اللواء: ثغرة في الجدار الحكومي
كتبت صحيفة اللواء تقول: بعد يوم كامل على قرار المحكمة الخاصة بلبنان بإدانة متهم واحد، ووصفه “بالمذنب” في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بدا الموقف هادئاً، والبحث يدور عن خطوات تتعلق بتسمية شخصية، يتفق عليها، عبر “مشاورات الظل”، تسبق تحديد مواعيد الاستشارات الملزمة، التي دخلت في سباق مع مجيء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، مع مضي حزب الله بالصمت المطلق إزاء ما صدر عن المحكمة، بالتزامن مع حركة اتصالات دولية – إقليمية أدّت إلى فرملة الاندفاعة نحو التطبيع بين إسرائيل وبعض دول الخليج، بفعل الموقف السعودي المتمسك بمبادرة السلام العربية، ورفض الخطوات التي لا تخدم استعادة الأرض مقابل السلام أو حل الدولتين.. فضلاً عن الترتيبات الأميركية – العراقية في ما خص العلاقات ووضع “القوات الأميركية” وسلاح الميليشيات المرتبطة بإيران امتداداً الى لبنان من زاوية القرار 1559..
عون وبري والاعتراضات
وهكذا، تجاوز لبنان بهدوء اليوم الاول من حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد، بعد موقف الرئيس سعد الحريري الذي اكد ضرورة تجنب الفتنة وسحب فتيل اي تفجير سياسي، برغم تاكيده وجوب تسليم عياش.
وسارع الرئيس نبيه بري في هذا الجو الايجابي الى التحرك لفتح الملف الحكومي والتصدي للمشكلات القائمة المتراكمة والتي زادتها كارثة انفجار مرفا بيروت، فزار الرئيس عون واجرى جولة افق تناولت الأوضاع العامة في البلاد والاتصالات الجارية لتشكيل حكومة جديدة.
واذ اكتفى بري، بعد اللقاء بالقول “التواصل مع فخامة الرئيس مستمر”، كشفت مصادر متابعة عن قرب للاتصالات، ان التواصل سيستمر خلال الساعات الـ?? المقبلة للتوصل الى تفاهم ضروري قبل الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة، لأن اوضاع البلاد لا تحتمل اي تاخير في معالجة المشكلات القائمة، علماً ان كلا من الرئيسين يقوم بمشاورات تتعلق بملف تأليف الحكومة من رئيسها الى شكلها وبرنامجها.
ورجحت المصادر ايضا ان يكثف الرئيس بري اتصالاته بالقوى السياسية في سبيل تسهيل عملية التكليف ومن ثم التأليف، وسط معلومات عن تقدم اسم الرئيس سعد الحريري كرجل المرحلة.
واستبعدت المصادر ان تتم الدعوة الى الاستشارات هذا الاسبوع، ورجحت ان تتم خلال الاسبوعين المقبلين، لوجود شروط وشروط مضادة بين الحريري وبين بعض الاطراف الاخرى.
واكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” ان الرئيسين عون وبري توافقا على تحضير الأجواء المناسبة للملف الحكومي والأسراع بالتالي في هذا الملف تمهيدا للأستشارات النيابية الملزمة مشيرة الى انهما مستمران في مشاوراتهما من اجل قيام توافق في هذه المرحلة قبل الأستشارات وتفاديا لأي خلل يصيب التكليف والتشكيل.
واوضحت ان بعض النقاط التي اثيرت بينهما وتتصل بشكل الحكومة وبرئيسها تشكل محور بحث في الساعات الثماني والأربعين المقبلة مؤكدة ان ما فهم ان رئيس المجلس ابلغ الرئيس عون ما كان قد ذكره في الأتصالين الهاتفيين المتتاليين بينهما لجهة تمسكه بالرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة.
ولفتت الى ان لا تفاصيل بحثت لأن لا تفاهم بعد حول شكل الحكومة وهو متروك لمرحلة ما بعد تحديد هوية الشخصية المرشحة لرئاسة الحكومة. وافادت المصادر ان هناك سلسلة لقاءات تعقد بعيدا عن الأضواء ولفتت الى ان رئيس الجمهورية يلتزم برغبة النواب في التسمية ولن يدخل في موضوع الأسماء لكنه لا يريد فرض شروط مسبقة.
وتوقفت المصادر عند تفاهم عون وبري حيال عدة امور وقالت انهما عرضا لوجهة نظرهما واعادت التأكيد ان خطوط التواصل بينهما مفتوحة.
وأوضحت ان رئيس الجمهورية يفضل حكومة اقطاب انما لا يرى اي مانع في البحث في صيغة بديلة خصوصا في ظل تحفظ بعض الأطراف عليها. ورأت المصادر ان دخول رئيس المجلس على الخط الحكومي وتفعيل حركته واضح وينتظر الردود بشأنها. الى ذلك رأت اوساط مراقبة عبر اللواء ان المواقف الصادرة عن الرئيس الحريري بعد صدور حكم المحكمة الدولية تحمل في طياتها مناخ تهدئة اكثر من تصعيد مشيرة الى ان الملف حسم وردود الفعل كانت هادئة.
لكن مكتب الاعلام في الرئاسة الاولى، اوضح ان ما ذكرته محطة MTV في نشرتها مساء امس عن اللقاء بين الرئيسين عون وبري حول مسألة تشكيل الحكومة لجهة مطالبة رئيس الجمهورية بحكومة اقطاب بهدف عدم استبعاد النائب حبران باسيل عنها، هو خبر كاذب لا اساس له من الصحة ، وان البحث مع الرئيس بري لم يتطرق الى هذه المسألة مطلقا. واشار مكتب الاعلام الى ان التشاور سوف يستمر بين الرئيسين عون وبري في ما خص تشكيل الحكومة الجديدة.
تعقيدات وتجاذبات
وتوقعت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة بروز تعقيدات وتجاذبات بين الاطراف المعنيين بعملية التشكيل، قد تطيل ولادة الحكومة العتيدة، لاسيما وان هذه العملية أصبحت تتأثر بجانب كبير منها بالاهتمام الاقليمي والدولي الذي ترجمه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بزيارته الاخيرة الى لبنان بعد التفجير المدمر الذي استهدف مرفا بيروت ودخوله بدور فرنسي لافت لاخراج لبنان من الازمة السياسية والحكومية واقتراح أفكار معينة لتشكيل حكومة جديدة مقبولة من جميع الأطراف تتولى الإشراف على القيام بالمهمات المنوطة بها لإخراج البلد من ازمته المالية وتتولى القيام بالاصلاحات المطلوبة بالسرعة اللازمة ووضع لبنان في مرحلة جديدة.
واشارت المصادر إلى ان زيارة الموفد الاميركي ديفيد هايل اعطت دفعا للموقف الفرنسي بخصوص تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بنفس المواصفات تقريبا مع تباين بشكلها، وهذا ما أعطى انطباعا واضحا بوجود رغبة دولية واضحة لقيام حكومة جديدة تاخذ بعين الاعتبار المتغيرات بالداخل لجهة مطالب المواطنين وصرخاتهم بالتغيير، بالرغم من زيارة وزير الخارجية الايراني جواد ظريف لاحقا لابراز تأثير بلاده ومحاولة التاثير على المشاركة الفرنسية والاميركية وغيرها في رعاية ودعم تخريجة الحكومة العتيدة.
واعتبرت المصادر ان المشاورات بين الأطراف السياسيين لم تنقطع منذ ذلك الحين، وقد اتت زيارة الرئيس بري الى بعبدا امس لترجمة نتائج الحركة السياسية والديبلوماسية الاخيرة ولفتح ثغرة في عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت ان بري ابلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بأنه لم يعد ممكنا التأخير ببدء الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة بعد اكثر من اسبوع على استقالة حكومة حسان دياب وعرض على عون مبادرة لتشكيل حكومة انقاذ وطني من عشرة اعضاء برئاسة سعد الحريري تضم شخصيات اختصاصيين مشهود لهم بمهنيتهم وخبرتهم بالحقل العام، تتولى عملية الاصلاحات البنيوية المطلوبة في القطاعات والادارات وتعيد تواصل لبنان مع العرب والخارج وتباشر سريعا بحل الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية المتدحرجة وتعيد اعمار المناطق المهدمة والمتضررة جراء الانفجار المروع في مرفأ بيروت مؤخرا.
وكشفت المصادر ان عون بدا وكانه فوجىء بما طرحه بري عليه واستمهله ليومين للرد على مبادرته.
رعد: حكومة المهمات المستقلة
وفي السياق، قال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إنّ “أميركا حددت سقوفاً لتشكيل الحكومة، بعدما تحدث فرنسا عن حكومة وحدة وطنيّة”، مضيفاً أن “لا مشكلة مع أيّ مبادرة طالما هناك أطراف محليّون يعلمون مصلحتهم”.
وأعلن رعد في حديث لـ “الميادين”، أن آخر وصف مطروح من قبل أطراف خارجيّة للحكومة المقبلة هو “حكومة المهمات المستقلة”، دون أن يوضح المقصود بذلك.
وبشأن المبادرات الخارجية علق رعد قائلاً إنها “وبعد أن أطلت علينا في اليوم الأول انكفأت لغتها في اليوم الثاني، وتزاحمت المبادرات مع بعضها البعض، وتضاربت المصالح”، وأضاف أن الآن يوجد تعقيدات ليس من السهل تخطيها باستشارات نيابية ملزمة قريباً.
وقال: أن الحديث عن “حكومة وحدة وطنية تجمع كل الفرقاء يبدو أنه انسحب من التداول، والآن صاروا يطالبون بتشكيل حكومة مهمات مستقلة.
وعن مبادرة فرنسا أشار رعد إلى أنه حين تحدثوا عن حكومة وحدة وطنية تدخلت أميركا لـ”وضع السقوف”.
اعتراض قواتي – اشتراكي
وذكرت معلومات ان فريقي القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي يعارضان عودة الرئيس الحريري في الظروف الراهنة، كاشفة ان الرئيس بري قد يتولى مهمة اقناعهما، علما ان تكتل “الجمهورية القوية” سيعقد اجتماعا قبل ظهر اليوم في معراب لتحديد الموقف من تطورات الساعة ولا سيما الملف الحكومي.
وذكرت أن السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه انضم الى مساعي حلحلة الوضع اللبناني وتشكيل حكومة بتوافق كل القوى السياسية.
لكن معلومات “اللواء” تحدثت عن البدء بطرح أسماء ممكنة في الحكومة الجديدة، مثل تسمية نائب حاكم مصرف لبنان السابق رائد شرف الدين وزيراً للمالية، ورئيس مجلس إدارة اوجيرو عماد كريدية وزيراً للاتصالات فضلاً عن شخصيات موثوق بها، ما تزال قيد الاتفاق حولها.
وفي أوّل موقف لقيادي في حزب الله، قال النائب حسن فضل الله عضو كتلة الوفاء للمقاومة: لا يعنينا لا قرار المحكمة، ولا الذي صدر عن المحكمة، ولا أي تفاعلات، وندعو الجميع إلى مزيد من الوعي وعدم الانجرار إلى الفتنة.
وقال: النائب محمد رعد التقى الرئيس الفرنسي مرتين، ونحن لم نكشف سابقاً عن احداهما، وليس لدينا مشكلة بعودة الحريري لرئاسة الحكومة، وحتى الآن لا يوجد اسم محدد جرى الاتفاق عليه.
وقال فضل الله: علاقتنا بالتيار الوطني الحر متينة، ومحاولات إسقاط الرئيس عون ستفشل بسبب قاعدته الشعبية، ونحن معه ونؤيده.
هيل مجدداً
وفي إطلالة كشف النقاب عن مضمونها أمس، قال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل للصحفيين (رويترز) إن لبنان بلغ أدنى مستوى ولم يعد بإمكانه تحمل قيادة يرى الشعب أنها تعمل على إثراء نفسها وتتجاهل المطالب الشعبية.
وقال هيل “إنهم يرون حكاما يستخدمون النظام لإثراء أنفسهم وتجاهل المطالب الشعبية”. وتابع “لقد انتهت تلك الحقبة. لم يعد هناك المزيد من المال لذلك. لقد وصلوا إلى الحضيض وأعتقد أن القيادة عاجلا أم آجلا ستقدر حقيقة أن الوقت قد حان للتغيير. وإذا لم يحدث ذلك فأنا على قناعة بأن الجماهير ستكثف الضغوط عليهم”.
وقال هيل ان واشنطن لن تقدّم مساعدات طويلة الأجل للبنان حتى ترى قيادة قادرة على الإصلاح والتغيير، مشيراً إلى ان لبنان بحاجة لتطبيق إصلاحات اقتصادية ونقدية ومحاربة الفساد المستشري وتحسين الشفافية.
وأكد هيل ان مشاكل لبنان لا يمكن حلها من الخارج، وتتطلب قيادة ملتزمة بالاصلاح ولفت إلى ان بعض الإصلاحات الإضافية المطلوبة في لبنان بشمل تنويع الاقتصاد ومراجعة نظام الكهرباء ومراجعة حسابات المصرف المركزي.
ولاحظ ان الإصلاحات الضرورية تتعارض مع مصالح جميع الأطراف التي تريد بقاء الوضع الراهن في لبنان بمن فيهم حزب الله، كاشفاً ان الشعب اللبناني يرى حكاماً يستغلون النظام لاثراء أنفسهم، ويتجاهون المطالب الشعبية.
وقال: واشنطن تمكنت من التعامل مع حكومات لبنانية سابقة تضمنت عناصر من حزب الله.
توسيع مهمة اليونيفل
كشفت مصادر ديبلوماسية ان عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قد دخلت في مراحل متقدمة وشبه نهائية. وينتظر ان تتبلور خلاصة هذه العملية خلال زيارة المسؤول الاميركي دايفيد شنكر نهاية الشهر الجاري الى لبنان.
واشارت المصادر إلى ان تأخير التوصل الى إتفاق نهائي بخصوص ترسيم الحدود البحرية مرده الى اصرار تبديه إسرائيل ليشمل الترسيم الحدود البرية مع لبنان أيضا وهذا قد يطيل انجاز الاتفاق بالسرعة اللازمة نظرا للاشكالات والتعقيدات التي تحيط بالحدود البرية في جنوب لبنان. وكشفت المصادر ان مشاورات تجري في اروقة الامم المتحدة لإدخال تعديلات محتملة على قرار التجديد لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان ليشمل توسعة مهامها في مناطق خارج نطاق القرار????، ويستعان بها في الإشراف على عملية ترسيم الحدود البحرية والبرية في حال تم التوصل نهائيا لاتفاق بخصوصها كون هذه القوات موجودة في هذه المناطق وباستطاعتها القيام بالمهمات المنوطة بها في الوقت المناسب، بما في ذلك المشاركة بالاشراف على الوضع في مرفأ بيروت والمطار أيضاً.
على صعيد المساعدات، غرد السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه عن لقاء مع سفراء أميركا اللاتينية، قائلاً ان “التضامن مع لبنان ينظم أيضاً مع هذه الدول التي يتواجد فيها عدد كبير من الجاليات اللبنانية”، مضيفاً: “لبنان أكبر من لبنان”.
وكشف الجيشان اللبناني والفرنسي عن عمل مشترك قام به فوجان منهما لإعادة أهيل محطة شارل حلو.
وان العمل أنجز في ما خص تنظيف المحطة، حسب قائد فوج الاشغال بالجيش اللبناني العقيد يوسف حيدر، والعمل سينتقل إلى داخل المرفأ.
وقال قائد فوج البر في إطار عملية الصداقة الفرنسية في الجيش الفرنسي الكولونيل انطوان دولاباردوني ان هناك 400 شخص متخصص في الاشغال والمساعدة الإنسانية يرفعون الردم، إضافة إلى نحو 150 آلية للاشغال جاءت مع الفوج.
وردا على سؤال، قال باردوني: “إن بحريتي فرنسا وبيروت تعملان بشكل مشترك من أجل تنظيف أحواض المرفأ، والفريق الفرنسي مؤلف من مهندسين ومتخصصين في عمليات الهندسة البحرية، والهدف هو تنظيف أحواض المرفأ كي تتمكن البواخر الكبيرة من أن ترسو”.
الى ذلك، أعلنت فرنسا عن زيارة جان بابتيست لوموان، سكرتير الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية المكلف بالسياحة والفرنسيين المقيمين بالخارج والفرانكوفونية، الى لبنان يومي 20 و 21 آب 2020 لتقديم دعمه للفرنسيين وللذين يقدمون المساعدات الفرنسية في لبنان.
وسيلتقي جان بابتيست لوموان بأعضاء الجالية الفرنسية الذين وقعوا ضحايا انفجار 4 آب، وسيترأس اجتماع عمل مع ممثلين منتخبين من الفرنسيين المقيمين في الخارج والخدمات القنصلية. كما سيزور المؤسسات التعليمية الفرنسية المتضررة، بحضور ممثلين عن المجتمع التعليمي.
فرنسا ترحب
وفي المواقف، من قرار المحكمة أعلنت فرنسا في بيان انها ترحب بعمل المحكمة الخاصة بلبنان “التي تعتبر هيئة قضائية مستقلة ومحايدة، أصدرت أمس حكمها في قضية اغتيال رفيق الحريري. ويشكل هذا القرار علامة بارزة في مكافحة الإفلات من العقاب في ما خص الأعمال الإرهابية. وكانت تنتظره بفارغ الصبر أسر الضحايا وكذلك المجتمع الدولي”.
وأضاف البيان: “تلتزم فرنسا في كل مكان لصالح مكافحة الإفلات من العقاب. منذ إنشائها بموجب القرار 1757 الصادر من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعمت فرنسا المحكمة الخاصة بلبنان على مستوى الميزانية والمستوى الفني، وستواصل القيام بذلك. كما يجب تنفيذ الحكم الذي أصدرته المحكمة الخاصة بلبنان أمس بالكامل. ويجب أن يستمر عمل المحكمة الخاصة بلبنان في ما خص اغتيال جورج حاوي ومحاولتي اغتيال مروان حمادة والياس المر”.
وتابع: “تغتنم فرنسا هذه الفرصة لتحيي ذكرى رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري و 22 شخصًا آخرين قتلوا في هجوم 14 شباط 2005، والذين جسدوا الكفاح من أجل سيادة بلادهم. عملنا في لبنان يندرج بنفس الروحية. تلتزم فرنسا بتعافي لبنان وذلك على أساس إصلاحات طموحة، من بينها سيادة القانون والعدالة ومكافحة الإفلات من العقاب. هذه هي التطلعات التي عبر عنها بقوة الشعب اللبناني”.
قانونياً، يعتبر خبير القانون الجنائي الدولي في معهد آسر في لاهاي كريستوف باولوسن أن “واقعة تبرئة أشخاص تكشف الكثير في ما يتعلّق بنزاهة المحكمة”. ويرى باولوسن أن هذا الأمر يعكس مدى صعوبة التعامل مع قضية “على قدر كبير من التعقيد خصوصا عندما تقابل بقلة تعاون”.
ويستذكر باولوسن أن “الخيار وقع تحديدا على محكمة ذات طابع دولي ومرد ذلك جزئيا إلى الانحياز والفساد في النظام القضائي اللبناني”. ويضيف “لكن يجب أيضا ألا ننسى أن المحاكم الدولية، وعلى عكس المحاكم الوطنية ليس لديها قوات شرطة تابعة لها وهي تعتمد بالتالي على التعاون مع جهات أخرى”.
الاسكوا: نصف اللبنانيين تحت خط الفقر
اما نتاجُ الازماتِ اللبنانيةِ فقد اَحصتَهُ لجنةُ الأممِ المتحدةِ الاجتماعيةُ والاقتصاديةُ لغربِ آسيا (الإسكوا) في دراسةٍ خَلَصَت الى أنَ نصفَ سكانِ لبنانَ باتوا يعيشونَ تحتَ خطِّ الفقر، وانَّ الحلَّ الوحيدَ امامَ اللبنانيينَ هو التضامنُ كضرورةٍ حتميةٍ للحدِّ من آثارِ الصدَماتِ المتعددةِ والمتداخلة.
وتُشير دراسة الاسكوا، إلى أن العدد الإجمالي للفقراء من اللبنانيين أصبح يفوق 2.7 مليون بحسب خط الفقر الأعلى (أي عدد الذين يعيشون على أقل من 14 دولاراً أميركياً في اليوم). وهذا يعني عمليًا تآكل الطبقة الوسطى بشكل كبير، وانخفاض نسبة ذوي الدخل المتوسط إلى أقل من 40% من السكان. وليست فئة الميسورين بمنأًى عن الصدمات، بل تقلّصت إلى ثلث حجمها هي أيضًا، من 15% في عام 2019 إلى 5% في عام 2020.
وتعقيبًا على ذلك، قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي: “إنشاء صندوق وطني للتضامن المجتمعي ضرورة ملحة لمعالجة الأزمة الإنسانية وتقليص فجوة الفقر”. ودَعت أيضًا الجهات المانحة الدولية إلى توجيه الدعم نحو تأمين الأمن الغذائي والصحي، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
والتضامن ضروري بحسب الدراسة، إذ يسجّل لبنان أيضًا أعلى مستويات التفاوت في توزيع الثروة في المنطقة العربية والعالم. ففي عام 2019، بلغت ثروة أغنى 10% ما يقارب 70% من مجموع الثروات الشخصية المقدَّرة قيمتها بحوالي 232.2 مليار دولار. وفي حين ستنخفض هذه النسبة في عام 2020 على أثر الصدمات المتعددة والمتداخلة، إلا أن التفاوت الشديد في توزيع الثروة سيستمرّ.