تداعيات البطاقة التمويلية-الانتخابية: دولة مفلسة تساعد الفقراء من أموال المودعين الأكثر فقرا

بطاقة تمويلية ام شيك انتخابي مؤجّل غير مهمّ؛ قرار البطاقة التمويلية صدر بعد انتظار طويل وتعديلات على قيمة البطاقة وعدد العائلات التي ستشملهم والطريقة للإستفادة منها، فقد توافق الكل على اقرار البطاقة التمويليّة تحت ضغط ترشيد الدعم والذي يجب ان يترافق معها، الا أن المفارقة ان الحكومة استسهلت مرة جديدة مدّ اليد الى الاحتياطي الالزامي كما فعلت لشراء الفيول للكهرباء ولتأمين المحروقات من البنزين والمازوت، اي انها بمعنى آخر قررت أن تساعد العائلات المُحتاجة من جيوب اخوتهم أصحاب الودائع، الذين أصبحوا مع سائر اللبنانيين في الحال ذاته بفعل احتجاز اموالهم في البنوك بسبب الأزمة المالية، لكن مع الإشارة هذه المرّة الى أن الحكومة تعد أنها ستقترض هذه الأموال لاعادتها! والغريب هنا أن المصرف المركزي يطلب التغطية القانونية وتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة مع العلم أنه مد اليد سابقا الى الاحتياطي الالزامي لديه، ولم يفصل بين أمواله وأموال المصارف وهو يملك هذه الصلاحية ولا يحتاج الى إذن خاص.

الإقتصادي روي بدارو علّق عبر “الجريدة” مصوّبا بأنّ حاكم مصرف لبنان يطلب هنا تغطية سيّاسية وليست قانونية؛ والا ماذا نسمّي ما كان يفعله في السابق؟! وقال: أنا ضد الدعم بالمطلق لأنهم اكتشفوا للأسف بعد سنة ونصف عدم جدوى هذا القرار الّذي أفاد الاغنياء وليس الفقراء، ولا نعرف ممّن نأخذ ولمن نعطي وقد كبّد الدولة مبالغ طائلة لدعم السوريين والنظام السوري.

واستطرد، “أما البطاقة التويلية فكان يجب العمل بها قبل سنة، وأن تكون قيمتها برأيي بين 125 الى 150 دولارا أو ما يوازيها بالعملة الوطنية، على أن تكون متحركة تُعدّل شهريا، وتترافق مع زيادة الحد الأدنى للأجور، مع العلم أن  كل هذا يُعد غير كاف اذا لم نحرر الإحتكارات في القطاعين الخاص والعام، ويظل ايضا غير كاف اذا لم يتأمن الاستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي لأنّ الآفاق ستظل مقفلة والإستثمارات غائبة، وهنا تجدر الأشارة الى أنّ الكلفة الإقتصادية العالية جدا التي يدفعها لبنان مباشرة أو غير مباشرة هي نتيجة لخياراته السياسية.

وبالعودة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أوضح بدارو: أن لديه الصلاحية بموجب قانون النقد والتسليف لأنّه كان قرر خفض الاحتياطي الالزامي الى 15 مليار دولار في حين كان يجب ان يبقيه 25 مليار دولار، وهو يتحمل المسؤولية لأنه ما كان يجب أن يكمل في هذه السياسة، خصوصا حين اصبح الاحتياطي الصافي للعملات الأجنبية سلبيًّا والذي يشمل فقط أموال المودعين، وحين أصرّ على تثبيت  سعر صرف الليرة مقابل الدولار. اما المسؤولية الأكبر فتقع على عاتق الدولة والسياسة الانفلاشية التي اتّبعها وزراء المال المتعاقبين حيث مورس البذخ على حساب المودعين. وخلص بدارو الى ان الغباء وسوء الادارة اوصلونا الى هذا الدرك ولا أرى حلا الا “برحيلهم” جميعا.

اما المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية فتحدّث عبر “الجريدة” عن الوضع القانوني لتمويل البطاقة، معتبرا أن الأصول كانت تقضي بأن المراسيم، باستثناء عدد محدد منها، تصدر من قبل مجلس الوزراء مجتمعا كما نص الدستور الجديد لعام ١٩٩٠، وبالتالي ما صدر من موافقات استثنائية في المرحلة الراهنة عن رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال، وان كان سيتم تسويتها بمجلس الوزراء عند انعقاده، يُجانب الدستور. مضيفًا أنّ أي مساس بأموال المودعين هو غير قانوني وغير دستوري ومعرّض للطعن لو كانت هناك جهات فاعلة للمراجعة أمامها، كما أنّه يرتقي لحدّ الجريمة التي يتوجب محاسبة المسؤولين عن ارتكابها. واستغرب تحميل جزء من الشعب (المودعون) الذين جنوا أموالا مشروعة، إخفاقات مسؤولين أثروا إثراء غير مشروع على حساب اللبنانيين وتحميلهم حاجات جميع الناس. لماذا؟!.

 

كوثر حنبوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.