول الأمطار، في محافظة الحسكة، لم يكن لدينا سوى من 30 إلى 40% من المتوسط السنوي”.

وأضاف ميخائيل لوكالة أنباء ((شينخوا))، “إذا استمر الجفاف، فسيكون الوضع كارثيا في تأمين مياه الشرب وجميع الاستخدامات الأخرى، ما لم يتم إيجاد مصادر بديلة”.

وقال ماهر الأحمد أحد المزارعين من قرية الحاج، إن الجفاف يعني خسائر فادحة، مشيرا إلى أن “محاصيلنا تضررت بنسبة تتراوح بين 80 و90%، بسبب الجفاف، إذ جف نهر الخابور لمدة عامين، وفرغت خزاناته، وانخفض منسوب المياه في الآبار الارتوازية إلى 95 مترا”.

وأضاف لوكالة أنباء ((شينخوا)) “كنت أزرع 100 دونم، حتى أنني كنت أستأجر المزيد من الأراضي، الآن، لا أزرع سوى 30 دونما”.

وأشار الأحمد، الذي يعيل أسرة مكونة من تسعة أفراد، إلى أن انهيار الزراعة يثقل كاهل الاقتصاد بأكمله، “يعتمد دخلنا بنسبة تتراوح بين 80 و90% على الزراعة، وإذا توقفت الزراعة، سيتوقف البلد بأكمله، الأسواق، وحركة البناء، ومن يربون الماشية مجبرون على بيع حيواناتهم بأسعار زهيدة، إذا استمر هذا الوضع، فلن يكون أمام الناس خيار سوى الهجرة ، وترك الزراعة”.

وتابع الأحمد يقول: “في قريتنا، هاجر الناس إلى تركيا أو إلى العاصمة دمشق أو الجنوب بحثا عن عمل، لا مطر ولا ماء، والأرض مهجورة”.

قال المزارع محمد العلي، البالغ من العمر 31 عاما، من تل الصخر بريف محافظة الحسكة، إن تكاليف الزراعة لم تعد مجدية.

وأضاف العلي  لوكالة أنباء ((شينخوا)) “انخفض منسوب المياه في الآبار بنسبة 80%، والإنتاج لا يغطي حتى النفقات، إذا زرعتُ دونما من القمح، تكون التكاليف باهظة، وعندما أبيعه، تكون الأسعار منخفضة”.

وقال “لقد تخلى معظم الناس عن الزراعة، والقلة المتبقية يجدونها لم تعد مربحة”.

وأكد العلي أن المزارعين بحاجة إلى دعم عاجل، بدءا من الطاقة البديلة وحفر آبار ارتوازية أعمق، وصولا إلى إحياء نهر الخابور الذي جف لفترة طويلة. وأضاف “إذا تمكنا من إعادة تأهيل النهر، فسيتم حل 80% من المشكلة”.

الأزمة ليست محلية فحسب، فقد حذرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) من أن سوريا تواجه واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ ما يقرب من أربعة عقود.

وقال بيرو توماسو بيري، كبير مسؤولي البرامج في منظمة الفاو بدمشق، في مقابلة حديثة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) “لقد أثر الجفاف على أكثر من 75% من الأراضي الزراعية، مع عجز في هطول الأمطار يصل إلى 69% في المناطق الإنتاجية الرئيسية”.

وأضاف أن “المناطق المروية تعاني أيضا من نقص المياه، وانقطاع التيار الكهربائي وتضرر البنية التحتية”.

وأطلقت منظمة الفاو خطة طوارئ بقيمة 286.7 مليون دولار أمريكي، لكن التمويل لا يزال محدودا، وقال بيري “هناك حاجة إلى إجراءات طارئة في قطاع الزراعة الآن لإنقاذ الحصاد القادم وتجنب عام آخر من الفشل”.

وأضاف أن “توزيع البذور المقاومة للجفاف بحلول أكتوبر 2025 أمر بالغ الأهمية، ليس فقط لزيادة الغلات، ولكن أيضا لمنع الأسر من الوقوع في براثن الفقر والنزوح”.

وتتجلى التحديات في الحسكة، في تشقق التربة وفرغ القنوات من المياه، ويقول المزارعون إنه ما لم تتخذ إجراءات عاجلة، فإن المحافظة معرضة لخطر فقدان ليس فقط محاصيلها، بل أيضا سكانها، حيث تترك مجتمعات بأكملها حقولها الجافة.

 

شينخوا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

كليك اف ام - بث مباشر 🔴

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.