الأخبار: المصارف تسعى الى ضياع اموال الناس لعدم رغبتها باعادة اموال المودعين

تحدّثت صحيفة الاخبار عمّا جرى من تداعيات قرار مجلس شورى الدولة باجبار مصرف لبنان على الغاء القرار 151 لجهة وقف دفع الدولار على سعر 3900 واعتماد السعر الوهمي له 1500 ليرة بين عصابات المصارف في لبنان. وأشار الى أنه  عملياً، ما حصل أمس يدفع إلى الاعتقاد أن هناك لعبة متعددة الأهداف؛ من بينها:
أولاً: يشي سلوك سعد الحريري بأنه مقتنع بوجهة نظر تقول له بخوض معركة مفتوحة هدفها تعبئة جمهوره والوصول إلى حكومة انتخابات من أجل استعادة شرعية تمثيله، بقصد فرض نفسه ليس على اللاعبين الداخليين، بقدر ما هو يهتم بأن يعيد فرض نفسه على اللاعب الإقليمي، وخصوصاً السعودية التي ترفض الحديث معه.
ثانياً: يعكس سلوك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رغبته في قلب الطاولة، إن أمكن، على الجميع، ولا سيما أنه مطّلع على سير التحقيقات الجارية من قبل الجهات القضائية المعنية في لبنان وخارجه، والتي تظهر مؤشراتها صعوبة نجاته من اتهامات كبيرة تتعلق باستخدام موقعه لغايات ربحية مباشرة أو بواسطة مقرّبين منه.
ثالثاً: سعي المصارف إلى إدخال تعديلات جوهرية تسمح لها بالتفلت من مسؤوليتها عن الاستدانة الهائلة من جهة، وضياع ودائع الناس من جهة ثانية، وعدم رغبتها في إعادة قسم كبير من أموالها الخاصة أو حتى بيع بعض أصولها في لبنان من أجل إعادة الأموال إلى المودعين. وكان واضحاً أن المصارف، بعد ما حصل أول من أمس، لم تظهر خشية من فوضى أهلية بقدر ما كانت تظهر رغبة في استعادة الأسابيع الأولى بعد انتفاضة 17 تشرين بغية إقفال أبوابها بصورة تامة واستمرار عملها بالتعاون مع رجال أعمال وتجار سياسيين في تهريب الأموال إلى الخارج، في ظلّ حماية قانونية نتيجة عدم إصدار مجلس النواب تشريعاً يفرض قيوداً على تحويل العملات الأجنبية الى الخارج (الكابيتال كونترول).
رابعاً: تهديد اللبنانيين بفوضى أمنية كبيرة، تنتج من فوضى الشارع في ظل تراجع قدرة القوى الأمنية والعسكرية ورغبتها في القيام بدورها كاملاً في حماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، وسط ميل ظاهر لدى بعض القيادات غير المدنية إلى عودة الغليان في الشارع، عسى أن يقود ذلك الناس إلى المطالبة بدور خاص للقوى العسكرية والأمنية في مسألة تولّي السلطة في البلاد، وخاصة في ظل استنفار دولي غير مسبوق لتوفير الدعم المادي المباشر للجيش وقوى الأمن الداخلي والحديث الدائم من جانب الأميركيين والأوروبيين عن دور إضافي للقوى العسكرية والأمنية في ضبط الوضع في لبنان.

في خلاصة تداعيات قرار “الشورى”، وبالرغم من تجميد العمل به، فإنه حقق للمصارف أكثر مما كانت تتمناه. وإذا كان المطلب سابقاً الكف عن سرقة المودعين من خلال اقتطاع 70 في المئة من السحوبات التي تتم على سعر 3900، فيما الدولار وصل سعره في السوق السوداء إلى 13 ألفاً، فقد صار أقصى مراد المودعين الاستمرار في سرقة السبعين في المئة لأن البديل سيكون سرقة 90 في المئة إذا اعتمد السعر الرسمي في السحوبات.
هذه الزوبعة التي أثيرت عبر تمرد المصارف على القرار من خلال تفسيره بغير مقصده، استدعى تدخل رئيس الجمهورية، الذي ترأس اجتماعاً ضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس، وتقرر على أثره “اعتبار التعميم الرقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ساري المفعول”.

ومن قصر بعبدا، تلا سلامة بياناً أعلن فيه أن مصرف لبنان لم يتبلّغ صورة صالحة عن القرار المذكور للتنفيذ، وبما أن المصرف قد تقدم بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة تضمنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف، فقد تقرر اعتبار التعميم الرقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ساري المفعول، وستعمل المصارف بموجبه. ورداً على سؤال، قال إن “مصرف لبنان ليس مفلساً، وأموال اللبنانيين موجودة في المصارف، وليست لدى مصرف لبنان”. كما نفى أن تكون أموال المودعين قد تبخّرت، مؤكداً أنه “قريباً سنبدأ بإعادتها”.
بعد الاجتماع وما أسفر عنه، خرجت أصوات عديدة تُندّد بنتائجه وما رتّبه من مخالفات قانونية. وهو ما ردّت عليه مصادر القصر الجمهوري، معتبرة أن “رئيس الجمهورية عمل بقسَمه الدستوري، آخذاً في الاعتبار سلامة المواطنين ولا سيما في ظل التطورات التي حصلت بالأمس في الشارع ومنعاً لأيّ استغلال”. وقالت المصادر إن الاجتماع “حقق الهدف منه وهو تعطيل أيّ محاولة لإحداث توتر أو مضاعفات سلبية، وبالتالي ما فعله رئيس الجمهورية لا تجاوز فيه بل هو من صلب مسؤولياته في المحافظة على الاستقرار وعلى مصالح المواطنين وسلامة الأوضاع المالية والاقتصادية، ولا سيما في ظل عدم انتظام عمل المؤسسات الرسمية”.
إلى ذلك، ترأس الرئيس عون اجتماعاً مالياً بحضور حاكم مصرف لبنان، جرى في خلاله التداول في “تأمين تمويل المواد الأساسية المدعومة بالعملة الأجنبية”. وتمت “مقاربة الحلول المتوافرة وفقاً لقانون النقد والتسليف، على أن يجري التواصل بين وزير المالية غازي وزني والحاكم رياض سلامة لهذه الغاية”.
يذكر أن عون كان قد أشار في مقابلة مع مجلّة الأمن العام إلى أن “جريمة الانهيار المالي متشابكة الأطراف، ومرتكبوها كثر، بعضهم ما زالوا في السلطة والزعامة إلى اليوم”. أضاف: هم يستميتون للإفلات من العقاب، وأنا لن أتوانى عن ملاحقة موضوع التدقيق الجنائي إلى النهاية. فخلاص لبنان لن يتم إذا لم يُكشَف عمّن أوصلوا البلاد الى هذا الدرك من الانهيار الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.