غسّان إسطفان المُشبع مِن قداسة الأب بشارة قبل ارتداء ثوبه 

شاهدتُ وعائلتي الأحد الماضي، على شاشة الـMTV، فيلم الأَب بشارة أَبو مراد، الّذي قام ببطولته الفنّان القدير غسّان إِسطفان.

لم تكُن المرّة الأُولى الّتي أُشاهد فيها هذا الفيلم، ولكن هذه المرّة بشغفٍ وفُضول أَكثر، بعدما استضفْتُ الفنّان إِسطفان في حلقةٍ مُميّزةٍ من برنامج “على علمي” على “قناة مريم” السّنة الماضية. لقد لمسْتُ لدى الصّديق غسّان إِسطفان، مدى التّأَثُّر الّذي تركه في نفسه هذا الفيلم، كما والأَفلام الدّينيّة الّتي شارك فيها في شكلٍ عامّ، أَو أَدّى أَدوار البطولة فيها… يكاد كُلّ مَثَلٍ يستشهد به، يختاره من فيلم الأَب بشارة. وقد ينسى إِسطفان أُمورًا كثيرةً بفعل الزّمن –ونرجو له طول العمر والصحّة والعافية…– غير أَنّني على يقينٍ أَنّ التّفاصيل المُتعلّقة بفيلم الأَب بشارة لن تُمحى من ذاكرته أَبدًا… هو يُحدّثُك عن الفيلم بشغفٍ لا يوصف… فتشتهي أَن تُعيد المُشاهدة مرارًا… ولكن هذه المرّة في ضوء “خارطة الطّريق” العائدة إِلى الفيلم، والّتي رسمها غسّان إِسطفان في مُقابلته المُتلفزة على شاشة “قناة مريم”…

لقد خشيت أَن أَحيد كثيرًا عن الموضوعيّة، في الحديث عن أَثر الأَفلام الدّينيّة في نُفوس المُمثّلين عمومًا، وبالنّسبة إِلى غسّان إِسطفان في شكلٍ خاصّ، خلال كتابتي هذه المقالة. لذا فقد استمزجْتُ آراء أُسرتي الصّغيرة، وأَنا أُشاهد الفيلم أَمس، غير أَنّني أَيقنت أَخيرًا أَنّني مهما كتبْتُ فلن أُعطي الحالة الرّوحيّة الّتي أَثّرت في الصّديق غسّان بعد أَدائه دور الأَب بشارة حقّها!. هو مسحورٌ إِلى أَبعد حدٍّ بالأَب بشارة، وبالمعنى الإِيجابيّ للكلمة. وقد يكون مردُّ ذلك إِلى أَنّ الفنّانين، وكي يُجسّدوا الشّخصيّة الدّينيّة في شكلٍ خاصّ، هُم في حاجةٍ إِلى أَنْ يعيشوا أَوّلًا “الحياة الدّيريّة”، قبل أَن يشرعوا في تقمُّص أَدوارهم التّمثيليّة. وهذا ما أَشار إِليه الكثير مِن الفنّانين ومنهُم المُمثّلة غريتا عون… فالحالة الرّوحيّة لا تتجسّد إِلّا متى تأَصّلت في النّفس البشريّة، واختمرت في الدّاخل أَوّلًا… ومن ثمّ يحدث التّأثير الكبير بعد أَداء الدّور، إذ تترسّخ في النّفس القيم السّامية، والفضائل المُقدَّسة والمُقدِّسة (بفتح الدّال كما وبكسرها)… إذ إنّ “الحياة الدّيريّة” تترسّخ وتتجذّر في النّفس، وتُلازم المرء ما تبقّى له من الحياة!.

ولكن بالنّسبة إلى غسّان إسطفان تحديدًا، يُمكن القول إنّه مُشبعٌ مِن قداسة الأَب بشارة، حتّى قبل ارتداء ثوبه لتأدية الدّور!. وتبقى أُمنيةٌ ذكرها إِسطفان في المقابلة الّتي خصّني بها -وهي الأَخيرة حتّى الآن- أَنّه يتمنّى أَن يُمنح بعد هذه السّنوات الطّويلة مِن العطاء الفنيّ المُميّز… أَقراصًا مُدمجة (C D) وتسجيلات “فيديو” تتضمّن أَعماله الفنيّة كُلّها، فيطمئنّ إِذّاك إِلى أَنّ تراثه الفنيّ بات في مُتناول يده… وأُمنيته أَن تُجمع أَعماله لأَنّ فيها خلاصة فنّه الأَصيل!.

بطاقة فنيّة 

بدأَت مسيرة غسّان إسطفان الفنيّة عبر شاشة التّلفزيون في بدايات السّبعينات مِن القرن الماضي، يوم أَطلّ “الفنّان الموهوب غسّان إِسطفان” عبر مُسلسلاتٍ تلفزيونيّةٍ وبخاصّةٍ البرنامج الانتقاديّ التّلفزيونيّ الاجتماعيّ “أَبو ملحم” للفنّان “أَديب حدّاد” المعروف بـ “أَبو ملحم” وزوجته الفنّانة “سلوى حدّاد” المعروفة بـ “أُم ملحم”. وعمل في الوقت نفسه مع “رشيد علامة”، الّذي اعتبره “أُستاذًا في المُسلسلات التّاريخيّة” الّتي كانت تُعرض في 13 دولةً عربيّةً، مثل “العقد الفريد”، و”زرياب”، و”رسول الخليفة”. كما وعمل غسّان إِسطفان مع الكاتب أُنطوان غندور والمُخرج باسم نصر وقد ساعد إِسطفان الأَخير في إِخراج مُسلسلاتٍ تلفزيونيّةٍ عدّة مثل “دويك يا دويك” (في العام 1972)، و”شباب 1973″، بُطولة المُمثّلة “أَلين تابت”، و”كاميرا 99” (لوجود 99 نائبًا في البرلمان اللُبنانيّ آنذاك)، إِلى أَن درس غسّان إسطفان الإِخراج السّينمائيّ والتّلفزيونيّ في العام 1980 في كاليفورنيا. وقد بدأَ ببطولةٍ مُشتركةٍ مع المُمثّلة إِلسي فرنَيْني في العام 1980، في مُسلسل “الوجه الضّائع” للكاتب مروان نجّار، وبعدما أَنهى الدّراسة عمل كثيرًا مع مروان نجّار في مُسلسل “طالبين القُرب” حيث كانت كُلّ قصّة ثلاثيّاتٍ. كما وعمل في المسرح مع أَلين تابت وجان ماري مشاقة في العام 1973، في “إِخت الرّجال”، إضافةً إلى مُسلسل “مِن أَحلى بيوت راس بيروت”، وكذلك شارك في المُسلسل الكوميديّ السّاخر “الحالة وأَبوزيد الهلالي” الّذي عُرض على شاشة “الجديد”، وقد أَخرج إسطفان الحلقات الخمس الأُولى مِن المُسلسل الاجتماعيّ Familia على شاشة الـ MTV وtelefilm بعُنوان “حقّ الوصاية” (مدّته 3 ساعات)، كما وقام بإِخراج فيلمٍ سينمائيٍّ بعُنوان “المشهد الأَخير” بطولة المُمثّلَيْن عمّار شلق وبرناديت حدَيْب.

رزق الله الحلو