الاديبة والاعلامية الكبيرة صونيا بيروتي في ذمّة الله

رحلت الاديبة والاعلامية الكبيرة صونيا بيروتي بعد ظهر اليوم، وسيحتفل بالصلاة لراحة نفسها بعد ظهر غد في كنيسة سيدة المعونات في حارة صخر.
وكان ارتبط اسم الراحلة بشاشة تلفزيون لبنان حيث كانت من أبرز الوجوه التي ظهرت عبره في تقديم البرامج وإجراء الحوارات.

سونيا بيروتي واسمها الكامل سونيا عون بيروتي هي صحفيّة وكاتبة لبنانيّة، عملت في عددٍ من الصحف والجرائد المحليّة في لبنان وعلى رأسها كما أصدرت عددًا من الكتب والروايات لعلَّ أبرزها «مطاحن الطائفيّة» الذي تحدثت فيهِ عن الطائفية في لبنان وكيف كانت سببًا مباشرًا في الحرب الأهليّة في لبنان، فضلًا عن رواية «حبال الهوا» الذي تطرقت فيه لوضع النساء عامّة والنساء اللبنانيات خاصّة من خلال قصّة 24 سيّدة وكيف عشن حياتهنّ بين سعادة وحزن وألم وفراق وتشتت.

وُلدت سونيا في منطقة الأشرفية وهناك عاشت السنوات الأولى من حياتها وطفولتها. تزوجت سونيا مرتين: المرة الأولى حين كانت طالبة جامعيّة فتزوّجت من بشارة بيروتي الذي سافر بعد فترة قصيرة إلى ألمانيا لمتابعة تحصيله العلمي ثمّ انفصل الاثنان بعد خمس سنوات بسبب هذا البُعد. تزوَّجت سونيا لاحقًا إحسان شاتيلا.

تنتمي سونيا بيروتي لعائلة مثقفة كما تقول، ومنهم اكتسبت حبّ قراءة الكتب والصحف والمجلات وهو ما ساعدها كثيرًا في الكتابة فبدأت من الشعر ثمّ جرَّبت في وقتٍ ما القصص.

بدأت سونيا بيروتي مسارها المهنيّ في مجال الصحافة وتحديدًا في «دار الصياد» التي كتبت فيها عشرات المقالات والتحليلات والمتابعات الإخباريّة. انتقلت في فترة الستينات للعمل في تلفزيون لبنان حيث بدأت في إجراء أحاديث ثقافية واجتماعية كما قدَّمت مجلة تلفزيونية تدورُ حول المعارض والأمسيات الشعرية وصولًا إلى مشكلات انقطاع المياه والمدارس.

تركت سونيا في وقتٍ ما «دار الصياد»، لكنها عادت إليها أكثر من ثلاث مرات لاحقًا، وحين صدرت مجلة «الحسناء» كُلّفت سونيا بإدارة تحريرها، وهو ما فعلت بفضلِ الأفكار الكثيرة التي كانت تملكها عن تحرر المرأة مثل سيمون دو بوفوار وغيرها. تحوَّلت هذه الأفكار مع الوقت إلى الكلام والحديث عن الأزياء والطبخ لإرضاء المعلن والإعلانات والممول كما ذكرت سونيا لاحقًا، وأكَّدت أنه كلما تكلمت في الجريدة عن حقوق المرأة تظهر كأنها نخالف القوانين السياسية والشريعة وهو ما اضطرّها للانسحاب من الصحيفة والعودة في فترة السبعينات إلى دار الصياد فعملت في مجلة «الصياد» وجريدة «الأنوار».

بدأت سونيا في أول الثمانينات الكتابة في مجلة «فيروز» التي كانت مجلّة رائدة في التحرير والطباعة في العالم العربي. صدر لسونيا بيروتي عددٌ من الكتب لعلَّ أبرزها كتاب «مطاحن الطائفيّة» وهو بمثابة شهادة جمعت فيه الكاتبة اللبنانيّة تجاربها الحياتية خلال الحرب اللبنانيّة حيث الطائفية هي سبب كل علة وهي التي تُهدد بحروب آتية كما روت في كتابها.

صدر للصحفيّة اللبنانيّة كتابٌ آخرٌ بعنوان «حبال الهوا» عن مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع في 248 صفحة. ضمَّ الكتاب قصص أربع وعشرون سيّدة كأنها قصة واحدة لامرأة واحدة هي كل النساء. يحكي عن نساء يهربن إلى الجمال إلى الصبا إلى الحلم إلى الضعف إلى الأمومة، إلى العلم، إلى العمل، إلى الحب، ويكتشفن في لحظة من عمرهنّ أنهن يهربن إلى وهم. بعضهن تسلّح بقوة الإرادة بالمركز الاجتماعي بالعلم بالمال بالمهنة. وتصوّرن أنهن ينسجن خيوط قدر جديد ويخترقن أسوار أوضاعهن النسائية. ويكتشفن في لحظة ما من عمرهن أنهن يغزلن، حبال الهواء. لم تتعمّد سونيا إظهار الوضع النسائي على أنه مأساة ولا تُبالغ في حبك الحدث الدرامي، كما رأى بعض النقاد، بل هي تفتحُ في حياة المرأة أبواباً مغلقة على أجواء حميمة، بلمسات هادئة تكشف بعض الستائر عن بعض الواقع النسائي.

ترى سونيا بيروتي أنَّ على الصحافي أن يقرأ كل شيء، ويستعلم عن كل شيء ولا يشعر بالتعب أبدًا، بل أن يتميَّز بالفضول والقدرة على التعلم والتجدد وأن يترقى بالأفكار الطليعية حتى ينجح. ترى سونيا أنَّ أهمَّ شيءٍ في الصحافة المكتوبة هو أن يُصبح الكاتب مألوفًا لدى القارئ وأن يلتقيه في كل عدد، أي أن يكون هناك رابط فكري بين الكاتب والقارئ.

أبرز أعمال الكاتبة والصحفيّة اللبنانيّة سونيا بيروتي: مطاحن الطائفيّة، حبال الهوا، مواعيد مع البارحة ومدار اللحظة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.