استشارات الإثنين غير مضمونة… من هو المرشّح “الأوفر حظًا”؟!

قبل أيام قليلة من الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، لتكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة، خلفًا لمصطفى أديب وسعد الحريري، لعلّ “الثالثة تكون ثابتة”، تبدو الصورة العامة في البلاد “ضبابيّة”، في ضوء غياب أيّ معطيات عن توافق ممكن على شخصيّة رئيس الحكومة العتيد.

فمنذ “اعتذار” الحريري عن استكمال مهمّته، بعد لقائه الأخير مع الرئيس عون، لم يطرأ أيّ جديد على المشهد، وبقيت المواقف تراوح مكانها، وجاء عيد الأضحى بكلّ استثنائيّته وكآبته هذا العام، ليجمّده، رغم الحديث عن اتصالات “نشطة” خلف الكواليس، بين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل و”حزب الله”، وبين غيرهما من الأفرقاء، لا يُعتقَد أنّها أفضت، أو حتّى ستفضي إلى شيء ملموس في القريب العاجل.

ومع أنّ المحسوبين على رئيس الجمهورية يؤكدون أنّ موعد الإثنين “نهائيّ”، وأنّ الرئيس أراد من خلاله “الضغط” على الأفرقاء السياسيين عبر “تقييدهم” بمهلة زمنية محدودة للتشاور، ولا سيّما أنّ المرحلة لا تتحمّل أيّ مماطلة أو تمييع، بعدما ضاع أكثر من نصف “العهد” في فراغٍ لا تُحمَد عقباه، إن جاز التعبير، ثمّة من يجزم سلفًا بأنّ استشارات الإثنين لن تجري، وإن جرت، فهي لن تفضي لتسمية أيّ رئيس حكومة.

ولعلّ ما يعزّز هذا الاعتقاد يتمثّل في وجود “اختلاف” في وجهات النظر والمقاربات حتى بين “الحلفاء والأصدقاء”، يبدو أنّه لا يزال قائمًا، فرئيس “التيار الوطني الحر” مثلاً يبحث عن رئيس حكومة “متحرّر” من كلّ القيود، ولو سُمّي في بعض الأوساط “مرشح مواجهة”، لا سيّما أنّ المطلوب هو التعويض سريعًا عمّا فات، والذهاب إلى تجربة جديدة تحقّق تطلّعات “العهد” وأجندته، بعيدًا عن كلّ أنواع الضغوط.

وفيما يوحي هذا التوجّه ببحث فريق “العهد” عن “حسان دياب 2″، إن جاز التعبير، وربما بوجه “استفزازيّ” أكثر من رئيس حكومة تصريف الأعمال، يصرّ “حزب الله”، من خلف رئيس مجلس النواب نبيه بري، على “تحريم” تسمية أيّ رئيس حكومة لا يحظى سلفًا بتأييد، وربما “مباركة”، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ومن خلفه سائر زملائه في نادي رؤساء الحكومات السابقين، ومعهم المجلس الشرعيّ الأعلى، حتى يحظى الأخير بـ”غطاء” الطائفة.

وبانتظار “تسوية” هذا الخلاف، ثمّة الكثير من الأسماء التي تُرمى في “البازار”، بعضها للاستهلاك الإعلامي، وبعضها للحرق، وبعضها ربما لـ”جسّ النبض”، لكنّ أيًّا منها لا يحظى بالجدية، علمًا أنّ ما لفت الانتباه تمثّل بـ”الترويج” لروايات عن اتجاه باسيل لدعم السفير نواف سلام، ما أثار الكثير من علامات الاستفهام، لا سيما في ظلّ “شبه فيتو” مفروض على الأخير من جانب “حزب الله”، ولو أنّ البعض يتحدّث عن أنّ قيادة الأخير باتت “أكثر مرونة” تجاهه.

وبعيدًا عن سلام، تتنوّع الأسماء المتداولة في “البورصة الحكوميّة”، ومنها على سبيل المثال رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي باعتباره “مرشح الحريري”، ولو كان يرفض تقديم أيّ “تنازلات” أسوة بالمرشح “المعتذر”، وكذلك النائب فؤاد مخزومي الذي لا يزال “طامحًا” للمنصب، رغم أسهمه “المنخفضة”، إضافة إلى النائب فيصل كرامي، الذي يقول البعض إنّه “المرشّح الجدّي الفعلي” لـ”العهد”، والذي قد يلقى “القبول” لدى خصومه.

لكن، حتى الآن، لا يبدو أنّ أيّ توافق سيكون “قريب المنال”، علمًا أنّ هناك من يروّج لـ”سيناريو” يقوم على “توزيع أدوار” بين “الوطني الحر” و”حزب الله”، بحيث يذهب كلّ منهما إلى الاستشارات، إن حصلت، باسم مختلف، بما يخدمهما في السياسة، ويمنحهما هامشًا أكبر من “الحرية”، وبحيث لا يتمّ “حسم” الاستشارات في الجولة الأولى، وذلك ريثما يتمّ “التوافق” بينهما في مرحلة لاحقة على اسم واحد وموحّد.

إزاء كلّ ما سبق، ومع أنّ الفترة الفاصلة عن موعد الاستشارات يمكن أن تحمل “المفاجآت”، وهو ما حصل سابقًا، حين ظهر اسم مصطفى أديب مثلاً عشيّة الاستشارات، وقبل ساعات معدودات من موعدها المفترض، يبدو أنّ “المرشح الأوفر حظًا” سيكون، حتى إثبات العكس، هو “التأجيل”، علمًا أنّ محسوبين على رئيس الجمهورية لا يستبعدون هذا الخيار، في حال طلبت كتلة نيابية ذلك، كما حصل سابقًا، عندما أرجأ الاستشارات بناء على “تمنّي” كتلة الطاشناق.

إلا أنّ هناك من يقول إنّ خيار “التأجيل” لا يمكن أن يدوم “إلى ما شاء الله”، لأنّ “العهد” بات أكثر المستعجلين لتشكيل الحكومة، التي يريد منها “حفظ خط الرجعة”، بعدما بات متَّهَمًا بـ”الإضرار” بنفسه، ولا سيما أنّ “البديل” الوحيد، الذي يفضّله ربما، وهو “تفعيل” حكومة تصريف الأعمال، لا يزال يصطدم برفض رئيسها حسّان دياب المُطلق، و”تصلّبه” في موقفه هذا، في سياق ما يسمّيه البعض “مسايرة” رؤساء الحكومات السابقين.

وإذا كان الإثنين لناطره قريبًا، فإنّ “الانهيار” يبدو أقرب، وقد انعكس بوضوح على أجواء عيد الأضحى، التي خلت من أيّ بهجة مفترضة، ما يتطلّب من السياسييّن حسًّا أعلى بالمسؤولية، بعيدًا عن كلّ المصالح الفئوية الضيّقة، لأنّ المراوحة لم تعد تنفع، والمطلوب إحداث “صدمة ما” قد لا يكون ممكنًا المضيّ إلى الأمام من دونها…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.