الحرب على “الأونروا” شاملة… وأخطرها محاولة فصل الأقاليم عن بعضها

كشفت مصادر فلسطينية لـ”الجريدة”، أن لبنان تلقى تطمينات من بعض الدول الغربية باستمرار تقديمها مساعدات مالية لوكالة “الأونروا” وتحديدا في لبنان، في خضم الأزمة غير المسبوقة التي تواجهها بعد قرار 17 دولة تعليق مساعداتها تحت ذريعة مشاركة أو تأييد 12 موظفا منها في عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها حركة “حماس” في 7 تشرين الأول 2023.
وأشارت المصادر، إلى أن هذه الوعود–رغم إيجابيتها الظاهرة، لا تقل خطورة عن وقف المساعدات ذاتها، إذ ترفض القوى السياسية والشعبية أي حديث عن فصل أقاليم “الأونروا” عن بعضها البعض، قناعة منها أن الحرب على الوكالة شاملة ولا تستهدف أقليم بذاته سواء في غزة أو لبنان، ورغم التهديد بأن خدماتها ستتوقف مع بداية نيسان القادم.

وأكدت المصادر، أن الحرب ضد الوكالة ليست وليدة اليوم، إذ إن “إسرائيل” ومعها الولايات المتحدة الأميركية، تعملان علانية على إنهاء عملها في إطار خطة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة. وفي التسلسل التاريخي شواهد كثيرة على ذلك بدءًا من اتفاق “أوسلو” عام 1993، مرورا بصفقة القرن الأميركية وصولا إلى عملية “طوفان الأقصى”.

وفي هذا التسلسل، فإن الاستهداف الأشهر جاء عام 2017، حين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما حرفيته: حان الأوان لتفكيك وكالة الغوث ودمج خدماتها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية”، زاعما “أن الوكالة تحرض ضد “إسرائيل” لأنها من خلال وجودها وأنشطتها تساهم في تخليد مشكلة اللاجئين”.

وفي العام 2018، في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قرّر وقف تمويل الوكالة لأسباب سياسية تتعلق بصفقة القرن التي أطلقها وأراد من خلالها تقليص أعداد اللاجئين، من خلال إسقاط صفة اللجوء عن الذين ولدوا خارج فلسطين، مما يسهل توطينهم في الدول التي تستضيفهم مقابل مساعدات مالية مغرية وقد شكل الدعم الأميركي نحو ثلث موازنة الوكالة في وقتها، وقد بدأت تئن من عجز مالي سنوي.

وفي العام 2019، علّقت سويسرا وهولندا وبلجيكا ودول أخرى مساهماتها المالية بذريعة وجود فساد في الوكالة والزعم أنّ مناهجها تحرّض على العنف والكراهية، قبل أن تستأنف التمويل بعد تأكيدات الأمين العام للأمم المتحدة بعدم وجود فساد، وعدم صحة اتهامات “إسرائيل”.

ويقول مدير “هيئة 302 للدفاع عن حق العودة”، علي هويدي لـ”الجريدة”، إن الأزمة تراوح مكانها، فيما الوقت يداهم الوكالة، حيث من المتوقع أن تبدأ التداعيات السلبية بالظهور في نهاية شباط الجاري، ليبلغ ذروته في نهاية آذار المقبل، وتتوقف الخدمات مع بداية نيسان المقبل، كما صرح أكثر من مسؤول في الوكالة”، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تأمين موازنة مستقلة من الأمم المتحدة، وليس البحث عن بديل لكل اقليم وخاصة فيما يعني لبنان.

هويدي الذي أشار إلى أن 17 دولة قررت تعليق مساعداتها المالية من بينهم الولايات المتحدة، بسبب مزاعم إسرائيلية بشأن 12 من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفا، نوّه بقرار إسبانيا وإيرلندا وبلجيكا وفرنسا باستمرار دعمها بل برفعها، متسائلا عن موقف الدول العربيّة التي زراها المفوض العام فيليب لازاريني، سعيا لحشد الدعم المالي، مؤكدا “أن القضاء على الوكالة هدف إسرائيلي بعيد المدى، وهي تعتقد أن انهاءها يعني محو حق اللاجئين في العودة”.

وقد تأسست “الأونروا” في العام 1949 وفق القرار 302، وفوّضتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجّلين في مناطق عملياتها التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا ولبنان، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. وتمثل اليوم الشاهد الحيّ على نكبتهم ولجوئهم وحقهم بالعودة لذلك يتمسكون بها رغم خدماتها الشحيحة.

ويقول مسؤول ملف “وكالة الغوث” في “الجبهة الديمقراطية” فتحي كليب، ان هناك خطة وضعتها الأجهزة الإسرائيليّة لكيفية التعاطي مع الوكالة مستقبلا، وقد كشفت عنها التصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتنقسم إلى مراحل ثلاث:

-الأولى: تشويه صورة “الأونروا” في أعين المانحين واقناعهم بوجود تعاون بينها وبين “حماس”، وهذا ما شهدناه في الاتهامات المباشرة التي لم تستند حتى هذه اللحظة إلى أيّ دليل، رغم مسارعة الوكالة والأمم المتحدة إلى فصل الموظفين المتّهمين حتى قبل إجراء التحقيق لقطع الطريق على أي تحرض.

-الثانية: عدم السماح للوكالة بتقديم خدماتها وطرح منظمات دولية كبديل عنها، وقد حصلت محاولات إسرائيلية لتكريس هذا الأمر سواء عبر قصف وبشكل متعمد مراكز ومقرات الوكالة، أو من خلال تجميد بنوك إسرائيليّة لحسابات مصرفيّة خاصة بها أو قرارات بوقف الإعفاءات الضريبية الخاصة.

-الثالثة: نقل كل مهام “الأونروا” إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب، على افتراض بأن هذه الهيئة سوف تستجيب للمطالب الإسرائيليّة، وهذا يبدو أنه بعيد المنال، لأكثر من سبب، منها أن كافة منظمات الأمم المتحدة غير مهيّأة لتولي المسؤوليّات التي تقوم بها الوكالة، كما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، وان الكلفة التشغيليّة لها أقل بكثير من كلفة تشغيل وكالات أمميّة أخرى”، وغير ذلك من الأسباب التي تجعل من الاستحالة إمكانيّة النجاح، وأن لا بديل عن الأونروا… إلا الأونروا في القيام بأعباء وتداعيات العدوان الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.